النعي الباهض لعزيز الساعدي
:
نشرت صورة (كارتونة)صغيرة مع تعليق تمنيت ان يعلق عليه مثقفونا بمختلف حقول الثقافة التي يشتغلون بها، وكان النص الءي ارفقته مع الصورة هو:
بمبادرة من الزميل جاسم عايف وبخط يدي تم تعليق نعي صغير للكاتب والمحامي عزيز الساعدي في مقهى الادباء بعد ان وافاه الاجل المحتوم في 27 شباط 2016 .. نامل من الجهات الثقافية تعليق لافتة نعي وفاء لعنصر فاعل وعضو عامل في العديد منها..
وقد علق الزميل جاسم العايف على الموضوع:
تنويه لابد منه:
صباح اليوم الأثنين والموافق 1 شباط 2016 دلفنا د.سلمان كاصد والناقد خالد خضير الصالحي وأنا الى مقهى الأدباء; ولم نجد نعياً مناسباً للراحل الزميل الكاتب واالناقد المسرحي; عزيز الساعدي من أية جهة كانت على جدار المقهى.. فعملنا على إعلان رحيله .. للعلم لطفاًً.
لقد استفزتني انا خالد خضير الصالحي القضية كلها واهم ما استفزني منها الصمت الذي جوبهت به وفاة الساعدي وجوبه به النعي (الصغير) فكتبت:
ونحن نتساءل ما الذي تقدمه المنظمات (الثقافية) لاعضائها ان لم تكلف نفسها اقل من دولار ثمن نعي احد اقدم اعضائها… لقد اقترحت يوما ان اكلف احد الاصدقاء بخط لافتة نعي باسمي عند وفاتي كما فعل حنا مينا بكتابة مقال نعيه، او ان اكتب اللافتة واضعها امانة لتعلق عند وفاتي.. هل ساكون حنا مينا اخر او مالكا ابن الريب؟؟؟ وهل سيكون هذا اخر احتجاجاتي ضد واقع افضل مافيه شديد السوء..
(ان اي تشابه بين قصتنا هذه وبين اي منظمة ( ثقافية) او (مجتمع مدني) هي محض صدفة فيشهد الله اني لم استهدف اتحادا كان الرجل عضوا قديما فيه او نقابة قدم فيها ولها العديد من المساهمات او تجمعا قدم فيه العديد من الفعاليات او جريدة كتب فيها عشرات المقالات مجانا، او ربما حزبا لا اعرف ان كان منتميا لحزب او لا، اقول اتي لم اقصد جهة ما ولكني اعترف اني قصدتها كلها مجتمعة، كما اني انوي ان اترسم خطى حنا مينا حينما كتب نعيه بيده كما انوي ان اخطه على لافتة واضعه امانة عن احد الزنلاء ليعلقه بعد رحيلي وبذلك اكون مترسما خطى حنا مينا ونالك بن الريب، مسجلا اخر احتجاجاتي ضد واقع افضل مافيه بالغ السوء)…
ومن حسن الصدف ان يكتب الشاعر سلمان داود محمد مقالا يلمس الموضوع ذاته من زاوية التقاك مهمة نقتبسه هنا للفائدة:
الحدث ( الثقافي ) الأبرز
***********************
سلمان داود محمد
من التقاليد الإشهارية التي تعتمدها وتعمل عليها الصحافة الثقافية في بداية كل عام جديد هي تلك الإستطلاعات الواسعة التي أفردت لها المجلات والصحف مساحات إستثنائية ومديدة من متونها ، وكذلك القنوات الفضائية التي خصصت الوقت الشاسع من بث برامجها الثقافية على غير العادة قياساً بطريقتها المعهودة في إعتماد فكرة ( المختصر الثقافي ) في تغطية الجهد الثقافي طيلة أيام السنة الفائتة ، هذه الوسائل ( الإعلامثقافية ) وغيرها تتبارى عادة على تسلط الأضواء على الإحداث الثقافية في مضامير الفنون والآداب والمعرفيات والأسماء البارزة في تخليق هذه الوقائع ومدى تأثيرها على مساحة التلقي العامة عبر المنتوج الثقافي المتمثل بإصدارات الكتب ومهرجانات الشعر والرواية والنقد والجوائز ومؤتمرات الفلسفة ومعارض الفن التشكيلي وملتقيات المسرح الحداثي والسينما الجديدة والغناء الأوبرالي ، والندوات المرافقة على تثمين هذا المنتوج كله نوعاً وتنويعات .. تجاوراً مع أحداث ثقافية أخرى تبدو أقل إشراقاً وأكثر ضرراً تتمثل بالتكفير الثقافي وإحالة ( المؤلف ومؤلفاته ) الى المحاكم الشرعية والحكومية فضلاً عن إستطالة مخالب الرقابة الرسمية في إقتلاع بعض الكتب من قاعات المعارض الدولية للكتاب بذرائع شتى لا تمت بصلة ما للثقافة بوصف الأخيرة سمة من سمات تهديد
( الأمن القومي !! ) كما ترى الدول المضيفة لهذه المعارض ومنظميها الذين تغافلوا عن ظاهرة إتساع رقعة البث الإلكتروني ( النت ) وتوغلها في كل بيت وموبايل ومرفق مجتمعي الأمر الذي مكّن القارئ ويمكنه في كل حين وبلا حواجز من الحصول على الكتب الرقمية ( والمحظورات منها بالطبع ) بيسر وتثقيف بلا مقابل … أما الحدث ( الثقافي ) الأبرز الذي يبعث على الأسى المرير والشعور الممض بالخسارة هو
( موت المثقف ) قتلاً واعتلالاً وكمداً في وضح الأوساط والمؤسسات والمنظمات المعنية بالشأن الثقافي التي لا تجيد سوى المواساة ( البروتوكولية ) التي لا تتجاوز قيمتها إكليل ورد صناعي باهت وبضعة دنانير مصابة بفقر الدم والقيمة بإزاء المعتلين من المثقفين ، والمحاباة الماكرة للقتلة على حساب المقتولين منهم طبعاً والإكتفاء بتعليق لافتات التعزية المهلهلة وتلفيق الندوات التأبينية التي غالباً ما تندرج تحت شعار ( إذكروا محاسن موتاكم !! ) وانتهى الأمر، ناهيك عن الإهمال الشنيع لشريحة ليست قليلة من المثقفين الذين أنهكتهم الحاجة والعوز والإنتظار على مصطبة الموت الأكيد إن لم يهرع
( ولي الأمر الثقافي ) الى إنقاذ ما تبقى من الأركان الثقافية التي يستند عليها البلد تلافياً لأي إنهيار قادم وشامل ، وكي لا يكون الموت هو الحدث الثقافي الأبرز في حياتنا الثقافية في ذاك العام وهذا العام وفي كل عام …
بغداد – العراق