لست وحدكَ حزيناً…
بالكاد.. تلمحُ صوتكَ،
أنا أيضاً حزينة…
بالكاد.. لا أسمعكَ !
أنمو بعيدة في حذر، كشجرة برية موحشة.
أنضج ببطء وتعب، فتتقارب الظلال،
وأُشخصُ ببصري دون جدوى!
لست وحدكَ عدميّاً..
أنا أيضا مثلكَ، مؤذية كشهوة الوجع
أنام في لحاء سميك عبثيّ الملمس
أخضرُّ في أناتي،
أشدُّ طولي،
أُبرِّدُ الهواء،
ولا تطير أوراقي ؛
ولا تتعرق أغصاني؛
أتجرّدُ كتمثال هادئ،
تفِرُّ من أوكاري النوارس والرسائل،
ويجفّ الحبّ من ضِرع الخشوع والابتهال.
لست وحدكَ مزدحماً كطريقٍ!
أنا مثلكَ مكتظة بجرائمي؛
أعانق الشفق المصفر، وأهذي في محراب فسيح.
أسوس الحزن إلى مثواه الأخير وأقبّل المطر من زنده
أنتَ لست الوحيد الذي يؤلمني…
فلا تعتذر!
أنا أيضا أُؤلمني جداً
أقطع عنقي ألف مرّة في الطريق
ألتفتُ إليكَ لتدثرني الريح بملاءات الحزن الوفير
لست وحدكَ الميت!
أنا مثلكَ عروس قطنية أراقص أطرافي
غريبة..
بالكاد أعرف عنوان بيتي
وأثر الطاولة والمقاعد والقواقع
أحرس نغم الجاز وطعم النبيذ
أضل الطريق الى السرير
أنا مثلكَ بلا فائدة…
لا أتقن إلّا سواكِ!
أتضخم لأجلكَ..
أتبخر من أجلي
أكابر الأوجاع من أجل دعوة عشاء
أنازع فيها سقوطكَ
وأروض سقوطي من تحت القماش
كي أبدو هادئة..
أنيقة..
ألاعبُ أزراركَ
أتوه كالأميرات في شَعركَ المرصف بأقلام حمراء
وموانع من خزرات
لكنّي أجيد القراءة
ولا أجيد الكتابة…
برغم ما كتبت،
أعوّل على بكائي كلّما أحببت نصاً
أذكركَ دون قصيد
أذوب في بهاء وضنیٰ
أقضم أصابعي لأرسمكَ في ضياء
وأكتبني شاعرة مثلكَ
أركل الدمى والأحذية،
أصفع الأبواب
أشتم العالم
وكل الأرباب
مثلكَ
أدخن بشراهة
أسكر بشراهة
أجوب عارية في منتصف الحديث
لا أنظر إلى الساعة
مثلكَ
يُصيّرني خطّكَ الرديء ذئبة بيضاء
تطارد الغزلان والطيور
فأعجز عن الصراخ
لأحبّكَ مع مطلع كل حرف
مع انني لا أجيد الكتابة
لكنكَ لست وحدكَ شاعراً
تطوي الارض في نهديّ
تفجر نهر أنفاسكَ في وريدي
أنا أيضا، طوّقت السماء
سجنت الشمس في فجوة أصابعكَ الحزينة
لأني…
مثلكَ
يا أنت…!
نسرين المسعودي