(1) الإعتداء الجنسي فواعل عدة و مفعول وحيد – المرأة –
رفيقة بو حيدر
في أي أرض نجد هذه الفلسفة لا تنفك عن الأذهان البشرية , هي لعنة أكثر من كونها كارثة اجتماعية إقصائية بتقزز مشين .
عادة ما يقف الجميع موقف المساند و المناصر للذين يقعون ضحايا جرائم قتل أو سرقة أو نصب أو حرب و هذا ليس بالأمر الغريب , أما في ما يخص الجرائم الجنسية دائما ما يقع اللوم على عاتق المفعول به لتصبح الجريمة جريمتين في حق الضحية فتعرضها للإعتداء الجنسي أو للتحرش أول العذابات التي سيضاعفها لها المجتمع الغارق في فلسفة الفاعل المرفوع عنه ذنبه و المفعول المصلوب بذنب غيره .
عند ذكر الإعتداء الجنسي تخطر إلى أذهاننا صور جنسية عدة لكن الصورة الثابتة التي لا تتغير هي صورة مصحوبة بالاشمئزاز من الضحية و هي ملقاة تحت ذلك المجرم الشره , هذه أول الدوافع التي تجعل المجتمع يخلق صورة مقززة للضحية المفعول بها و بالتالي تصبح عملية النبذ لتلك الضحية طريقة غير مباشرة لنبذ تلك الصورة من الأذهان خاصة أنها تتصاحب بكلمة ( لو ) لو كنت مكانها , لو كان أخي , أختي , ابني , ابنتي مكانها, هذه التخيلات تحفز الدفاعات ضدها فيصبح النبذ للضحية الطريقة المثلى للتخلص من كل تلك المخاوف , و يمكن ملاحظت ذلك النبذ من خلال ردة فعل المجتمع فهو يتجنب الاحتكاك بالضحية و بأهلها و يدعو للابتعاد عنها قدر الإمكان فهي نذير شؤم و وحمة عار و صورة أخرى للعاهرة أو للمخنث في أذهانهم المتعفة , و لا يقف الإمر عند النبذ إنما بالتذكير المستمر تحت وطأة تعدد السيناريوهات المخروقة بالبهارات النجسة فتصبح هذه القضية فيلماً إباحياً تتناقله ألسنة المجتمع , مما يخلق ردة فعل معاكسة من الضحية و أهلها فيعتزلون المجتمع و قد يسعون لتغيير محل إقامتهم أو العمل و الدراسة , فقط لتجنب الضرر اللاحق بهم من المجتمع .
ردود الفعل من المجتمع و الضحية التي لم تتغير ترسخ صورة الضحية النجسة المنبوذة من المجتمع بذنب المجرم الحقيقي الذي لا يهول فعله الآثم المقزز و حتى أن عقوبات المجرّمين بالاعتداء الجنسي و التحرش لا تعد عقوبات نظراً للجريمة المرتكبة بحق الضحية .
أيعقل ?! أيرضاها الضمير الإنساني – و إن كنت أتحفظ على مصطلح الضمير الإنساني – ?! أن تعاني الضحية من الإعتداء الجنسي و ما يصحبه من عذابات نفسية و جسدية و من النظرة المجتمعية الشنيعة و النبذ الإجتماعي و ختاما لعذاباتها عذاب أبدي بأن ذلك المجرم اللعين يخرج حراً طليقاً بعد أشهر معدودة أو أن تقدم له الضحية على فراش من الشوك و الجراح تحت رجاء الستر بالزواج ?!
أهذا حكم الدين ?! ألن تتوقف أحكام العضو الذكري تحت راية الدين – الإسلام – من اجترار المرأة من جحيم إلى آخر حتى تملأ جحيم الأبد منهن .
و لنأخذ البحرين نموذجاً خليجاً لهذه المهزلة المقرفة تقول الكاتبة منى فضل عباس في مقال تتناول فيه المادة 353 من قانون العقوبات البحريني : ( في مادتنا (353) بتزويج الخاطف أو المغتصب بالمغتصبة البالغة أو القاصر المغرّر بها من الجاني، وبما يحميه هذا الزواج من المتابعة إلا في حالة الشكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، بيد أنهم وفي إطار إلغاء المادة وتعديل قوانينهم الجنائية، تم إضافة فقرة إلى الفصل (486) المتعلق بالاغتصاب، مضمونها يشير إلى أن «كل ممارسة جنسية بين رجل راشد وفتاة قاصر يعتبر اغتصاباً حتى لو وجد الرضى»، بمعنى إنه شدّد العقوبة هنا تبعاً للمقرّر في جريمة الاغتصاب )* , المادة تشوه نفسها بنفسها و تشرح نتانتها بنفسها و تفضح الأبعاد الذكورية في ما يخص المرأة , لا شيء يدعو أي عاقل أن يضع هذا النص في دستوره إلا المسايرة الحمقاء للقديم الأبله و هو ليس أبله فقط إنما جنسي بحقارة منوية .
أبعد هذا النص الصريح الذي يقوم بتحويل الإغتصاب من ألم ماض إلى ألم متكرر , لا يحق لنا كنساء رفع الخوازيق في وجه الذكورة المتعظمة في هذا المجتمع ؟ لا عذر للنساء إن سكتن إلا أنهن ذكور بمهابل بيولوجية ..