الأول من تشرين موعدنا
حسن حاتم المذكور
1 ــ تشرين ومن قربنا اليك, نحسك في الشريان نهتف معك, “بثورتنه فز بينه الوعي”, نبكي دموع الأرض من فرح ولك: انت البقاء والسفر, وسلم العمر ونقطة الأنتظار وانت: تنكسر الدنيا ولن تنكسر, تفرش الساحات انتظارها لموعدك, يا ابن اكثر من محافظة, أعِدت خلقنا وبين اضلاعنا رائحة وطن, تملأ ارواحنا تسحبنا لجاذبية الساحات, لنقرأ على صفحاتها ملامح المستقبل, ونزرع الهتاف على ارض تبتسم, في عيونها يحتفل الشهداء, هناك في ساحات التحرير, ما اجملهم واجملك, نقبّلهم نقبّلكً, بأسمائكم نؤثث للعراق ذاكرة جديدة, عاتبتني امي (يرحمها الله) لماذا يا ولدي, عندما كنت شاباً, لم تكن مثلهم؟؟, خجلت من نفسي ونيابة عن جيل معاق بماضيه, كنت انتمي اليه, لا نشبه بعضنا مؤدلجين بالكراهية ولا نعلم لماذا, سواء ان هذا قومي, وذاك يساري وثالثنا اسلامي, شديدي التبعية لخارجنا, فكُنا مسؤولون عن وأد هويتنا, نتحاور بالشتيمة والتسقيط, وبالذخيرة الحية في اغلب الأحيان, فخسرنا انفسنا وخسرنا وطن, لا وقت لنا للمراجعة, فاكتفينا ان نلعب أدوار التكرار والأعاقة.
2 ـــ تشرين لا تلتفت, واصنع لنا ماض جديد, نريد مستقبل لنا فيه حاضر, كان لنا اجداد وانقطع التواصل, ضعنا وضاع فينا المعنى, القتلة كانوا حشرات متوحشة, لا هي جرّاد ولا طير ابابيل, إفترست الحقل وتركتنا على ارض بلا عرض, هم وليس غيرهم, تقيئوا فسادهم وارهابهم فينا وقالوا عقائد, آمنا بالتخريف والشعوذات وشرائع التخدير وقلنا “آمين”, فقدنا فيهم ما كان لنا, سافرنا خلفهم بلا سفر, الجوع والجهل والأنهاك والأذلال متاعنا, قالوا نصيبكم في اليوم الآخر, مر الآخر والآخر ولا زلنا في الآخر, نزحف خلفهم مكبلين باللامعقول, هكذا كنا ومنذ مئآت السنين, نتغرغر في الـ “آمين”, نحمل نعش موتنا, نستعجلهم الدفن لـ “نفوز فوزاً عظيما”, وهكذا في مقابر الأنتظار, حتى التقيناك يا تشرين, في ساحات المدن السمراء, حيث الجدل والرفض والأنتفاض, ووفرة الدماء والثروات والمعجزات, فأنسلخنا هناك عن ماضيهم, المشبع بمعتقدات الألغاء والتدمير, وهتفنا البداية “نريد وطن” نسترجع فيه اسم الله والحق.
3 ـــ تشرين اقترب اكثر, وأقرأ وصايا الشهداء على جلد الأرض, وخبّر الأحفاد ان “موت الشهداء لن يموت” وكلما تدور الأرض, يعودون معها احياء, يزرعون الساحات عنبر ونخيل, والثأر برداً وسلام, وابتسامات بيضاء على ثغر الأمهات, يعيد الشهداء هتافهم الأول “نريد وطن” يكون الأقرب الينا من الوريد, يعلمنا الأنتماء اليه والولاء, ويعلمنا كيف نزرع الأغنيات أبخرة على خدود الفرح, والعشق الأخضر تزغرده الأيام مستقبل اسمر, تشرين ذكرنا بما نسيناه, كيف نقرأ الممحي في نوايا المحتالين, وغير المكتوب من مكائدهم , ونقول لسماحات العتمة, لا ترطنوا نقاط كتاب الله امامنا, دعونا نترجمه لكم بعذوبة لهجتنا الفصحى.
4 ــ تشرين يشتمك المخمور بأمريكا, ويطعنك المخمور بايران, دعهم على قارعة ألأحباط, ولا تنسى موعدنا, بين لحظة الأنفجار وسيادة القانون, دقائق أو ساعات وينجز الثأر عدالته, يعيد كتابة التاريخ, فيغتسل وجه العراق, من روائح البارود والغازات المسيلة للدموع, إنها اللحظة الفاصلة, بين جيل جديد يفيض منه الضروري, وجيل للهباء حمل نعشه وانصرف, غداً وليس بعده يا تشرين, موعدنا في ساحات التحرير, لنقرأ وصية الشهداء, في ان نكون كما يجب علينا ان نكون, حررنا منا ومن ماضينا, نحن جيل خسر الرهان, فباع الأرض والعرض على سرير المنطقة الخضراء, نريد ان نشفى منا ومنهم ويشفى العراق, من عاهات التلوث العقائدي, وشرائع الأغتيال والقنص والخطف وثقافة الأحتيال, “بغداد ارملة التاريخ ونحن الأيتام” يا تشرين, وانت الموعد والأنتظار في ساحات التحرير, وأنت الحلم والأمل والنفس الأخير, متمرد في رئة العراق.
30/ 09 / 2020