نعمة يوسف
طه سبع .. تجليات الفن التشكيلي في حكايات وشخصيات عن يوم (( لقاء الخليقه )) …
لابد من قول مقدمة وقراة نقدية عن الزيارة التي أذهلتني في مدينة مراكش (الحديقة السريه ) ..
الحديقة السريه في المدينة القديمه بمراكش :
(( الحديقة السرية ))
تفتح أبوابها للعموم للمرة الأولى في تاريخها. تعود أصول الحديقة إلى عهد السلالة السعدية منذ أكثر من أربعمائة عام
تمت إعادة بناءها في منتصف القرن التاسع عشر من قبل قايد الأطلس، وكانت الحديقة السرية موطنا لبعض كبار الشخصيات السياسية في المغرب عموما و مدينة مراكش خاصة .
قصة هذه الحديقة السريه :
يعود تاريخ هذا القصر للنصف الثاني من القرن السادس عشر في الفترة التي تعود الى السلطان السعدي مولاي عبد الله لبناء القصر هذا في هذه المنطقة من المدينة التي كانت تسكنها جالية يهودية صغيرة , فكانت محتويات القصر عبارة عن مسجد ونافورة المواسين ((مازالت قائمة لحد الان )) وآثار ومكتبة وحمام وبنايات أخرى ..
ومع انهيار ملك السعديين دخلت مراكش مجموعة من الازمات وبدءت تعاني تحديدا في نهاية القرن السابع عشر من تدمير عدد كبير من أبنيتها ومعمارها وصروحها ومن بينها الدائق السرية التي هي موضوعنا في هذا الشأن ..
والحديث عن هذا الموضوع يحتاج له حلقة خاصة , لأننا نستعرض هذا المكان كي ننتقل اليه اليوم بجمالياته المعمارية الحديثة التي عمل عليها المليونير (( السيد ميلانو مع طاقم عمل بحدود 50 شخصا )) والمليونير هو إيطالي الأصل , معماري , فنان بنظراته الثاقبة التي حاول بها إعادة (( الخراب )) الذي حل بهذا المكان الي متحف وحدائق غناء لاتوصف ..
أنه صاحب فكرة إحياء هذه المزبلة أو الأطلال منذ عام 2013 لإعادتها للنور بعيدا عن الظلام والخراب الذي حل بها ..
إن الحديقة السرية ، التي يمكن الآن الإفتخار بالكامل بفضل ترميمها مؤخرا، هي جزء من التقاليد العظيمة للقصور العربية الأندلسية والمغربية. تمكن الزوار من إستكشاف الحدائق والمباني التي تعتبر شهادات إستثنائية من الفن الإسلامي والهندسة المعمارية، كانت الحديقة السرية بالفعل تروى من مياهها المحلية الأصلية ، وهي امتياز نادر وعلامة إضافية على ثروتها .
كما تمت إستعادة نظام المياه الأصلي للحدائق بحيث تظهر “الدورات المائية” لتوزيع المياه من (( جبال الأطلس)) لداخل القصر لري الحدائق و مد المطابخ و الحمام و النافورات .
وسرني ان تشرفت في هذه الدعوة الفنية الكريمة للحضور والأطلاع على هذا المتحف الفني الاثري والذي يدخل ضمن فعاليات الفنان المغترب ((الأستاذ طه سبع )).
وهو ينثر أعماله ((كفنان عالمي )) على جدران هذه الحديقة السريه بأمر من ممتلكها المهندس المعماري
((المليونير الأيطالي )) الذي أعجدب بأعمال هذا الفنان الكبير المتواضع !.
ولابد من تقديم هذه المقدمة لأن هذه الحديقة أصبحت مزارا للعالم أجمع من السواح الأجانب كأنها متحفا مهما من متاحف العالم الشهيرة ! والسبب في ذلك هو إعادة البناء والترميم والصيانة التي بدءت منذ عام 2013 وجعلته بحلة جديدة و بعد الأنهيار الذي حصل لهذا القصر وحدائقه الغناء الجميلة زمن تقسيم الممتلكات بين العديد من الورثة للحاج محمد الكريسي حاجب (( السلطان مولاي عبد الحفيظ )) وبسبب عدم وجود الصيانة اختفت الاشجار من الجداشق والمياه والنافورات وتشوهت معالم الصروح الجميلة ..
