الشعب الكوردي وجنوب السودان ومقاطعة كيبك والطلب الفلسطيني
سالم أسماعيل
ما ذنبنا إننا كورد ولنا لغة وتراث وثقافة خاص بنا ،ولنا مشتركات مع الآخر ،وما ذنب الآخر كونه يمتلك لغة وتراث وثقافة خاص به وله مشتركات مع الآخر ،هل المطلوب أن نذوب جميعا في العنصرية وسياساتها مثل ما كان يحصل من سياسة التتريك أيام الإمبراطورية العثمانية أو سياسة الفرنسة كما كان يمارس وبشكل جلي في أفريقيا أو سياسة التعريب ،هل كنا في يوم ما جميعا نتكلم لغة واحدة أم خلقنا شعوب وقبائل لنتعارف أنظر القرآن الكريم…وإذا زلزل وبلبل لغتنا فمتى حصل وكيف ؟؟ولا يزعجني كما ينزعج البعض بل يعجبني ما نحن عليه اليوم من لغات شتى وثقافات متنوعة وتراث وباختصار كل يعتز بما لديه ويحترم ما لدى الآخر باستثناء من يحمل فيروس إلغاء الآخر . …فقال الله :إن كانوا وهم شعب واحد يتكلم لغة واحدة ،قد بدءوا بعمل هذا “المدينة والبرج اللذين كان الناس يبنونها”،إذن فلن يصعب عليهم عمل أي شيء آخر ينوون عمله ،فتعالوا نزلزل ونبلبل لغتهم لكي لا يفهم بعضهم كلام بعض ،فشتتهم الله من هناك في كل الأرض فتوقفوا عن بناء المدينة ،لذلك سميت بابل لأن الله بلبل لغة العالم كله هناك .ومن هنا شتتهم في جميع أنحاء العالم)من كتاب الشريف-التوراة والإنجيل سنة2007 بيروت-لبنان صفحة10 .فلم بعد يصر البعض إلغاء ومحاربة الآخر؟! وإذا وضعنا بديهية وقلنا لكل شعوب الأرض الحق في تقرير مصيرها ،وانطلاقا من نفس البديهية يكون للشعب الكوردي ذات الحق،يحق له ما يحق لغيره من الشعوب ،وحين يسمع البعض هذا الكلام من السياسيين العراقيين يقولون لم لا يعلن الكورد استقلالهم عن العراق ويكونوا دولتهم . فنقول لهؤلاء و لسنا منتمين لأي حزب كوردي سياسي على الساحة العراقية وشرف أن ينتمي المرء لحزب من خلاله يخدم أمته ،إن الاستقلال قضية أكبر من نوايا وإمكانيات ورغبات فرد مهما كان هذا الفرد وإذا جاءت اللحظة المناسبة الشعب هو الذي يقرر مصيره ويعجز الآخر وفي أي منصب كان الوقوف بوجه تطلعات أمة ولنا تجارب في هذا العصر خذ مثلا دولة جنوب السودان التي تهيأت الظروف الدولية لقيامها وبالمقابل خذ تطلعات الشعب الفلسطيني التي لم تتوفر إلى الآن الأرضية الدولية المناسبة لمجرد إن تعلن الدولة الفلسطينية كامل عضويتها في الأمم المتحدة مع إن القيادات الفلسطينية والشعب الفلسطيني تواق لهذا الانضمام مع العلم إن دول عديدة ومنها عربية وإسلامية والعديد من دول العالم تؤيد هذا التوجه بل وهناك شخصيات أمريكية يحذر من رفض الطلب الفلسطيني ولكن الأمر لم يصل إلى حد قبول العضوية . لو حصل الفلسطينيون على العضوية الكاملة على حدود 1967 هذا يعني إن كل الأراضي التي تسيطر عليها(إسرائيل)في هذا الحدود تعتبر محتلة باعتراف دولي صريح وإن كان تثبيت الحدود (1967)فيه تنازل فلسطيني صريح عن أراضي كثيرة في حدود 1948 كانت مقرة للفلسطينيين ،هذا الموضوع الآن ليس المقصود لكي نتوسع فيه بقدر ما أردنا توضيح مسألتين ،الأولى جنوب السودان وإعلان دولة والأخرى