زينة الرمحين
بقلمها المتميز وكتاباتها التي تخفي بين سطورها لوناً شعرياً مميزاً، بدأت على الرغم من صغر سنها لتكون صرخة أنثوية في سماء الشعرالسوري.
هي الشاعرة السورية “يارا المحاميد” والتي التقاها موقع “eSyria” بتاريخ 9/4/2012 حيث بدأت الحديث عن بدايات كتابتها للشعر فقالت:
«كانت بدايتي قديمة بعض الشيء منذ المرحلة الابتدائية ولم تكن تتعدى بعض الأفكار المرهفة بنعومة طفولتها حول الوطن والحب والطبيعة، وكانت محاولاتي الأولى في الكتابة كأي طفلة لا تتجاوز بعض الافكار المرصوفة التي تدور حول الوطن والطبيعة ومحبة الاهل، مما لفت انتباه بعض المعلمات لتجربتي الصغيرة، أما الأهم فكان اهتمام والدي الكبير بموهبتي وأذكر للآن كيف اشترى لي دفتراً ملوناً فاخراً وطلب أن أكتب كل ما يجول في نفسي على أوراقه التي زينها لي ببعض رسوماته الجميلة، أخذاً بتوجيهي وابداء الملاحظات على كل ما تخطه يداي داعماً أحياناً وناقداً أحياناً أخرى، حتى باتت لكتاباتي نكهتها الخاصة وأسلوبها الشعري أي امتلاكي لبعض مقومات القصيدة».
إن هذه البيئة التي عشت فيها بين لوحات والدي واهتمام والدتي ودفاتري هي التي أسست ليارا الشاعرة..
سألناها بعد ذلك عن المرحلة التي تلت هذه البداية فأجابت: «في المرحلة الاعدادية تحديداً قرأت أول كتبي المهمة وكان اسمه (هكذا تكلم زرادشت لنيتشه)، وابتدأت من بعدها مسيرة التسكع بين أروقة الكتب الفكرية والفلسفية دون توقف، فكنت أهتم بالروحانيات فقرأت “لطاغور، وأوشو، وكولن ولسن، وكريشنا مورتي، وسارتر”، مع عشقي الكبير للأسطورة اليونانية والاغريقية، ففرحت بشغف أرض عطشى لأول هطولات المطر».
تلك كانت مراحلي الاولى برسم الهيكل الداخلي لذاكرتي الثقافية والأدبية التي بنيت عليها فيما بعد.
في مسيرتي القصيرة نسبيا كان سندي الأول والدي ووالدتي وبعض أصدقائهما ممن لهم الباع بهذا المجال، لكن بعد أن تم القرار بإخراج مجموعتي الشعرية الأولى التي ألفتها طوال تلك المدة للنور، كان لابد من الأخذ برأي بعض أصحاب الاختصاص فكان أول من قرأها الأستاذ “عادل محمود” الذي وجهني
الديوان الأول
ببعض نصائحه القيّمة، والاستاذ “مصطفى مقداد”، والاستاذ “حسين خليفة”، والفنان “رائد خليل” وعدد من الكتاب والمهتمين.
*من هم الشعراء الذين شدوا انتباهك لقراءة الشعر ليزداد اهتمامك به إلى حد الكتابة والتأليف؟
** “نزار قباني” ومن ثم أدونيس وأنسي الحاج وسنية صالح والماغوط”، فعشقت هذا الأدب وهذه النوعية، وغصت لأقصى الدرجات مع “نيرودا، وبودلير”، ومن الأدب النسائي قرأت كل ما كتبت “غادة السمان، وأحلام مستغانمي”، وأنا أملك حالياً مكتبة الكترونية تحوي آلاف الكتب وألتهم كل الانواع والثقافات حتى السياسية والدينية منها.
*هل كان لمواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية دور أساسي في انطلاقة الشاعرة “يارا” ؟
** بالنسبة للفيس بوك هو عالم آخر بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، هو أمسية شعرية يومية، وعرض مسرحي يومي، وطريقة تواصل مباشر بين الشاعر وقرائه، فلم يعد الشاعر أسطورة مخفية عن العالم لا يراه إلا بعض النخب في الأمسيات الشعرية الغير متاحة، وإنما أصبح الأمر متاحاً، ومن السهل الاطلاع عليه، هذا ناهيك عن الانتشار وتكوين الصداقات مع زملاء المهنة من كل أنحاء الوطن وخارجه مما كان من الصعب تحقيقه بدونه، كما يفرض موقع التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك” على الشاعر أسلوباً آخراً بالتعاطي والنثر، فمن غير المستحب طبعاً نشر القصائد الطويلة، وبمعنى آخر أجبرنا على تكثيف النص من خلال العمق واختزال الفكرة الغارقة في العمق، كما الصعقة الصغيرة والقوية والمؤثرة في شعر “الهايكو الياباني”.