الفنان التشكيلي العراقي طه سبع إنموذجا متطورا ..
في سفر تدوين الملامح العميقه لشخصيات مرت عبر التاريخ يتجسد فيها الإحساس بفن الرسم وتجسيد الصورة باللون منطلقا من جماليات عديده لاتتكرر في أعماله كأن الفنان عاش معها وتلمس حياتها وتعامل معها فكريا وفنيا وإنسانيا ..ونفسيا وهذه النقطة الأهم التي تعتبر حجز زاوية هذه الدراسة الموضوعية لأعمال الفنان المغترب عن الوطن أكثر من أربعين سنة إنشطر فيه الى شطرين حسب جذوره التي تمتد نفسيا الى العراق بغداد حي السلام
(( الطوبجي )) ، وبين المغرب الرباط وكازبلانكا ، ثم المستقر في مراكش مدينة النخيل والتراث ، التي أثرت فيه حتى جعلته يحل فيها ليس ضيفا إنما أصبح أبن البلد ، والذي ترتبت عليه في وضعه الجديد هذا عوامل نفسيه مؤثره !!
للبساطه حضور خاص في أعمال الفنان سبع ..
فهو يبحث فلسفيا ونفسيا بين أكوام التناقضات التي تتهوى وتسقط في فخ أمام تجربته المعقدة التي أمتدت على زمن أكثر من أربعين عاما يلتحف به غربته وفرشاته وألوانه وأفكاره متنقلا هنا وهناك , فتجد هذه ( الهنا والهناك في أعماله ) التي تسبر غور التاريخ ليسلطها على واقعنا الحالي المعيش ! فنجد أعماله تتداخل بأجواء متعددة :
(( بغداد ومراكش )) البغدادي أو المراكشي , هكذا يجد نفسه بين هاذين العناونين !
بكل القيم الفنية والأنسانية والوجود , القيم الفنيه التي تنتمي لعوالم التشكيل المختلفه قديماً , وحديثا حاضرة اليوم في أعماله الفنية ..راسما لنفسه بوصلة خاصه !
تجسيد فن مرئي متميز في قيم متعدده :
لاشك ان الفنان المبدع طه سبع يتقن فن اللعب في التشكيل من خلال صناعة :
اللون والفعل أو (( الدراية أو الخبرة )) والشخصيات والصلة بين الشعور والشحنات الإنفعالية والذات والوعي الذي يمهد الطريق لكل هذه الأشياء بالإضافة للخيال الرحيب الذي يتمتع به الفنان ! ..
هذا النوع من الفن يعتمد على الذائقه البصريه التي يسعى اليها دائما الفنان في أعماله التي إنتشرت في مدينة مراكش (( السياحية )) التي تأثر بالزوار (( الأجانب )) من كل حدب وصوب من أصقاع العالم , حينما يدخلوها تسحرهم بجمالها ومعالمها القديمة ..
طبعا بإستثناء (( العرب )) وللأسف الذين ياتون اليها باحثين عن أجواء السهر والرقص واللهو !دون أن يبحثوا في جمال مدينة النخيل أوالمدينة الحمراء ..
يسعى الفنان طه سبع من خلال عمله في هذا الجانب تقديم خاص لنبل ((الفنّ التشكيلي ))مع مجموعة من ألأطفال المتخلى عنهم من أجل تقديمهم كمجموعة مبدعة تعبر عن دواخلها للعالم أجمع ..
يترك لهم حرية التعبير والاختيار من أجل اهداف إنسانية ، ويُعطي المساحة التفكيريّة لطرفي المعادلة :
من من الزوار للتمتعّ من خلال البصر وعلاقاته بكل لوحة ..ومن فرح الأطفال وسعادتهم بما يقدموه !
حينما ترقص الألوان بيد الفنان المبدع ويعزف لها بريشته نكون في صفوة الجمال والزهو وقمة السمو في الأفكار ..
