– البعض من جلّاس بيوتاتهم الدافئة وممن ينظّرون لتبرير اخطاء تملقهم لسلطات دكتاتوريات حمقاء غاشمة ، يُبكرون بحملات تشويههم للأفكار اليسارية لمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي .. يحلمون باطفاء شعلة رفيق الدرب جيفارا –
هؤلاء ممن تكيفوا لوضعٍ كسول بحكم تخاذلهم وجبنهم ممن خدمتهم ظروف معينة فعبروا إلى الغربة بطريقة او اخرى ، بعد أن رمتهم مقادير الفرص ليطلبوا اللجوء ويبقون رهن حماية مؤقته من قبل بلدان محطات العبور العربية ، ينحتُ في صحتهم قلقُ المصير بين سفن محروقة خلفهم اكلت الاخضر واليابس وبين رفض لجنة قبول اللجوء ادخالهم معسكرات التأهيل والتطبيع وسط سين وجيم ومحاضرات ما عادت بخافية توجهاتها..
ومؤكد ستتلقفك مخابرات البلد المضيّف سيما اذا شمّت فيك بعض سمات كأن تكون معارضا سياسيا لحكومة بلدك أو تتمتع بنوع من كفاءات كاللغات أو نشاطات مما سيوفر ويختصر الكثير من الوقت .. ولتدخل في دوامة الاستدعاء بين فترة واخرى وقد تكون لقمة سائغة تفيد الارجل الوهمية لـ ” اميبا” البلد المستقبل لحين تحقيق عبورك .. ان وجدوا فيك هشاشة توهّموها عرضوا عليك أن تكون احد اتباعهم في نقل اخبار ممن يأتون من موالين أو معارضين من بني جلدتك المتهالكين طلباً للجوء خلاصا من مصير محقق إلى الهلاك والموت، وليس بالغريب استدراجك بعرض راتبٍ مغرٍ اكثر مما تتقاضاه من فتات الاعمال الحرة في بلد حسبته قشةً لمحطة عبورك. وان لمسوا منك رفضا قد يبهذلونك عبر عرقلة اقامتك المؤقتة لحين ما تنصاع لرغبة من يتابع وضعك الجديد بحجة منحك الحماية المؤقتة والتي لا تتعدى مدة تخمير الإدام.
ان مرّ قبولك بسلام واجتزت عتبة الانتظار ستحلّ في البلد الذي حلمت أن يستقبلك اسوة بمواطنيه وتعيش بقية عمرك اما على راتب يقوتك وسكنٍ يأويك انسانياً بما يسمى ” معونة السوسيال” لتحافظ على رمق العيش او الطلب منك الانخراط في العمل والعيش من راتبك باعتبارك مواطنا صرت تعيش وسط بقية المواطنين لتتعايش في وسط اجتماعي من اللاحرب. وقد يكون لا هذا ولا ذاك انما يستفاد منك جينيّاً ولا بأس إن تخالطت وتجانست مع اهل البلاد لتنقل إلى الجيل الجديد عناصرك الجينية المضادة للفطريات والبكتيريا وبقية الأمراض البايولوجية وكأني بك حامل صفات – الحصان العربي- الممشوق القوام والصالح للتنافس في سباقات الخيل.
البعض القليل من طالبي اللجوء ربما يفعّلون بعض ما تمتعوا به من نعم الهوايات فيعبّر أحدهم برسومات يعكس عبرها ما يجيش في فكره من آراء ومعاناة أو ما استهوته تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الاجتماعي فيستسهل العمل في قناة بث تلفازي شخصي يتواصل عبرها مع من بقي من بني جلدته تحت اي ظرف من المعاناة ، وهو جزء من متنفس نفسي اولا وتعزيزا لحالة تمرد وربما دفاعا عن بقية ما سلم من الإغتراب. من هنا تتوزع الاهتمامات وتتنوع الطموحات بحسب ما يتوفر من معلومات عن الوطن ومعاناة ابنائه.
