الدكتور فرج ياسين
من أسوء ما يواجهه المجتمع اليوم في معظم بؤره الحيوية تحكّم الأسطورة في واقعه وصيرورته المستقبلية , وأقصد بذلك تحكّم الموروث الأسطوري الاعتقادي ، وتوظيف الطقوس وتجدّدها وتطوّرها، بحيث يبدو وكأنها الصورة الواقعية الوحيدة للحراك المجتمعي اليوم .
وهناك نوعان من الأسطورة هما الأسطورة التقليدية الموروثة والأسطورة الجديدة . الأولى تعتمد على الاستعادة والثانية تعتمد على الابتكار والخلق .. الأولى تحيل على ماضٍ رث منقرض , والثانية تحيل على مجتمع اليوم المتحضّر بآلياته المعروفة ومخترعاته ومكتشفاته .
وأسوء ما في الأمر أن الحكومات والجهات الفاعلة في حياة الناس، هي من تعتنق هذه الأساطير وترفع من شأنها ، على حساب ضمور الواقع وتهميشه وإلغائه , وتعلي من شأن التجهيل والتخلف . وحتى في حالة الأساطير الجديدة فهي تجعل من مهيمنات الرقي آلةً للطائفية والأثنية والعنصرية , بحيث يؤدي كل شئ إلى النكوص والعودة للاختباء في السراديب المظلمة . في حين ان العالم المتحضّر يبدأ من التجلي في اللحظة الراهنة ، ناظراً إلى مستقبل مضئ بلا حدود