طه سبع فنان عراقي , أسم حفر له مكانا في مراكش ..
في نشاطات ((الفنادق الضخمه ذات الخمسة نجوم وفي صالات عرضها )) تكون هناك خصوصية للفنون التشكيلية مع الفنان العراقي المغترب ((طه سبع )), وقد رأيت في تلك المساهمات الفنية المتعددة أن هناك حراكا واضحا كما في مخططات المهرجانات الفنية التي تغطي المملكة من الشمال الى الجنوب شرقا وغربا , وهذا يعتبر دليل عافية وصحة خاصة وأن المملكة المغربية تشهد إحتفاليات كبيرة ومتعددة في مختلف الفنون الأخرى على مدى أيام العام ..
وفي هذه المناسبة التي أعتبرها (( الملتقى الحقيقي للفن التشكيلي )) الذي إنعقد في (( الحدائق السرية ))من خلال منظومة خاصة لشخصيه فاعلة – فكريا وفنيا –كان لحضورها البهي الجميل في هذا العالم الكوني أثرا بالغا ومهما جدا لدن (( السواح الأجانب )) الذين توقفوا كثيرا عند كل اللوحات التي إنتشرت على جدران غرف وصالات هذه ((الحدائق السرية )) التي تكلمنا عنها سابقا ..
تلسليط ضوء :
في هذه القراءة الفنية التي تسلط الضوء على مجموعة من الأعمال الفنية التي قدمت في مراكش اليوم , ونحن نتابع عن كثب , نجد نهوضا فنيا وثقافيا واسعا يشكل ثورة فنية و نهضة حقيقية شأنها شأن مايحدث من تطور في العالم الفني العربي بعامه وعند الفنان طه سبع بخاصة ..
غير أن ما يشكله الحدث الأهم في هذه النشاطات بان هناك خصوصية معينة في هذا البلد , حيث نجد هناك منظومة او مجموعة من العوامل (( التاريخية والنفسية بالأضافة الى الطبيعة الجغرافية )) في هذا البلد الذي يتكئ على تاريخ وتراث ثقافي كبيرين .. البلد الذي ينام على ضفاف الأطلسي كموقع جغرافي جميل ، وعلى تجارب ثقافية عبر حقبة طويلة من الزمن ومعايشة للغرب في كل تطوراته .
الأسلوب والتجربة .. الأولاد المتخلى عنهم ..
حتى تعكس لنا حقيقة فعلية بالملموس وبالتالي تفهما جديدا للفن في هذا البقعة من الأرض وباساليب فنية مختلفة .
ففي لوحات تشكيلية مميزة وبابتكار طريقة جديدة للعمل مع هذا الجيل الناشيء الجديد باختلاف الاعمار
( الأولاد المتخلى عنهم ) يرسمون بلغتهم والتعبير عن دواخلهم من خلال الفرشاة والالوان لرسم وبناء الإيقاعات الفنية الجميلة وفي رسم الطبيعة والأنسان وتقديم المعالجات الموضوعية و اللونية وإيقاعات التلوين القادم من فكر كل طفل تنينتمي لعالم خاص وبقيادة المايسترو الفنان الأب طه سبع ..
وقفنا وتمتعنا أمام طرائق متعددة تتمثل في مجموعة من الاساليب الفنية التي مزجت بين التجريدات اللونية المتداخلة و بعض الأشكال والخطوط والكتابة عبر لغات مختلفة لكل اللوحات , التي أعتبرتها عبارة عن ورشة فنية مع هؤلاء الاطفال ..
فانه يشكل لهم الأب الروحي و حاضنة فنية وباعثة ديناميكية مميزة في العمل الفني لجميع الأطفال من أجل إظهار كل الطاقات الخلاقة وهي تعمل في هذا المضمار الفني …
وكنت اتمنى في هذا النشاط المتعدد والواسع في الفنادق والأماكن الاثريه التي أعتبرها (تظاهرفنيه ) ان يلتقي هذا الفنان مع من يمثل وزارة الثقافة كالعادة بالحضور والمباركة لهعلى هذا المنجز المغربي – العراقي كي نساهم معه في اغناء هذه التجربة الفتية , كما وليطلع على هذا المنجز الذي هو بالأخير أشارة مضيئة لكل الثقافة والفن في المملكة ..
