ثامر سعيد
لقد تَعلمْنا كيفَ نقولُ وداعاً
يا مولانا الرومي ,
نقولُها بصيغةٍ أخرى
نحنُ الذين أوشكنا على الحياةِ
وتركنا دروباً كثيرةً في رؤوسِنا
تتمرغُ على عشبِ النسيان .
من شرفاتٍ تَشرفُ على الخواءِ ,
نقولُها ,
ونحنُ نراقبُ نشراتِ الأخبارِ
بقلوبٍ محجورةٍ ,
نقولُها ,
ونقولُها أيضاً من صحونٍ فارغةٍ
ومساطرَ غادرها الأجَراءُ .
أو حينَ نُحلّقُ بأجنحةٍ مكسّرَةٍ
في سماواتِ مارك زوكربيرج الزّرقِ .
كدنّا أن ننساها يا مولانا
مع عصافيرِ النّارِ التي كانت
تئزُّ بيننا
في المزاغلِ أو الساحاتِ ,
والحِمَمِ الفاجرةِ وهي تعلِّقنا
من دمائِنا بالنجومِ .
من قالَ أنها لا تحنُّ وتضطرِبُ
تلكَ الصناديقُ المحمولةُ بالشاحناتِ ؟
تتأرجحُ بصمتٍ وتتكلمُ دون كلامٍ
لكني أسمعُ صمتَ نَزعِهم
كسربٍ ملائكةٍ يرقصونَ حفاةً
على الماء .
هل تدري ..
إنّ جحيمُكَ تحتاجُ مهاراتٍ
كثيرةً يا دانتي
كي تعبرَ بهم نهرَكَ المُطهِرَ
إلى الشجرةِ ؟
عليكَ أن تملأَ حقيبةَ بياتريس المرشدة
بكماماتٍ وفيرةٍ
وكثيرٍ من المعقماتِ .
وتحشو رئاتهم المنخوبةَ , بضوءٍ جديدٍ
وهواءٍ نظيفٍ يذكي الغناءَ
عسى أن يهدأ
هذا الوَجلُ في بحيرةِ قلبِكَ
ويغادركَ الوحشُ القابلُ
برأسٍ مرفوعٍ وجوعٍ غاضبٍ .
لقد ظلَّ أشقرُ المحافظينَ في لندنَ
يرددُها بصوتٍ جَزعٍ :
( استعدوا لتوديعِ أحبابَكم )
حتى عانقهُ العطاسُ .
هي ما شبعتْ بعدُ من الهواءِ
لكني أسمعها تثرثرُ
في عين الزوبعة
وتنثرُ أسئلتَها على العابرينَ
النعوشُ .
أيّها اللقيطُ المُلتبسُ
إلى مَ تدورُ من عتبةٍ إلى أخرى
بينما شرطةُ القبائلِ
مازالتْ تفتشُ عن أمِكَ الغامضةِ
لتُقيمَ عليها الحدَّ ؟