تعثر انضمام فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة . كل من لا يريد تفكك العراق عليه أن يعمل بهذا الاتجاه من خلال بناء دولة على أسس سليمة ،دولة لا تهمش الآخر وتبتعد عن أساليب الأمس لإيصال الكورد لتصويت للبقاء ورفض الاستقلال لو استفتوا بالبقاء مع العراق أو إعلان الاستقلال وهذا الأمر لا يقرره كاك مسعود ولا مام جلال وإنما الشعب الكوردي حين يسنح له الفرصة ليقرر قد يعمل قادة الكورد لتحشد الجماهير باتجاه طلب الاستقلال إذا كانت الأمور تستوجب ذالك أو باتجاه البقاء مع عدم الانفصال ولكن أكيدا الذي يقرر هو الشعب وقناعاته وقدرته في اختيار الأنسب له ولدينا في جنوب السودان أنموذجا وفي كبك أنموذج آخر فالشعب في النموذج الأول صوت للاستقلال بنسبة مشاركين في التصويت99.62%،نسبة الأصوات للوحدة1.17%ونسبة الأصوات للاستقلال عن الشمال98.83% وفي الثاني صوت للبقاء حيث جرى الاستفتاء 1995 وكانت نتيجة التصويت لصالح البقاء وبقاء المقاطعة مع الاتحاد الكندي بنسبة50.6% ونسبة49.4%مع الأستقلال والنموذج الأول له أسبابه في قراره والنموذج الثاني له أسبابه في قراره في النموذج السوداني حثت أطراف دولية وعملت باتجاه الانفصال وفي الثاني الكيبك عملت وحثت أطراف للبقاء مع الاتحاد الكندي مثل أمريكا وفرنسا(كبك أكبر المقاطعات الكندية الناطقة باللغة الفرنسية من جانب لغتها وثقافاتها ومؤسساتها،فأنه يشكل دولة داخل كندا وتقع شرقي كندا تلعب القومية دورا بارزا وكبيرا في السياسة في المقاطعة) . فلا يخرج علينا بين فترة وأخرى من يطلب من الكورد إعلان الاستقلال فهو ليس أحرص من الكورد على الكورد ونقول لمثل هؤلاء لو سارت الأمور باتجاه الاستفتاء لتقرير المصير وهو حق وليس منة من أحد لا يستطيع التحكم في نتائجه إلا الحقائق على الأرض. وبشكل أوضح نحن ماذا نريد قوله في هذا الموضوع ؟ نريد توضيح بين الأسباب والنتائج ،لذالك نقول الأسباب أو الأصح جملة أسباب أدت إلى أن يقرر شعب جنوب السودان حين فسح لهم الفرصة نتيجة لتوفر عوامل دولية لتقرير مصيرهم قرروا الانفصال عن شمال السودان وحصلوا على التأييد الدولي ،وجملة أسباب أدت إلى أن يطلب الفلسطينيون من خلال من يمثلهم من الأمم المتحدة الحصول على العضوية الكاملة فيها إلا إن العامل الدولي إلى الآن لا يساعدهم في تحقيق ما يصبون أليه من هدف ،وفي كبك حين فسح المجال لهم لتقرير مستقبلهم ومصيرهم أسباب عديدة دعتهم إلى البقاء ضمن الدولة التي هم فيه وإن كان بنسبة ضئيلة. في العراق حين وصل الأمور إلى ما وصل إليه الوضع أدت أسباب عديدة نتيجة لتعامل النظام مع شعبه بشكل سيء إلى العزوف عن القتال وترك النظام يواجه مصيره الأسود مع قوة عبرت المحيطات والبحار لإسقاطه لأن تلك القوة علمت بأن الشعب قد وضع من قبل النظام في معادلة قاسية أما الدفاع عن الوطن وبقاء الدكتاتور أو التخلي عن النظام والعزوف عن القتال ودخول القوات بيسر لإسقاط النظام وتحمل نتائج ذلك السقوط الذي جاء على شكل فرح ممزوج بالمرارة ،فالأسباب