وهو أيضا يشكل خطوة إيجابيه تنفع وزارة الثقافة وتنفع واقع الطفولة ((المتخلى عنهم )) في آن واحد ..
حينما نتحدث عن البدايات لكل– موهبة او موهوبة — هنا في هذا الفن , لا ينبغي لنا نسيان ذلك المخاض الطويل الذي تفرضه كل ولادة صعبة على ما سيحدث في الواقع من متغيرات .. والفن بكل الوانه هو سيرورة حية.
لاغبار عليها, فالموهبة تولد من رحم المعاناة لتعيش في وعاء وفضاء الفن وتتنفس الوانه وعناصره الفنية الاخرى .
لانها تعطي نظرة خاصة تساهم في إيجاد أساليبب ونظرات مختلفه عما يدور في فلك (( الفن التشكيلي )) وتحديدا لدى الطفولة وعوالمها الكثيرة ,حيث يقدم لنا الفنان التشكيلي ( طه سبع ) فسيفساء الألوان مع أختلاف السطوح ..
حينما يندمج البصري واللون والضوء والشخصيات والتاريخ مع الذوق الفني الجمالي في تجليات ذلك الفن الجميل ..
نحن نقف اليوم في هذا الفن التشكيلي أمام اساليب متعددة من بلدان مختلفه تغزو الأفكار تحتوي:
الأنطباعية والفطرية التجريدية والسوريالية والتشخيصية الإنطباعية الى آخره من جميل الفن الذي يتاثر به أبناء البلد الواحد !
لوحات تعبر عن المجتمع .. تحمل رسائل كثيره من خلال الشخصيات التي تحضر في عمق التاريخ في مجمل اللوحات التي فيها الكثير من البوح والتلميحات عن حالاتها المجتمعية المختلف ..
لوحات بونوراميه فيها مرموزات , تستحق التوقف والتحدث فيها , لأنها تعبر عن القضايا العامة والخاصة في حياة الفنان طه سبع حيث نجد في اللوحة الكبيره التي تمتد على حيطان هذا المعلم الاثري( القصر الكبير ) الذي يمتد عمره للسلطان الذي تحدثنا عنه في زمنه والذي اعاد بناءه الايطالي من جديد وبعثت فيه الروح والحياة !!
لوحات يشابك فيها اللون والضوء والظل والخيال ناسجة لنا الخصب والحب والامل والتواصل عبر التاريخ والخيال
ان النزعة الذاتية للفنان الذي عاش اكثر من أربعين سنة في الغربة , تحمل في طياتها اعواما جميلة وسنين قحط !!
الحياة والغربة والعزلة خوفا من المجهول لتقدم لنا دلالة تعني بوجودها من خلال لوحات الفرح والحزن الذي يكتنفها
ونجد ان الفنان سبع وهويخطو بثقة نحو الامام طارقا عالم الحرية والصدق مع الذات في العمل الفني الذي يشكل له مساحة يؤمن بها ويعلن لنا وللعين المجرده التي وقفت أمام لوحاته هذه المتعدده , تلك التحولات الفنية الحياتية هنا في هذا القصرالكبير المتحف الفني ..
وأنا أتابع هذا المتحف , وجدت خفايا متعددة لهذا الفنان المتالق المحبوب و الذي يتكلم :
الأنجليزية والفرنسية والعربية , روحه ونفسه تنتقل بين لوحة وأخرى بين الألوان (( الباردة والحارة )) بين الشرق العراقي الروحي باغترابه وبين المغرب الأفريقي كوجود حي , بين الظل والضوء على كل السطوح الملونه الناعمة , نجدها تتلاعب في بناء الأشكال والموضوعات بين التجريد والتعبير ..
وربما بعضها من الواقعية إستنادا للشخصيات التي رسمها الينا .
