جواد غلوم
أنا الشاعرُ القدَحُ المعلَّى
أنا صنّاجةُ القصيد
أنا الأغلى في سوقِ نخّاسي الكلمات
عروضي نادرةٌ ينهالُ عليها …
سماسرةُ الشّعرِ بطوابيرَ طويلة
كذيولِ الثعالبِ النفيسة
في الحفلاتِ المخمليةِ الباذخة
لأن خموري تأتيني
من أقبيةٍ منتقاةٍ من العصور الوسطى
وعشيقتي تتشهى ما لايخطرُ ببال القياصرة العشّاق
سأطوِّق خصرَها بحزامٍ ذهبيّ
يخلْخلُ في وسطها
وتهتزُّ عجيزتُها
لِتراقصَني وتُريني عرْيَها
على إيقاعِ قصيدتي المباعةِ سلَفا
أنا الذي كتبتُ حروفها
من أحمر شفاهها
نهزجُ معاً في ليلةٍ ليلاء
اصطبغتْ من دماءِ ضحاياي الكثر
عذرا سادتي
أنا لا أحملُ سيفا بيدي
لأنني رعديدٌ ، أرتجفُ من خصمي
أخافُ القتلَ والموت
ولكني أصقلُهُ بكلماتي الحادّة
بمبردِ لساني ، أشحذه بالكذب الرخيص
أثقّفهُ وأضعُه في أيدي مَن يحميني
من دعاتي المرَدة
فمي لاينطقُ عن الهوى
إن هو إلاّ من وحْيٍّ يُوحى إليّ
من رقرقة الاوراق الخضر
من فتاوى صُفْرٍ تبيحُ سفكَ الدماء
ونحْرَ الرقابِ العصيّةِ عن الانحناء
واغتصابِ أزاهيرِ العذراواتِ الطاهرات
وإظهارِ توسّلاتِهم أمام الملأ
وسط حشود الملثمين رافعي السيوف
**********
بعد أن يسدلُ الستار
ويهدأُ كلُّ شيء
سأغادرُ وعشيقتي خارج وطني
ذي الأمجاد الكبيرة
والأغلى من دمي ، كما علّمتْني الأناشيد
في طفولتي وفي طوابير الصباح المدرسية
والتي دُسْتها بمداسي ودعكْتها بقدمي على الارض
سأرحلُ بعيداً
حاملا صرَرَ دراهمي
شاحذا لساني بمعسولِ الكلام
عن الوطنِ والأرض والشهداء
الحريةِ والفيدرالية
أتعلّمُ كيف ألوكُها
استجدي سامعيَّ
وماتلقنْته مؤخرا عن الفوضى الخلاّقة
التي أجهل ما تعني
سأسترخي في دارتي الجميلة
وأمامَ موقدي الباذخ
سأحرقُ كلَّ خطاياي
وأوراقي الصفر
ومكائدي الجمّة
وأعود بطَلاً متطهّرا بالبراءة
أشتمُ الذبحَ والذابحين
أنادي بالسلامِ والوئام
أتعلمُ الخطبَ الرنّانة
من” سيسيرو ” روما
حتى مونتسكيو وعتاة معسولي الكلام
منذ بزوغ الثورة الفرنسية
والحقبة البلشفية
ومنابر خطب الجمعة
تنتفخُ أوداجي زهوا
بالوطن الهائج بالشعاراتِ المضللة
************
وعلى موائدِ القمار
في المدنِ التي لاتنام
على سواحل المالديف
أو أضواء لاس فيغاس
ومنتجعات الهاواي
سأفركُ عينيّ بالملْح
وأبقى ساهرا
أترقّبُ طاولةَ الروليت
تفورُ أعصابي وأنا أرى
نفائسي ومدّخراتي
تضيعُ في دورةٍ واحدة برهانٍ خاسر
ورصيدي يصدأُ بالإفلاس
عليّ أن اعتصرَ خيالي مجددا
وأعرضَ ما تبقّى من قريحتي الملأى بالدبق
من هذر الشعر وبذيءِ الكلام
أبيعُه بأبخس ثمن
في مزادات العهر والمجون
لأني بعرةٌ في ذنبِ كبشٍ آيِلٍ للذبح
أو جورب مرميٍّ في القمامة
أنهكهُ العفن والمزَق
سأعيدُ هيكلي مجددا
حين يعاد تدوير النفايات
وآتي بِحُلّةٍ جديدة
لم تروها من قبل