المستنقع … ذلك الذي يدر المال والأصوات ويعانق أحلام السلطة
المحترقون بين التحشيد الطائفي والتحشيد القومي
سامان نوح
– من حق كل شخص او جهة رفع دعاوى قانونية في المحاكم العراقية وحتى الاقليمية، في الإساءة التي حصلت من قبل قناة “دجلة طرب”، او أي قناة أخرى انتهجت سياسة مسيئة لمشاعر أحد المكونات الرئيسية في العراق. بل وفي العرف من حق الجهات المعنية “تفهم” الهجمة القوية على القناة وعدم تحريك ساكن تجاه تخريب او حتى حرق مقرها في بغداد. عادي.
– كما من حق الكربولي ومن لف لفه أو أي جهة أخرى، رفع دعاوى قانونية في المحاكم العراقية وحتى الدولية، في الاساءات التي تحصل من قبل بعض القنوات ضد مكون آخر، او الاساءات التي تحصل من بعض القنوات ضد نشطاء مدنيين والتي تصل الى حد التحريض على القتل.عادي.
– ومن حق مؤيدي الجبهتين تبادل الهجمات صباح مساء والاحتفاء بنصرة المذهب، خاصة ان القوى السياسية لا ترى ضيرا في ذلك بل هو مفيد في تفريغ شحنات الغضب الجماهيرية من جهة، وباعتباره دعاية سياسية وانتخابية مفيدة لحاملي لواء حماية ونصرة المذهب من جهة ثانية.
– وطبعا لا يحق لأحد أن يسأل عن دور هيئة الاعلام والاتصالات، في مواجهة حملات التهجم والتحريض: فهذه ربما تتعلق بحرية التعبير المكفولة دستوريا.
– لكن انتبهوا ليس من حق “رجالات” أي من المكونيين، ولا أي جهة ممثلة لهم، تحريك دعاوى والعمل في ملفات تقضي بالقاء القبض على قادة ومسؤولين كبار من المكونين (بما فيهم الكربولي) بتهم تتعلق بفقدان مليارات الدولارات من الوزارات التي شغلوها، وبتهم تقديم منصاتهم الاعلامية طوال سنوات خطابا طائفياً اشعلت فتناً أودت بحياة عشرات الآلاف من أبناء المكونين.
ذلك غير مهم، ولا يجوز سياسيا وأخلاقيا الخوض فيه، فهناك تحالفات انتخابية وسياسية والقادة الأصدقاء جلسوا معا على طاولة واحدة وفي غرفة واحدة واتفقوا معا وشكلوا تحالفات وتركوا خلفهم وبكل سماحة وتفهم وطني وانساني كل البلاوي التي فعلوها بحق أبناء بلدهم وطائفتهم.
عادي فكل الشعوب تحصل فيها انقسامات وتقع حروب بين أبنائها يذهب أحيانا ضحيتها عشرات الآلاف وتنتهي بـ 100 الف مغيب…. وماليا هي كم مائة مليار دولار سرقت خلال العهود الذهبية لحكماء المحاصصة وتقاسم المغانم والامتيازات.
– وفي حمى التصعيد، علينا أن لا ننسى الموقف المقدام لادارة شبكة الاعلام العراقي، وقرارها الوطني التقدمي في استقبال الصحفيين المستقيلين بكل اقتناع ومسؤولية من “كفاءات قناة دجلة العامة” وليس “دجلة طرب”، وفتح الباب لهؤلاء للعمل فيها.. في النهاية الجميع يعرف ان الشبكة تعاني من نقص في الموظفين، فهي تملك بالكاد نحو 5000 موظف بدوام كامل واضافي، خاصة ان قناتها الرئيسية وبعد ان اكتسحت بتغطياتها الرائدة الساحة المحلية والاقليمية وصارت الأولى اقليميا اضافة لبثها بالانكليزية والفرنسية تخطط لتوسيع البث الى الروسية والاسبانية.
– وايمانا بوحدة المصير والمصيبة، وتزامنا مع “الصحوة المذهبية” في الوسط والجنوب، شارك مؤيدو الحزبين القائدين في اقليم كردستان، بصحوة قومية لا تخلتف في جوهرها عن صحوة الوسط والجنوب، فقد تبادلوا في ذكرى 31 آب 1996، الهجمات الحزبية والمناطقية بكل شراسة على منصات السوشيال ميديا ومواقع الظل الاعلامية، واستحضروا كل اللغة الثورية لديهم في ايقاد جذوة الأحقاد، لمكاسب حزبية وانتخابية.
– يحصل ذلك فيما الحزبان الشريكان كما بقية شركائهم في الوطن الاتحادي، يواصلون تقاسم المغانم بكل ود، ويخططون لسنوات أخرى من قيادة الرعية المنخرطة بكل حماسة شعاراتية في نصرة هذا او ذاك بينما الجميع يغرق في المستنقع.
– لا يهم، جرى كل شيء على أفضل وجه، فالمنتشون بالحرق احتفلوا بين الرماد بدخان انتصارهم، وكذا من ألقوا الأغاني احتفلوا بصدى نار أغانيهم، حتى من نكأوا جرح اقتتال الإخوة في خاتمة آب احتفلوا بلظى نصر هزيمتهم. ولا فرق بين انتصار مذهبي وقومي.. فهم في دين السياسة ودينار التجارة سواء، وليحترق المحترقون في نار أحزاب التجييش منتظرين سلطة قانون وأمن ودولة تأكل أبناءها في حمى حماة القومية والمذهب.
تنويه: في ظل النقاط المعنوية والانتخابية التي سجلتها لأنفسها الأطراف التي كانت في دائرة حدث “دجلة طرب”، خسر الحاكمون الشيعة مجددا عدة نقاط في فرض أنفسهم كشخصيات قادرة على قيادة دولة وفرض النظام وتطبيق القانون فيها، وليس مجرد قادة مذهب برؤية ضيقة.