يطرح البعض إشكالية التخلف وعدم القدرة على الفعل الإيجابي على مجمل التعقل الشرقي ومنه العقل العراقي لعلية العجز الذاتي المزمن المرتبط بالعجز الجمعي وعدم القدرة على الفعل في مقابل ضخامة الفعل والوعي والإدراك الجبار للمقولة الغربية , المقولة التي تركز على الحرية وصراع الأنا مع الأخر الذي يقود عملية استكشاف وانتقال من عالم المجهولية إلى عالم المعلومية , أي الصراع الذي يقود لمزيد من صناعة المعرفة, عكس مفهوم السلفية الروحية الكهنوتية القائم على تحييد العقل من اكتشاف أكثر من المقولة السابقة أو من خارجها, والمتواترة لديه حتى لو كان لا يؤمن بها كليا أو جزئيا ,ولأنه أحاطها بقدسية لا يتصور أنه قادر على تجاوزها و التعدي على استحقاقاتها. أن العقل العربي عموما والعراقي خصوصا عليه أن يعيد النظر في تصوراته و مفاهيمه و مناهجه حينما تحدث أزمة معرفية أو أشكالية تاريخية تتعلق بالمعرفة وبالوجود العام ليحاول تجاوزها من خلال إيجاد حلول جديدة ومن خلال الفلسفة تحديدا لأن الإشكالية في جوهرها هي إشكالية سؤال وجواب, وأظن أن إلقاء الكلام المنمق لا يحل الإشكالية ولا يساهم بدفع عملية الارتقاء والمشاركة في الفعل الكوني ولا بد من تفعيل العقل وتنمية المقدرات لديه ليتجاوز مسألة الوصف العام والملاحظة إلى نظام التحليل والفرز والنقد والابتكار بقواعد منهجية لا تفصل الظاهرة عن واقعها ولا أن تحيلها دوما لأسباب خارج موضوعها الأساسي وهي ثلاثية الفكر والمجتمع والصراع. وهنا مثلا نجد المنظرون الاجتماعيون ودراس السياسة الأجتماعية عندما يتناولون المشكل الحضاري والاجتماعي يتناولونه من خلال نقد العقل لوحده, أي أنهم يطرحون الجدلية وفق النمط التالي((ان تشخيص حالة التناقض والتيه التي يعيشها الفكر الفلسفي العربي، يفتح بصيرة الفرد على حقيقة وضعيته التي يعيش فيها غافلاً غائمًا عن قضايا اللغة والتاريخ والوجود بفعل تراجعه وانكفائه داخل ذاته هروبًا، ومتهمًا بمغادرة أرض الكينونة وانتباذ منزلة بين المنزلتين في أكبر عملية استقالة فكرية فلا هو في منطقة التطلع نحو المنشود، ولا هو في وضعية التمسك بالموجود كيف نبدأ, هل نبدأ بتدوين صدمة الحضارة بمفهومها الجديد ؟)) إن تحميل الفلسفة العربية حالة العجز ليس وصفا حقيقيا دون أن نعلم ونتيقن من أسباب ذلك ونحلل بروح حيادية تلك الظاهرة ونربط العلات بالمعلولات والنتائج بالأسباب.
د.عباس العلي