عبير حميد مناجد
رسالة ارسلها بعد أذن القراء الأعزاء الى شخص عزيز علي وغالي على قلبي كثيرا لسببين الاول كي اشركهم بعبرها وبخبرتي الشخصية الاليمة فيها والثاني ان نحول خبراتنا هذه وان كانت اليمة مع آخرين عسى ان يستفيدوا منها ويتجنبوا ما وقعنا فيه من اخطاء قصدا ام سهوا … وحبيبي هذا شخص وقف الى جانبي (في الحلوة والمرة) وتحملني في أسعد حالاتي وأكثرها تعاسة… وبذل من جهده وماله ليسعدني ويخصص لي مصروفا يوميا او شهريا (أو عيدية) وكان ماله هو أول مال خاص أكسبه ليس من عرق جبيني ولكن من صلة الرحم التي جمعتني به والحب الفطري الذي يغدق فيه الوالد على ابناءه في اليسر والعسر … هذا الشخص هو أبي الذي اذكر له الكثير من المواقف الشجاعة والجميلة في حياتي منها انه كان يزورني في المدرسة وينتظر على الجدار حتى ينتهي الدرس ويرن جرس الفرصة ليضع في يدي من خلف الجدار مصوفي اليومي لأنه نسى ان يعطيني اياه قبل ذهابي الى المدرسة ولو تأخر على وظيفته وحتى حين صر ت في لجامعة كان ينتظرني في الاستعلامات وحين اهل عليه متوجسة من سبب زيارته لعل مكروها حصل كان يستقبلني بابتسامة طمأنينة ويقبل وجنتي ويدس في يدي خلسة مبلغا من المال قائلا كنت مارا قريبا من هنا وحدثتني نفسي انك ربما تكونين جائعة او بحاجة الى كتب و((ملزمات). عدا عن كونه أول من زرع في التواضع و أنكار الذات وحب الناس والعمل على نيل رضاهم ومشاركتهم وتقديم المساعدة اين كانت ولو بكلمة شكر او ابتسامة او القاء السلام.. مع أني لا اظنه كان أبا استثنائيا فالكثر من آباءنا فعل هذا وأكثر ومع علمي أنه لم يكن زوجا مثاليا (لم تكن والدتي راضية عنه كل الرضا) ولكني أعلم انه لم يكن بالضرورة أبا مثاليا لكنه كان ابا صالحا , طيبا وحنونا قدم رضانا وسعادتنا على سعادته ورضاه وجعل منا رجالا ونساءا صالحين نسعى الى رضا الله والعمل بشرف والغاية خدمة الناس ونصرتهم .. وأعلم انني قصرت بحقه كثيرا ولم اكن قريبة منه حين احتاجني بمرضه الذي توفي على أثره وحين وافته المنية كنت راجعة من الكلية وحدثني قلبي ان انزل من( الباص) لأسلم عليه وأطمئن على حاله الا انني تكاسلت من شدة الحر والزحام والأرهاق فغيرت رأيي ورجعت الى البيت لآخذ قيلولتي لأصحو صباح اليوم الثاني على خبر رحيله في ساعة متاخرة من مساء اليوم الذي حدثني قلبي ان أمر لزيارته لا احد بوسعه ان يتخيل المرارة التي اجتاحتني والحسرة على مافرطت من فرصة توديعه قبل وفاته الأ من مر بمثل هذه الظروف الأستثنائية والتي كثرت في عالمنا العربي اليوم حتى بات احدنا يخرج صباحا ولا يعرف هل سيعود الظهر الى بيته ام لا
انها دعوة نستهل بها قدوم الشهر الكريم ان نصل ارحامنا ونبر بابوينا فلا نعرف متى واين سيكون اللقاء الاخير وان لانتثاقل عن امر زيارتهم والاطمئنان عليهم خاصة حين يلح القلب في ذلك وان نذكر محاسن افعالهم ومواقفهم معنا وما جعلونا عليه بعد مشيئة الله .
أحاسب نفسي على تقصيري بحق ابي كل يوم ,وأني فوتت فرصة بره وأسعاده للمرة الاخيرة وأطلب من الله ومنه السماح والمغفرة لأنني اعرف انني لن اسامح نفسي ابدا .ا