قراءة في المجموعة الشعرية ”ذاكرة الفصول“ للشاعر العراقي الكندي الأستاذ يقظان الحسيني
د. أسماء سنجاري
للحروب والظروف السياسية غير المسالمة ندوبها الواضحة على من يشهدها ومن الصعب على الشاعر تجاهل صداها الموحش المنعكس في الحرف. يؤمن الشاعر يقظان الحسيني بأهمية الكلمة في توثيق التجربة الإنسانية وخلود معانيها ويعلن ثوريته الصادحة ويقدم في مجموعته الشعرية ذاكرة الفصول قصائد ملونة بالحنين والأمل الصعب. أصدرت المجموعة دار الفالفا في اسبانيا عام 2010.
“تناثرت القصائدُ لمّا تناثرت الشظايا”
….
“مَنْ قال أن الشعراءَ سيهجعون أو صوتهم يخبوا ؟”
قصيدة: شظايا وقصائد
يستسلم الشاعر لحالة اليأس حين يشعر بالإرهاق والعجز.
“لم نكن نعرفُ أننا أوهى من الدقائقِ المتساقطة
كأوراقِ توت فقدنا قبضاتنا ولا سواعد للريح
كلنا هشيمُ حريقٍ ابتدأ ولم ينته”
قصيدة: صباح الفراتين
ويحاول أن يشير إلى أن محاولات البدء لا تنتهي.
“هم يلملمون ما تهطّل من صمتهم
ومن ضآلة اللحظات في عريّها”
قصيدة: جرأة الأجنحة
من الصعب تجميل النهايات الموجعة بمسحة الأمل.
“لا حول للمسافةِ في المطاف الأخير
من الركون
لا حول لي في لجةِ الغياب”
قصيدة: انتظـارات
لا منفذ حين يكون البعد مشوبًا بالحزن والتجارب المؤلمة.
“بيننا الريحُ
بيننا البحرُ
هلمّي
وفرٌ هي الذكريات الجراح”
قصيدة: مطاف
مواجهة الحقيقة مهما كانت طبيعتها ربما فيها الخلاص من المتاعب المتراكمة في الروح.
“سيعرفون ويعترفون لذاكرة الفصول
أنهم صفدوا أشجارهم
وقت خريفها
وأدوا أهدابها
وأباحوا في نسغها مرارتهم”
قصيدة: ذاكرة الفصول
ويبقى الأمل بوطن ينصف الإنسان وينتصر لحقوقه.
“وهذا أنا
أتفاقم في لعبةِ الجائرين
مخافةَ أن أصحو
على بقايا وطن”
قصيدة: بقايا وطن
كيف للإنسان أن يلملم حزنه وأن ينقذ تجاربه من الأفول في سوداوية غير مجدية؟
“البكاءُ علّمَ الأشياءَ أن تبتسم
دون أن يعلّمني
فوقفتُ منتظراً
ومشيتُ منتظراً
ورحلتُ منتظراً“
قصيدة: بكاء
ما الذي يجنيه الفرد من الحروب المفروضة عليه؟ ما الذي يحصده الوطن المنكوب بها؟
“الحروبُ التي نزحت الينا
سيولا تجرفُ الندى
عتقنا الفراشَ قرابيناً لدخانها”
قصيدة: حروب
تترك الطبيعة بصمتها على الفكرة والرحلة وتنعكس صورها في الفنون المختلفة والقصائد مهما كانت موشومة بالأسى.
“على أيّ نرجسةٍ سأحنو ؟
تترفقُ بلمس أصابعي
وتمسحُ الرماد
أنا خوفٌ بلا أجنحة
خجلٌ بلا مياه”
قصيدة: نرجسة
لغة الشاعر يقظان الحسيني غير مباشرة عادة وتحتاج بعض المقاطع إلى أكثر من قراءة كي نلمس أنينها وشفافيتها وموسيقاها. أضاف الشاعر إلى الآفاق الإبداعية قصائد جادة مكتنزة بالشجن العراقي والإنساني وغنية بدعوتها المخلصة إلى الخير العام والسلام.