“العملُ عبادة” مقولةٌ نفهما بالخطأ!
حيدر حسين سويري
قبل أكثر من عشرين سنة، صرحت في جلسةٍ مع بعض الأصحاب، أن الإنسان لم يخلق للكد والتعب، والركض وراء كسب القوت، ويستطيع بل يجب عليه الخروج من هذا القيد، فبدا الإستغرابُ واضحاً لدى أصحابي، وأنكروا عليَّ قولي هذا.
فالشيوعي منهم بدأ يتكلم عن فضل العمل والطبقة العاملة، ما يعرفه جميعنا، والإسلامي لم يجهد نفسه في مناقشتي، وإكتفى بقوله: إنك تخالف صريح القرآن والسنة، فالقرآن يكرر”إعملوا” والسنة تقول”العمل عبادة” و”من بات كالاً من عمل يديه بات مغفوراً له”!
وسكتُ عندما رأيت أن لا مستمعَ لكلامي، فهؤلاء الذين تحدثوا عن الطبقة العاملة لم يكونوا منها، وإنما تعجبهم الشيوعية لأنهم يرونها تدعوهم إلى الإنحلال الخُلقي وترك الدين، وأما الإسلاميين فكانوا يأخذون أحكامهم الشرعية مني، كوني أتصل بالمجتهدين، وهم يخافون أن يتصلوا بهم، فلعل جهاز الأمن الصدامي يعتقلهم ويعدمهم، وهذا كذب! وإنما هم يأخذون من الدين ما يطابق أهوائهم.
أنا اليوم أتكلم، فمن شاء فليسمع ومن شاء أن يضع أصابعهُ في أُذنه فاليفعل، فالتطور التكنلوجي سهّلَ لنا فهم كثير من نظريات الفلسفة، تلك الآراء التي توصل لها الفلاسفة والحكماء، ومنها رأيي الذي ما زلت أُصر عليه، فالإنسان أعظم من أن يُمتهن، وأعظم من أن يعيش لأشباع غرائزه.
اليوم نشرت المواقع الخبرية، أن اليابان فتحت فندقاً، جميع موظفيه من الربورتات(الإنسان الألي المبرمج)، وفي المستقبل القريب ستقوم هذه الربورتات بالزراعة وتشغيل المصانع وخدمات الزبائن وإدارة جميع شؤون الحياة اليومية، حينها ماذا سيكون عمل الإنسان!؟
أليس المتعة والراحة!؟ وهي الجنةُ التي وُعد المتقون!؟
“العمل عبادة” لكنَّ ” العبادة عملٌ” أيضاً، فإذا كان المقصود بالعمل إستخدام الأعضاء، ففي العبادة يتم إستخدام الأعضاء، فهي عمل وفق هذا المفهوم، وإذا كان المقصود من العمل التفكر، فالعبادة تفكر حيثُ جاء في الحديث”تفكر ساعة خيرٌ من عبادة سبعين سنة”.
أعتقد أن ما أُريد من هذه العبارة، أن يكون العمل قربةً وتقرباً إلى الله، سواءً كان ذلك بإستخدام الأعضاء الخارجية أو التفكر، وأفضلها التفكر، فإنما يبلغ الإنسان المراتب العليا والسمو بواسطة التفكر.
بقي شئ…
إن أكثر ما وصفته الكتب السماوية من الجنان، إنما هي جنان دنيوية وليست أُخروية، والجنان الدنيوية ستصل إليها العلوم التكنلوجية الحديثة، عاجلاً أم آجلا.