أدت إلى تلك النتائج . يقدم الآخر(في كل الدول التي ألحقت بها أراضي كوردستان بعد الحرب العالمية الأولى1914-1918 )الأسباب لجعل الشعب الكوردي أن يعلن الانفصال حين يسنح له الفرصة ،الشعب الكوردي وليس مام جلال وكاك مسعود (أو غيرهما في باقي أراضي كوردستان)فهما وغيرهم قد يحركوا كثير من الأمور ولكن الإنجازات العظيمة من صنع الشعوب ،فكل شيء لا يجوز اليوم قد يكون غدا من الممكنات وعلينا أن نعمل بطريقة كي لا تفاجئنا الغد بنتائجها فهي تأتي على ضوء الأسباب التي سبقتها وقيام الدولة الكوردية ليس محالا فهو يكاد أن يكون الوحيد شعب بلا حكومة خصوصا إذا علمنا بأن في جوارنا دول لا تمتلك مقومات الشعب الكوردي إلا إنها في قاموس الدول هي دول ولها أعلامها ونشيدها وهي محمية ليس بإمكانياتها الذاتية ،وشعوب لها ملوكها ولكنها دول قائمة بالطريقة التي هي بها قائمة وإمكانيات الشعب الكوردي ومقومات قيامه أكثر بكثير من شعوب في المنطقة قامت لها أعلام في المحافل الدولية كدول قائمة وإلى الآن الشعب الكوردي يناضل لحصوله على حقوقه سلميا في إطار الدول التي ألحقت بها يقابل بالمدفعية والطائرات وهم بهذا العمل يقدمون الأسباب لنتائج مستقبلا لا تخدم مصالحهم كما فعل النظام في العراق وجرب السلاح وقدم للعراق اتفاقية خاسرة إلى اليوم نعاني من بنودها ألا وهي اتفاقية جزائر سيئة الصيت1975. أنا شخصيا تواق إلى رؤية الدولة الكوردية ولا يكفيني كطموح الحقوق الثقافية والديمقراطية إلى الحقوق الإنسانية والاجتماعية واللغة والحكم الذاتي ولا الفدرالية ولا الكونفدرالية وهي رؤيتي الشخصية ولا أعلم بالضبط كم من الكورد يشاطرني هذه الرؤية لأن أجراء استفتاء لبيان هذه النتيجة غير متاحة الآن وجنوب السودان حين أعلنت دولتها لم يؤثر أصوات قادتهم بالنتيجة فالقادة هم قلة قياسا إلى الشعب فالشعب هو من يقرر التحولات العظيمة إذا توفرت لها الفرصة أو استطاعت خلقها والشعب حين يسلك طريقه لن يسمح لأحد أن يدله على الطريق ،لقد سار الشعب الكوردي على حقول الألغام مجبرا وتعرض للقصف بكل الأسلحة ومنها المحرمة وذاق الهجرات القسرية بالملايين شيوخا ونساء وأطفال وفارق الحياة أعداد منهم في هذه الرحلة الشاقة صوب المجهول من بطش الأنظمة وقصف مدنه بالأسلحة المحرمة دوليا وتعرض لعمليات الأنفال والترحيل والقصف بالطائرات والمدافع ومثل هذا الشعب لا ينسى المآسي ولا يرفع الراية البيضاء بل ظل يحمل الراية الكوردية . يقول جواد ملا في كتابه (البارزاني وكيسنجر والدولة الكوردية ) …سألني مخرج الفيلم البريطاني السيد نايجل باركر” ” Nigel Barker هل تستطيع أن توصف اللاجئ الكوردي ؟فقلت له :هنا في أوربا لاجئين من جميع أنحاء العالم وجميعهم عندهم جوازات سفر مكتوب عليها جنسياتهم وكذلك لهم دولهم القومية ما عدا الكوردي الذي لا يحمل جوازا كورديا وليس له دولة قومية خاصة به،أما الكلاب والقطط في بريطانيا فنجد في رقبتها حلقة معدنية معلقة مكتوب عليها بأن هذا الكلب من فصيلة كذا وهذه قطة من نوع كذا إلا أن الشعب الكوردي الذي يبلغ 40مليون نسمة واليوم هو أكثر من هذا الرقم لا يملك وثيقة تقول بأنه كوردي وبذالك إننا نحن الكورد لم نتوصل بعد إلى مستوى الكلاب والقطط في بلادكم .