يتهمه خصومه بأنه أميركي الهوى.. تعرف على جهاز مكافحة الإرهاب العراقي ولماذا يتقرّب الكاظمي منه؟
صلاح حسن بابان
انقسمت الآراء حول أسباب أو لغز تقرّب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من جهاز مكافحة الإرهاب، وهو نخبة من أبرز القوات العراقية، تأسس عام 2007 ودربته الولايات المتحدة وزودته بأحدث الأجهزة والمعدات العسكرية، وكان بمثابة رأس الحربة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2014 و2017 أثناء استعادة المناطق من سيطرته.
وبدأت أولى خطوات الكاظمي لكسب ود الجهاز بإعادة الفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي إليه وتعيينه رئيسا له يوم 9 مايو/أيار الماضي بعد مناداته بالأخ ووصفه بـ”البطل” بعدما تمّت إزاحته من قبل رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ونقله إلى وزارة الدفاع نهاية العام المنصرم دون معرفة الأسباب. ويعد الساعدي من أبرز الضباط وأكثرهم كفاءة، وشارك في معارك طاحنة ضد تنظيم الدولة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين.
ومن الأسباب التي تدفع الكاظمي أكثر نحو الجهاز أنه يتمتع بقدرات قتالية عالية، ولا يدين بالولاء للأحزاب والكتل السياسية ولا يتأثر بالخلفيات المذهبية أو القومية.
ويُتهم الجهاز باستمرار أنه مقرّب جدا من الولايات المتحدة أكثر من إيران، وهو يرتبط بحكم قانونه برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي حصرا، ويستلم أوامره وتوجيهاته في مهامه منه.
المهمات الصعبة
ولم يبخل الكاظمي -حسب المتحدث الرسمي باسم الجهاز صباح النعمان- في اهتمامه بقوات مكافحة الإرهاب، والاستمرار في استثمار إمكانياته وقدراته في هزيمة تنظيم الدولة ومنع عودته إلى البلاد، عازيا العلاقة القوية والارتباط الوثيق بين الطرفين لارتباطه قانونا به حصرا.
واعتاد الكاظمي منذ وصوله إلى الحكم أن يوكل الجهاز دون القوات الأخرى تنفيذ المهمات والواجبات الصعبة منها إدارة المنافذ والمعابر ومداهمة مقرات الفصائل المسلحة.
وأصدر الكاظمي مطلع الشهر الجاري أمرا ديوانيا بتشكيل لجنة دائمة تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية، وتمنح كل الصلاحيات المطلوبة لتحقيق هيبة القانون في المجتمع واستعادة حقوق الدولة والمواطن من الفاسدين والمعتدين، على أن يتولى جهاز مكافحة الإرهاب تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة المتعلقة بالقضايا التي تخص عمل هذه اللجنة وفقا للقانون.
ويقول النعمان للجزيرة نت إن المهمة الرئيسية للجهاز تكمن في متابعة التنظيمات الإرهابية ومصادرها وكل ما يتعلق بها، إضافةً إلى أن الجهاز ينفذ إستراتيجيته في مجال الوقاية والحد من الإرهاب، مؤكدا أن الفساد عامل رئيسي ومهم في الإرهاب والترويج له.
الأهرامات الثلاثة
وتنعت الأحزاب المتربعة على الساحة والمنفردة بالمنظومة السياسية الجهاز بأنه أميركي، إلا أن هذا الأمر غير صحيح بتاتا رغم أن مستوى تدريبه وتسليحه وتجهيزه بأحداث الأجهزة والمعدات العسكرية كان بإشراف القوات الأميركية ودعم مباشر منها، كما يقول الخبير العسكري والعميد السابق في الجيش العراقي أعياد الطوفان.
وفشلت الأحزاب في العراق في اختراق الجهاز حتى الآن، وهذا ما جعل مرجعيته للوطن بنسبة 90% وليس للأحزاب السياسية وأجنحتها المسلحة، حسب الطوفان، مشيرا الى استمرار الأحزاب في التسقيط وتوجيه التهم للجهاز.
ويواجه الكاظمي في المرحلة الحالية تركة ثقيلة جدا يمكن وصفها بـ”الأهرامات الثلاثة”، وهي الفساد والفصائل التي تحمي الأحزاب والطبقة الفاسدة، والسلاح المنفلت والعصابات والمافيات، كما يرى الطوفان في رده على سؤال للجزيرة عن أبرز أسباب تقرّب الكاظمي من جهاز مكافحة الإرهاب دون الأجهزة الأمنية الأخرى.
ويصف الطوفان أسلحة الكاظمي لتدمير هذه الأهرامات بأنها “بسيطة ومتواضعة جدا” لا ترقى إلى حجم المسؤولية، وهذا ما يدفعه إلى التقرب باستمرار للجهاز مع عدم ضمان الجيش لكونه يضم ما يعرفون بالضباط الدمج (ضباط تم نقلهم إلى وزارة الداخلية والدفاع في حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005 دون أن تنطبق عليهم شروط الشهادة واللياقة البدنية والمؤهلات العلمية والصحية ولا حتى العمر).
وعن مدى نجاح الكاظمي في الاعتماد على إمكانيات الجهاز وشراسته في مواجهة الفساد والفصائل المسلحة وإعادة هيبة الدولة، يقول الطوفان إن رئيس الوزراء لا يستطيع لوحده مع الجهاز مواجهة الفصائل والسلاح المنفلت بهذه البدايات الخجولة وعدم وجود أي قوة أخرى يستند عليها في هذا الأمر غير جهاز مكافحة الإرهاب.
تنظيم عال
من جانبه استبعد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ناصر محيي أن يكون لغز تقرب الكاظمي من الجهاز خوفا من حدوث انقلاب عسكري ضده من خلال استغلال الخلفية المذهبية والقومية لجزء واسع من الجيش العراقي من قبل الأحزاب السياسية المتنفذة في البلاد مع وجود أكثر من قوة عسكرية رسمية وعدم خضوعها لأمر وتوجيه واحد.
ويرى محيي في حديثه للجزيرة نت أنه من حق الكاظمي بصفته القائد العام للقوات المسلحة الاستناد على جهاز مكافحة الإرهاب لأنه يمتاز بالتنظيم الجيد والقدرات القتالية المميزة والمرنة والتي تمكنه من تحريكه بالاتجاه الذي يراه مناسبا، والاعتماد عليه أكثر من القطاعات الأخرى كما هي الحال في الكثير من بلدان العالم بوجود قوة تُستخدم في تنفيذ المهام والواجبات الصعبة.