هذا العرس الفني الذي يشكل علامة فارقة في خارطة (( فن التشكيل )) للفنان العراقي في بلاد المغرب التي عاش فيها أغلب عمره ,مستوفيا كل الشروط الفنية والتقنية المعززة بمتابعة من مسؤولين ليسواعرب , نرى اليوم معنى واضحا للفنون التعبيرية التي يعمل بها فنانوا العالم أجمع …
تجربة فريده ..
اليوم نرى أطفال من المغرب , بصحبة أستاذ من العراق , يجمعهم الرسم واللعب بالألوان بلا إنقطاع , هذا التواصل فيه من المقدرة بمكان على إستطاعتها تقديم ما تملك من رؤيا فنية متصلة بالفهم لمعنى القضية والغاية المقصودة للوصول الى عالم الفني الحقيقي الصحيح .
لوحات معنونة بأسماء جميلة أنسانية :
(( لنعش معا )) وهنا أنا ايضا أقول ليس من الضروري ان تحبس بهذا العنوان ، فهناك عنوانات تبدو أجمل ، وعلى العموم تبقى مفتوحة على عنوانات عديدة كثيرة ، ومنها:
( لقاء الخليقة )) عنوان هذه الدراسة النقدية الفنية ..
لوحات حرص علىيها ان تكون بانورامية ، فيها الماضي والحاضر ، وفيها المكان واللامكان ، الجد واللعب .
اللعب مهما بالنسبة له وهو الأسلوب الذي يشارك به الاطفال الفرح والمعرفة .
المنحوتات الآشورية القوية الواثقة طالما سحرته وأبهرته وسلبت لبه وهو السومري العراقي المنتمي لذلك العالم الساحر المعرفي .
نشاهد على اليمين ، ولكسر الصرامه وانسياقا مع اللعب – الفرح جعلها بوجه انثوي بيكاسوي. ومع هذا لم اينسى موازنة الموضوع بالعجلة الآشورية .
فنان مختلف في كل شيء عن أقرانه و هو متفرد حقا ..
أفرد للحيوان مساحة كبيرة في لوحاته ، نسأله عن تلك الحيوانات ؟؟ فيقول :
هم شرؤكائنا في الكوكب البهيج ، الأرض ، رغم مالحق به من دمار البقرة ، وزوج الحمير والجدي وإنتهاء بالعصافير,
في كل أعماله ..
كما نرى أيضا : أن الأسلوب والألوان تتدرج من الأكاديمية الى المعاصرة ..
اللوحة تجسد الترنيمة التي أترنم بها مع اطفالي وبكل اللغات؛ (( بالحب وحده فقط نعيش))
(( only with love we can live))
يقول :معقبا على مشاكساتي اليه :
حلمي أن يترنم بها كل المخلوقات على هذا الكوكب وأولهم مخاليق وادي الرافدين ..
إنتقالات نوعيه في الفن التشكيلي تثير الأنتباه , لان كل شيء يجري وفق فهم ودراسة معمقة لبناء قيم جديدة يبتكرها هذا الفنان المتفرد , ومن ثم يتم توظيفها لخدمة الفن بشكل يثير الجدل والنقاش , مارأيته من نقاشات مع سواح أجانب يلتقون به مندهشين بأعماله !
((الحديقة السريه ))..
مخدع الفنان الذي ينسج لنا به صياغات فنية تصويرية متنوعة حالمة , عاشق يرسم حكاياته القديمة من ((الحضارات السومرية و الإشورية )) وما تلتها من تطورات ليومنا هذا و باللون والفرشاة ,, يرسم لنا ما يعبر عنه من رفض , وجمال من حب يسقط الكراهية وينبذها بالوانه الجميلة الزاهية بسطوح لواحاته بالرغم من ضيق العيشة وضباب الواقع يرسم لنا حبا و يحلق بنا بأجنحة نحو السماء …
لابد من الأصطفاف مع هذا الفنان لانه يحتمل هموم الوطن العراقي وغربته وهموم الرسم وعذاباتها معا ..