فقال السيد نايجل إنه أروع تصوير وسأضع هذا الوصف في الفلم الذي سوف يحرك المشاعر الأوربية إيجابيا …لقد اتصلت والكلام ل جواد ملا من نفس المصدر أعلاه عدة مرات مع منظمات حماية الحيوان في أوربا وقلت لهم بأن الإنسان الكوردي يواجه الإبادة ككثير من الأجناس الحيوانية فقالوا لي نعم صحيح ما تقوله ولكننا ندافع عن الحيوان فقط فقلت لهم فأيهم أهم فقالوا لي طبعا الإنسان أهم ولكننا ندافع عن الحيوان لأنه لا يملك لسانا ليقول معاناته. رحل النظام في 9 /4/2003 ولكن لم نتخلص من منهج ونهج الأمس بشكل جذري ولم نتخلص من عقلية الأمس بشكل جدي يقول صديقي الكوردي الفيلي قال لي سائق التاكسي من أي الأكراد أنت؟فأجبته أنا كوردي .فقال أعلم هل أنت كوردي أصيل أم كوردي فيلي! فقلت له وهل أنت عربي أصيل أم غير أصيل؟فأجابني وهل هناك عربي أصيل وغير أصيل؟! قال إنما أنا أسأل كما سألت فلم الغرابة. نحن الكورد ننحني أمام مواقف كل الشرفاء في العالم ومنهم العرب والفرس والترك وبهذا الصدد نقول :لقد منح النظام التركي جائزة “أتاتورك”التي تعتبر الجائزة الأولى في تركيا إلى رمز الحرية في العالم السيد نيلسون مانديلا ،إلا أن السيد مانديلا رفض جائزة أتاتورك وذلك بسبب اضطهاد الشعب الكوردي وحقوق الإنسان في تركيا . ونقول للدول التي تحتل أجزاء من كوردستان وتخالف بعضها البعض في كل شيء إلا أنها تتفق على شيء واحد وهو عدم السماح للشعب الكوردي في الحصول على أي حق قومي إن ظهور دولة جنوب السودان لحد الأمس القريب كان من المستحيل ونتيجة لتصميم شعب جنوب السودان وعوامل دولية ساندة توصل هذا الشعب إلى قرار الانفصال ولم يقبل بالمضي مع السودان الشمالي فالمدافع الإيرانية والطائرات التركية لن تستطيعا تقرير الشعب الكوردي ونحن أبناء قادة عظام وأمة عظيمة ونستشهد بهذا الموقف للزعيم والأب الروحي للكورد ملا مصطفى البارزاني الخالد ،حينما وصلته شكوى ضد الشهيد فتاح آغا أمر هيز خبات (الذي كان تعداد قوته حوالي 6 آلاف بيشمركه والذي كان إحدى الفرق العسكرية الرئيسية لثورة أيلول 1961-1975 بأن فتاح آغا وقيادة الهيز قد جعلوا عناصر هيز خبات كازيكيين ،فقال البارزاني لمقدم الشكوى وما هذا كازيك فأجابه بأن (كازيك حزب يسعى إلى توحيد جميع أجزاء كوردستان وإقامة دولة كوردية)،فقال البارزاني الخالد :كم عدد قيادة هيز خبات؟فأجابه ستة ،فقال البارزاني من اليوم اجعلوها سبعة ،فقال ومن هو السابع فقال البارزاني :أضيفوا أسمي معهم لأنه هل يوجد أفضل من أن تتوحد كوردستان وأن يكون لنا دولتنا،هكذا كان البارزاني يقود أمة وهو خالد فينا مثله مثل غيره من أبطال الأمة الكوردية عبر التاريخ فيرحل القادة ويبقى ذكراهم ضوء ينير الدرب لشعب لا يموت أبدا فمثلما يعطي مجرى الماء الدائم النهر ديمومته ،كذلك ثورة الولادة والموت تجعل الشعب خالدا .