حل المشكلة العراقية
سربست بامرني
الدولة، أي دولة هي التعبير القانوني المركز لإرادة شعب ذو سيادة ولها مقوماتها من ارض وسكان وسلطة.
بقدر تعلق الامر بالدولة العراقية، فان الحديث عن السيادة المنتهكة من قبل القوى الإقليمية والدولية فحدث ولا حرج، والسلطة هي مسخرة بكل معنى الكلمة والشعب لا يجمعه جامع لغياب الهوية الوطنية وتعدد الولاءات للقوى الإقليمية وعدم قبول الحقائق على الأرض من ان البلد الذي صنعته المصالح الاستعمارية من تجميع عشوائي (على الاغلب متعمد) لثلاث مكونات مختلفة قوميا وطائفيا، تؤكد حقيقة ان هذا الكيان، كيان فاشل لا علاقة لوجوده واستمرار هذا الوجود بإرادة مكوناته ولا حتى بتوجهات ومشاريع الكتل داخل المكون الواحد والصراع الحالي هو الصورة الحقيقية لتشظي المجتمع والتعبير الواضح عن فشل العراق كدولة.
المحاولات التي يقوم بها البعض والتنظيرات عن تطور المجتمع وعن الديموقراطية وحقوق الانسان ترف فكري مرفوض (ان لم يكن دليل سذاجة) لا علاقة لها بالواقع المعاش ولا بمصالح الناس ومعاناتهم اليومية ولا حتى بالمرحلة التأريخية التي يمر بها المجتمع العراقي، اذ من الواضح ان للمجتمعات الديموقراطية أسس عديدة اجتماعية واقتصادية وفكرية ونمو للشرائح المتوسطة و ………الخ وهي مقدمات شبه معدومة في بلد يتميز بالتخلف الاجتماعي والاقتصادي والفكري والى نهب ثروات البلاد من قبل الطبقة الحاكمة والفساد المستشري والعصابات المسلحة والملايين التي تعيش تحت خط الفقر وعدم وجود جهة تريد حقا تطوير المجتمع كما حصل في تجارب عديدة من العالم (سنغافورة مثالا)
الموضوع العراقي ومع التغيب الكامل لإرادة المجتمع لصالح هذه الفئة او تلك، لا يتعلق بإصلاح ذات البين بين القوى المتصارعة على السلطة وهو امر يكاد يكون شبه مستحيل ولا بإلغاء الانتخابات السابقة والذهاب الى انتخابات جديدة.
الحل يكمن في منح كل مكون حقه المشروع في إدارة شؤونه وتنظيم حياته وفق مصالحه الأساسية، وليس من العدالة ولا من المفروض القبول بان تدفع مكونات العراق ثمن الصراع الحالي في الوقت الذي لا ناقة لهم فيه ولا جمل.
إعادة بناء الدولة العراقية المنهارة هي مثل تمنيات أصحاب الميت الذين ينتظرون عودته للحياة ولا حل موضوعي الا باللجوء الى تفعيل حقيقي للدستور والالتزام به وممارسة الفيدرالية بحيث يدير كل مكون شؤونه بنفسه، هذا إذا كان من غير الممكن في الظروف الحالية اللجوء للمشروع الحضاري والإنساني للتقسيم الودي، وبقدر ما يتأخر موضوع التقسيم الودي تستمر معاناة مكونات العراق ويدفعون دون أي مبرر او سبب منطقي ثمن الفوضى العارمة التي تجتاح هذه الدولة الفاشلة الآيلة للسقوط الحتمي عاجلا ام اجلا.