ولانه ليس رساما فقط فهو ((شاعر وأديب )) وهذه تعطيه دفقات قلب مع كل نبض بحب عراقه الذي فقده منذ الشباب . هي حساسية تضايقه حينما يمر ذكرالعراق امامه , او حينما يسال من السواح الأجانب , من أي بلد أنت ؟
يقول لهم :
من العراق ,ميوزبوتانيا , بلاد النهرين , سومر وبابل وآشور ..والحضارات المتعاقبة الجدديدة …
يصور لنا الحب والدنيا والفرح وحتى الهم والحزن , هو سيد البوح العفوي في لوحاته الجميلة النادرة والمعروفة في كل مكان وضعها في المغرب ..
يمتلك ضربات متعاقبة في خلق مناخ اللوحة يوحي لنا بها بما يتفق عليه , بعض منها بالقلق والأضطراب وبعض منها بالحب والعاطفة وهذه مسالة طبيعية ومنها من يحمل العفوية والصدق ..
فنان حالم يتمتع بروح الفن الأصيل .. داخل حدود اطارات المملكة المغربية منذ اربعين عاما , نتمنى له التحليق خارج هذا الفضاء ..
ماجاء في أعماله :
تشابك الالوان .. الملمس الناعم للفكرة والموضوعة .. لديه الحكايا تخلق لنا إشكالا جديدة في حياتنا وتنتج لنا رؤيا جديدة وسط تلك العذابات ..
عذابات الروح في غربتها انتجت هؤلاء الشخصيات الذين تجمعوا خلف الفرشاة واللون ممتدين على زمن ليس له حدود..
كنت في غاية السعادة وأنا أتمتع بلذة فنية ساحرة في قرأة هذه اللوحات وبهذه المجموعة الخيرة من الأعمال الفنية المتنوعة والمختلفة ..
لوحات جميلة تستحق التوقف والتمعن والنظر فيها .
وأنا من المتابعين لحركة الفن التشكيلي التي تدور حولنا في هذا العالم الرحيب بدءا من الحركة المحلية … والعربية .. والعالمية العالمية ..
هذه الفرصة والفرص الآخرى التي رايتها وتابعتها في صالات عرض بفنادق هي الأولى في مراكش مثال على على ذلك :
(( الفورسيزن ))) ((نورا )) (( الحديقة السرية ))
و التي تقدم أعمالا جديرة بالمتابعة والاهتمام للأجانب وتسمح لنا ايضا ان نتوقف عندها — بقراءات نقدية — قد تغني فضاءات هذا الفن الجميل ..
ومقولتي التي أكررها دائما :
الناقد يتابع الجديد ويؤشر على ماهو جميل وماهو قبيح كما في عملية :
( الغروتسك البحث عن الجمال في القبح أو العكس أيضا ) ومن ثم يؤشرعلى الأعمال المكررة التي تعيد نفسها ولاتتقدم بل تبقى تراوح في مكانها وتثير لنا هشاشة معينة !!
وهنا يبدي ملاحظاته فيها لانه بطبيعة الحال يبحث عن الجديد والحداثة في الفن !وهذا وجدته في أعمال وأفكار الفنان العراقي المغترب (( طه سبع )) ..
وكذلك يقف الناقد أيضا أمام أعمال فنية أخرى مختلفة تتحرك بقوة وفاعلية عالية بفعل الموضوع وطاقة اللون وفكر الفنان ومعايشته لمحيطه باتجاه التطورالصحيح وصراعاته اليومية المهمة جدا مع الواقع ومشاكله وأستنتاج ماهو جديد كي يبقى طليعي في مرحلته من دون تخلف !
أعمال لابد من التوقف أمامها وقرائتها بشكل نقدي,, وبشكل فني يستحق التحليل . ولأنها تلامس الحياة الانسانية والواقع المعيش , و التي تتسم بعمق المعاني والدلالات والذائقة الجمالية لهذا الفن الرفيع المستوى ..
أن هذا التتشابك مع بعضه بعض جاء لنا ليترجم الحس الفني التي يملكه الفنان بحق في الشكل والمضمون .
تتميز أعماله بالواقعية أقرب الى التعبيرية والتاثيرية كما أسلفت .