إضافة إلى التواصل اليومي مع الحدث ومع نبض الشارع لحظة بلحظة ، عشت حالة خاصة لعبت دوراً كبيراً في الاسراع بظهور مجموعتي الشعرية التي ألفتها خلال عشرين يوماً فقط تحت عنوان: “عاشقة في قبضة رجل القبيلة”، والتي اعتبرتها صرختي الأنثوية على ظلم القبيلة والرجل والغدر بشكل عام، مما أثار حولي الكثير من الانتقادات، لكن ذلك زاد من اندفاع قلمي نحو الأمام، فأنهيت مجموعتي الثانية “امرأة نحتت من الغيوم” التي جعلتها أكثر روحانية وعمقاً، حيث سيطرت عليها بعض ملامح سكوني الداخلي ولم تلغ استمرار تلك الثورة، ومع ذلك لم أستطع أن أصور كل انفعالاتي داخل قصائدي ومجموعتيَّ الشعريتين فبدأت بمجموعة قصصية أطلقت عليها مبدئيا “حبر على ورق” استطعت فيها أن أحاور الحياة والرجل بصورة أفضل وأكثر وضوحا وسلاسة.
في كتاباتي أخاطب الرجل وأحاول أن أجمع حولي كل الأصوات التي ترفض ظلم الرجل الشرقي وغيره .. أحاول أن أفجر ثورة جديدة في الحب ومفاهيمه، وأن أعيد ترتيب الأولويات، وأن أضع قواعد جديدة تتناسب مع عصرنا ومع القرن الواحد والعشرين، وللتو ومن وحي الازمة الحالية التي تعصف ببلدنا الحبيب “سورية” انهيت أيضا مجموعتي الشعرية الثالثة ( حب على ارصفة الحرب ) وبانتظار تبنيها من أحد دور النشر لطباعتها.
*هل سبق لك المشاركة في أية أمسيات شعرية؟
**بالنسبة للأمسيات الشعرية لم يتسن لي بعد إقامة أي منها، فأنا مازلت حديثة العهد على الساحة الأدبية السورية والعربية، لكن والحمد لله بعد رواج كتبي وجهت لي العديد من الدعوات التي سألبيها انشاء الله في الصيف القادم، وأشكر كل من قام بتوجيه دعوة لي لإحياء أمسية شعرية.. أنا أكتب النثر، ومايشبه شعر “الهايكو”، ما ساعدني كثيرا على الانتشار، وباتت مقطوعاتي النثرية والحمد لله تنشر في الكثير من المواقع والصحف العربية والمحلية، وخاصة تلك المهتمة منها بالأدب الشاب وتحاول جاهدة رعاية كل الوجوه الشابة.
في نهاية الحوار قالت: «هذه هي الطريق التي اخترتها لنفسي، ولن أسمح لأي شيء باعتراضي ومنعي من الوصول إلى هدفي الكبير بالانتشار، وأن أصبح من كبار كتاب الوطن العربي وحتى العالم وهذا الطموح مشروع لأي كان، بالإضافة لإيصال أفكاري ومشروعي التحرري لكل الناس وليس القراء فقط .
ولايسعني أخيراً إلا أن أشكر موقعكم على اهتمامه الكبير بالأدب السوري الشاب ومساعدته الكريمة في تبني أقلامنا البادئة بالنضج لتصبح يوما أشجارا ترمي ظلالها الوارفة على أوراق الأدب الكبير ..
عن “يارا” قال “زياد ميمان” في موقع وكالة أنباء الشعر: أزهرت براعم ابداعها مبكراً فأينعت ثمارها بمجموعتين عن الأثنى وعلاقتها مع نقيضها الرجل، وخطت بلون الزهر مجموعتها الثالثة، كانت كتاباتها سببا في اعتزال والدها الكتابة فوجد فيها حلمه الذي يتحقق وهاهي تنثر في فضاءات البوح ابداعاتها.
من الجدير بالذكر أن الشاعرة “يارا المحاميد” من مواليد عام 21/11/1992 من محافظة “درعا”.