الوظيفة التربوية التنشيئية للأسرة
إنّ الغرض من التنشئة التربوية هو إعداد الفرد للحياة في مختلف نواحيها ، وإنّ نواحي هذه الحياة مرتبة بحسب أهميتها : الصحيّة ، المهنية ، الأسرية ، الوطنية ، الثقافية ، وقد نال النوع البشري حضارته بفضل الأسرة ، وأنّ مستقبله يتوقف بصورة مباشرة على هذه المؤسسة أكثر من أي مؤسسة أخرى , لقد وجِدت الأسرة لتزويد المجتمع بالصغار وتهيئة فرص الحياة لهم وإعدادهم للمشاركة في المجتمع , وذلك بتزويدهم بوسائل وأساليب تُكيّفهم مع المجتمع , فهي تقدم الدعم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لأفرادها , ولإنجاز هذه المهام على أكمل وجه تكفلت الأسرة بتحقيق ما يأتي للطفل : أولاً ــ من مهام الأسرة بناء التنشئة الجسمية الصحية للطفل بالتغذية السليمة المناسبة لتنمية الجسم ورعايته ، وتأمين المأوى له لتوفير وسائل الراحة والنظافة للحمايه من المخاطر والوقايه من الأمراض ، وتهيئة جو اللعب للطفل وتنمية الأنشطة التي تلائم مراحله العمرية , ثانياً ــ غرس التنشئة الأخلاقية والنفسية والوجدانية , بتقديم الأسرة الحنان والعطف والاطمئنان والحب المتبادل لأبنائها وغرس القيم والاتجاهات السليمة والإيجابية في أنفسهم التي تتناسب مع متطلبات مجتمعهم وتزودهم بثقافة تلائم عصرهم ، وتُعَلِمَهم كيفية التفكير السليم والإصغاء لتوجيهات الكبار واحترام الآخرين عند التعامل معهم ، بالمقابل أن يتجاوب الوالدان مع الأبناء وأن يسمعوا طروحاتهم ومشاكلهم وآراءهم ويتفاعلوا معهم في تجاوزها , ثالثاً ــ التنشئة العقلية , يقول العلماء إنّ حبّ الوالدين مطلب أساس للتنمية العقلية ، وإنّ الأطفال الذين لا يحصلون على العناية الكافية والانتباه اللازم يتخلفون في عدّة ميادين ، فأهمية البيئة وتأثير ظروفها والتي تمثلها الأسرة في الغالب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدرجات الذكاء وبرسم أبعاد الشخصية ، فقد وجد أنّ 50% من الذكاء ينمو عند الطفل في السنوات الأربع الأولى من العمر ، وهذا يوضح أهمية الأسرة في تغذية فكره ودفع نموه المعرفي إلى المزيد من التطور وتفتح قدراته العقلية السليمة , رابعاً ــ بالتنشئة الاجتماعية والوطنية والاقتصادية تحافظ الأسرة على أعضاء المجتمع وتعدّهم للعمل والتفاعل الاجتماعي عن طريق تنمية العواطف الاجتماعية وروح الانتماء وحب المواطنة والمحافظة على التقاليد والنظم والأعراف ، وتوجيه الأبناء مهنياً واقتصادياً بما يحقق لهم الحياة المرفهة الكريمة لاحقاً , خامساً ــ إنّ الاختلافات الجنسية تبدأ مع بدء الحياة فالتنشئة الجنسية مطلوبة مع مدارك الطفل ، فالأسرة مهمتها توعية الأبناء بأمور جنسهم بصراحة وبذكر الحقائق العلمية بالتدرج ، وأن تكون أجوبة الوالدين عن تساؤلات الأطفال الجنسية مناسبة لمداركهم ومفاهيمهم بالاستفادة من وقائع الحياة في تفسير بعض المفاهيم والتساؤلات ، مع وجوب عدم المبالغة في أمور النهي بل يتم ذلك بالشرح والإيضاح والإقناع ، كي لا يصاب الطفل بالعقد النفسية أو المخاوف التي لا لزوم لها , سادساً ــ كما أن من مهام الأسرة توفير الراحة والاستجمام لأبنائها , وتوجيههم للتمتع بأوقات الفراغ بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة , ويرى العلماء أنّ اللعب ترويح عن النفس والجسد بعد التعب ، فلو خلت حياة الإنسان من اللعب والترويح عن النفس لاعتراها السأم والضجر وساورها الخمول والجمود ، وتروّح الأسرة عن أبنائها بتوجيههم في اختيار ألعابهم ، وعدم منعهم من اللعب وحثّهم على ممارسة النشاطات الرياضية والفنية وممارسة الهوايات المناسبة لهم , هكذا تبنى الطفولة لكي نخلق منها مجتمعاً يشيِّد حضارة شامخة ……..