لا بأس في كل هذا ، لكن أن تعيش لعدة سنوات في الغربة وبقدرة قادر من ثم لتدلو بدلوك باعتبارك محللا ومنظرا سياسياً وربما عالم اجتماع وسياسة معا وتسعى لخيار أن تكون نشازا عن بقية من يساندون شعبهم المغدور بسياسات الاحتلال المركّب ، كي تُشبع فضولك من كونك الأعلى ممن يثقّفون باتجاه توعية مواطنيهم وبخاصة جيل الشبيبة العاطل اغلبه عن العمل وتتحول الى فأس لتهدم كل ما انتج بلدك من جهود الناس الخيّرة في التأسيس الى التنوير والتوعية والى ان كبروا وصار البعض الكثير منهم يتفهم طبيعة الصراعات الاقتصادية والسياسية والدينية الأنانية المتخلفة وحتى يتبلور الوعي لديه، تأتي حضرتك لتمتدح سياسة البلد الذي قبل بك لاجئا ولتثقف لسياساته الاستحواذية والتوسعية الممتدة والمكشوفة على الملأ بعد حلب مخزونه مرورا بسلسلة دكتاتوريات من سرّاق جدد طامعين بما يتوفر من مصادر اقل ما فيها ثروات البلاد المعدنية وموقعها الجغرافي وقواه البشرية القادرة على العمل والزهيدة الاجر.
اعلاميا انتبهنا الى صفة تكاد تشمل اغلب ما يعرض في بلدنا من افلام الكاوبوي والآكشن الامريكية زمن ستينيات القرن الماضي ، باظهار العلم الامريكي وبمختلف التخريجات بل حتى مطبوعا على اللباس الداخلي لبعض الممثلات الفاتنات ممن يستعرضن امام حملات جنود البحرية الامريكية والمرتزقة بشتى صنوف التسميات من على السفن الحربية والفرقاطات كجزء من ما يمليه عِلْم النفس العسكري للسيطرة وادارة الشعوب وفقا لهوى من يهوى!
وها أنت ذا تصحو بعد اكثر من ثلاثة عقود من الغربة والاغتراب وبين ليلة وضحاها تتطبّع بالعقلية شبه التجارية وتوجِد لك قناةً أو أكثر وتدعي أنك صاحب مكتب رئاسي أو أقل بقليل وفي خدمتك موظفين وتغدو في تصريحاتك وتحليلاتك النارية وكأنك ابو زيد الهلالي .
ومع كل ما قدمه التشرينيون العراقيون من تضحيات يطالب ممن تجمع حول صاحبنا بخروج الشعب العراقي في تظاهرات عارمة وحشود جبارة – بصدور شبيبته العارية- ليواجهوا رصاص من جاءت به حكومات البلد الذي احتل العراق وربيبته من بلدان عميلة ووضيعة، وصاروا هم وهو جزءً منه يروّجون لنظام التوتالتارية المهيمن -!
المشكلة لا تكمن في نوعية ما يقدمه المواطن ” الجديد” من تحليلات ومساندة تبدو في اولها وطنية بحق لكن سرعان ما تتغير مراكز بثه فيغير من اسم قناته الى اسم مغاير وآخر بعيدا عن همه الأول وكأنه يغازل البلد العريق في اجرامه للشعوب ولتقترب القناة الجديدة من الترويج لسياسة المحتل. وفوق كل ما فشل في قناعاته من انه يساهم على الاقل في مهمة التغيير صوب تكاتف جماهيري لاحداث التغيير، يبقى صاحبنا يلف ويدور دون ان يقدم لجيل مواطنيه الجدد أي بديل تعبوي ثوري! وانطلاقا من فوضويته ” الخلّاقة” يُغرق بشتم رجالات بلده بل يجتهد في تسفيه جهود احزاب بلاده الوطنية على قلتها وعبر سنوات نضالها وتضحيات خيرة اعضائها واصدقائهم عبر عقود طالها الاقصاء والتشريد وبطروحات لا تمت بصِلة الى المنطق العملي وحتى النقدي وبشهادة لا يحتاج اليها حزبٌ مسالم عرفته سوح التظاهرات فضلا عن احزاب وطنية اخرى. ولربما بحسب تجربتي عن السبب وراء كل مناسبة اقتراب موعد احتفال التأسيس لاول خلايا حركة التحرر الوطني في العراق وما يرافق ذلك من الحملات الاعلامية المحمومة والمشوّهة للطعن بكل ما هو وطني تحرري وتمجيداً لما هو رجعي متخلف وحشي واناني.
من هنا كل ما نسمعه ونراه لا يضيف شيئاً على ارض الواقع المعاش.. عدا مهاترات ومضيعة لوقت نحن احوج فيه أن نزرع ولو شجرة مثمرة واحدة متواضعة عابرة لتخريجات أكل الدهر عليها وشرب، لا تُشبع ولا تُصيء جعجعةً لطناجرها.
ويخوطون جنب الإستكان ..!
شارك هذه المقالة
اترك تعليقا
اترك تعليقا