عبير حميد مناجد
رغم زخم المسلسلات والأعمال الرمضانية أخترت أن أتابع بشغف المسلسل الكويتي (ساهر الليل) بالأضافة طبعا الى مسلسل الفاروق (عمر).. ويحكي الأول عن فترة من أشد الفترات ظلمة وقسوة على ألأمة العربية والأسلامية فترة (الغزو العراقي للكويت ) مطلع التسعينات والقرار الصدمة الذي أتخذه (صدام حسين) في لحظة جنون مطبق بالدخول الجيش اليها وجعلها المحافظة التاسعة عشرة دون أي أهتمام بحرمة المسلم على المسلم ( دمه, وماله ,وعرضه) ولا أي أحترام للقوانيين , والأعراف الدولية , والأنسانية ليصحو العالم على خبر جديد من نوعه أن يقدم حاكم عربي دكتاتور لحظة خطر بباله أن يغزو دولة جارة وشقيقة برغم كل المبررات والأسباب الضعيفة التي ساقها ليقنع نفسه والعراقيين بضرورة وحتمية هذا الغزو وأنه الطريق الوحيد لخلاص العراق من البئر التي هوى اليها بعد عقود من سياسات نزقه, وحروب أعتباطية أودت بخيرة شباب العراق وخيراته , خاضها( لفرد العضلات), وبناء أمجاد وهمية سيطرت على عقله المتآمر المريض ,أما ما لايعرفه الكويتيين والعالم أن العراقيين فوجئوا بالغزو مثلهم تماما وكانوا يستنكرونه وأن لم يعلنوا خوفا من بطش الطاغية المقبور واذا أمعنا النظر بسياسة الحديد والنار والنار التي ينتهجها شق الحزب البعثي في سوريا تجاه شعبه وأبناء وطنه لأنهم طالبوا بالحرية والعدالة الأجتماعية فقط لأدركوا ماذا نقصد
المسلسل مبني على حبكة درامية جيدة وأجواء وطقوس تشبه تلك التي عشناها في التسعينات , وقد لمسنا صدقه في صدمة الشعب الكويتي ومعاناته التي عاشها شهورا قبل تحرير و أستعادة بلده , والممارسات اللاأنسانية وغير المقبولة التي أتبعها أزلام النظام وحزبه وليس كل الجيش تجاه الكويتيين أثناء الغزو وأن أختلفنا في الطريقة التي تبنوها للثأر من الجيش العراق البطل وشعبه المقدام والذي دفع ثمن سياسة وغباء حكامه عل مر العقود ولازال .. كما أظهر قلة حيلة الجنود تجاه الأوامر التي توجه لهم وينفذونها وهم غير راضين ومتعاطفين مع أخوانهم الكويتين خاصة وأن نساء عراقيات تزوجن من كويتيين وأنجبن وعشن فترة طويلة وبالعكس , فعرى القرابة والرحم موصولة بيننا وبينهم بأكثر من وشيجة وصلة .. ناهيك عن الجيرة
لقد نكأ (ساهر الليل ) الجراح وأعادنا الى فترة عصيبة عصفت بالعراق والكويت والدول العربية وقسمت الصف العربي وفرقته بين مؤيد صدق أكاذيب الطاغية (الطماع) وضلالاته العروبية والقومية , وبين معارض أدرك فداحة الخطب وماسيجره على العرب والمسلمين من ويلات وحروب وذريعة لتدخل
الأجنبي في فرصة جاءته على طبق من ذهب ظل ينتظرها طويلا ليأمر وينهي, ويسرق خيرات العرب ما شاء له, فهو المخلص والمنقذ هكذا قدم نفسه وهكذا أستقدم , ليدخل العرب في عهد الأستسلام والأنبطاح والتطبيع والفرقة عقودا جديدة بقيادة مبارك مصر
الأ أن جولة الباطل ساعة وجولة الحق الى قيام الساعة فقد هبت الشعوب العربية ثائرة منتفضة من حكامها (الطغاة ) (الجبناء) (الحرامية) … وأطاحت بهم ذليلين مهاننيين , فارين, وخائفين , وأذاقتهم من نفس الكأس,, ولو أن يوم المظلوم على الظالم أشد ..من يوم الظالم على المظلوم , ما أشد فرحتنا وسعادتنا بثورات الشعوب العربية الحرة وما أكبر فخرنا بها لقد رفعت رؤوسنا وأنستنا جراح وآلام الماضي ولابأس ان نكأ (ساهر الليل..) الجرح كي نطهره للمرة الأخيرة ويطيب للأبد..
لقد بكيت وأنا أتابعه وأتذكر الليل الطويل المظلم الذي عشناه معهم وأن قلوبنا كانت معهم وأن أبوا أن يصدقوا وألتمسنا لهم العذر طويلا في جفاءهم وأنتقامهم لأنفسهم الأ أن الوقت حان لأن ينسوا الماضي ويبنوا معنا المستقبل فنحن أخوة وجيران ولايصح أن يظل الكويتين مستأنسين بدور الضحية وأسيري حقد أعمى ومخاوف وهمية تبرر لهم التدخل ,وأحداث القلاقل, والوقوف كسكين في خاصرة العراق المجروح.. لانستحق منهم الأ كل خير وصفح لأننا وأياهم عانينا من شرير واحد
وأربأ بهم وأخاف عليهم أن يتوحدوا مع جلادهم ويتقمصونه فيظل حيا فيهم الى الأبد.