فأدوات مثل الفرشاة .. التعبيير .. الذائقة الجمالية .. القيم الفنية الجمالية .. الترميز .. التعبير .. الحكايا التي تزخر بها اللوحات والأسلوب ..
تحدد هذا كله باهم المكونات والعناصر الموضوعية في بناءعمليةالتفضيل الجمالي للزمان والمكان في اللوحة بمعنى
( الجوانب المختلفة من خبرة التذوق الفني والتاثيرات السايكولوجية التي تتدخل في جميع عمليات التذوق العابر او النقد المتمهل ) .. كل هذه الصفات نجدها في روحية وفكر الفنان طه سبع ..
أقولها بفخر وإعتزاز أنا القادم من بلاد الطين , من بلاد الخزف والتشكيل وخلق الألوان , من أوروك ..
من حضارة الطين واللون والفخار ,, من بلد الأنفعالات والتساؤلات ,من بلد الشك و التمرد على الفن أقولها اليك :
دمت فنانا كبيرا ..
جميع اللوحات الجميلة التي فيها إشتغال أكثر رصانه وجمالية من ناحية توظيف طاقة الخطوط والأشكال لخلق ورسم وجوه متناثرة على مساحات اللوحة بشكل متناسق .. شيء يستحق التوقف والتمعن بها .
وهنا لابد أن اقول شيئا آخر :
أغلب الأعمال (( مجموعة الاطفال أو بريشة الفنان طه سبع )) :
تمتاز بالبعد الجمالي الرائع المذهل ..فيها ايضا من الجرأة باستخدام اللون مع الأطفال ..
تعتبر تجربة جديدة واعدة تحتاج الى تطوير مستمر من خلال التدريب المستمر لهم ,, لوحات كبيرة ,تؤسس شيء جديد للمستقبل في ((عناوينها وموضوعاتها واشكالها ) .
تساهم في بناء أو خلق جهد بصري وفني للمشاهد وتعطيه خيالات متعددة .. هذا ما لاحظته مع الزوار الاجانب , بالاضافة الى استخدام اللون بلغة تشكيلية فنيه فيه من التوافق يعطي قوة فنية لوجود فعل في هذه اللوحات ..
وهذا هو المهم بالنسبة لي ,, الفعل والحركة ,, من خلال ضربات الخطوط المتعاقبة ,, الظلال ,, الضوء ,, الفراغ وكيفية التعامل معه وإملائه ,,, توزيع الكتل الذي يجب أن يتناسق كي يعطينا لوحة موسيقية فيه يبرز الميزانسين أي
( التشكيل الحركي ) داخل اللوحة بشكل متناسق .
كارزمه متفرده :
كارزما متفردة للفنان طه سبع في كل المجالات و في هذا الفن ,, بمعنى آخر له شخصية ساحرة وكانه يجسد لنا فن :
( السرد القصصي والحكايا بالألوان والخطوط الى آخره )..
أن العمل على تجسيد – الوجوه – في كل اللوحات التي عجبتني جدا .. وجوه تطمح لعالم واحد فيه الحب والسلام !
أن مفهوم الغوص في الألوان معناه هناك في القاع الألاء والجواهر والدرر في تلك المياه الملونه وتتحول لنا صور جمالية بالالوان الرائعة .
بصراحة ناقد لأن (( التفضيل الجمالي في اللوحة )) يمثل لي رؤيا خاصة أعتز بها .. والأكثر من هذا تعبر لي عن طريقة تلامس شغاف القلب ..
هي أيضا عملية (( تذوق فني )) يكشف حقيقة الفنان ومواضيعه وأثرها على المتفرج والمتذوق ,,, جميل اللوحات وصورها ورسمها .. واأنت تقف أمامها تنطر اليها من عدة زوايا ..
ولأننا نهتم في هذا الفن الجميل فانه أيضا يخضع لقراءات مختلفة و من زوايا عديدة لإنها تجربة جديدة واعدة , لذلك نحتاج الى مثل هذه الأعمال الحقيقية ..
نعمة يوسف
بغداد مراكش
هولندا