إضطراب المشهد السياسي في العراق منذ 2003 وحتى اليوم جعل المتصدين له على مستوى الإعلام يعيشون اضطراباً متعديا لحدود الثبات والإستقرار في المواقف والرؤى ..
باستعراض بسيط لما تبثه وسائل الإعلام “فضائيات ،إذاعات ،صحف ،مجلات،الخ ” من رسائل إعلامية نجد التخبط والعشوائية عنوانين بارزين لتلك الوسائل ..مما يعطي انطباعاً إن الفوضى الخلاقة التي بَشّرَ بها المشروع الأمريكي في العراق والمنطقة لا يقف عند حد …فايروس خطير أصاب الهكيل السياسي والنسيج الإجتماعي والبناء الإقتصادي بتصدعات هائلة اتت على الأخضر قبل اليابس ، لكن الأخطر من هذا كله التصدع الذي أصاب البناء الثقافي ..كتاب وإعلاميون مرموقون”لم يعودوا كذلك” لهم رصيدهم بين القراء والمتابعين والمشاهدين يتحولون من أقصى اليسار الى أقصى اليمين بمجرد ان تتبدل مكاتبهم بين هذه الفضائية وتلك أو بين تلك الصحيفة الموالية وصحيفة أخرى معارضة ..إمّعات ينهلون من تراث من يدفع أو يمد يد العون لهم …من البغدادية الى الإتجاه ومن الفيحاء الى الرشيد بون شاسع ومسافة بعيدة في الأهداف والتوجهات تضارع المسافة بين بون وأقصى الشرق الأسيوي… ومن الصحيفة ذات التوجه الإسلاموي الى غيرها ممن تدعي الليبرالية أو تلك التي بلا هوية ..تضيع المواقف ويصاب المتلقي بحيرة صادمة لتناقض الرسائل الموسومة بسمة أصحابها ممن يعاونون اضطرابا فكرياً وتذبذبا في المواقف بحسب متطلبات المرحلة ..بين القدح والمدح والرفض والتأييد والعداء والمولاة يتشكل جيل من أصحاب المواقف المترنحة ليضيف بعدا جديدا لأزمة تنخرالجسد العراقي وتعمق من جراحه .. أكثر من ذلك ،، اولئك الذين لايعانون من إضطراب الأمكنة.. فهم مصابون بنفس الداء ويعزفون على أكثر من وتر ويوهمون المتلقي “والمتلقي البسيط على وجه الخصوص”برسائل ومواقف متباينة…القضية واحده والمواقف متلونة من جهة الفساد والإنتخابات والإرهاب والمليشيات المسلحة والرموز والصوروالهتافات…….
هؤلاء الذين يتصدون اليوم للمشهد العراقي لن يكون لهم وصف في المستقبل العراقي عندما يصبحون تأريخاً سوى انهم كانوا لبنة أساسية في الفوضى والخراب.
مصطفى داود كاظم