ولم ينزل المطر
———————–
1- في حفلٍ بهيجٍ ضمَّ قطيعاً من الأهلِ والأصدقاءِ
عقدوا قرانَ الريشةِ على الرِّيحِ..
فصفقَ الأعداءُ…
على المنصةِ جمعوا الإستعاراتِ والزغاريدَ
قَدَّمَ الأثرياءُ الكناياتِ
ونثروا البارودَ وأرزَ النشيد
رسموا ببهاءِ اللّونِ خارطةَ العيدِ…
فكنتَ وطناً جميلاً مؤجلاً
لاتنقصهُ سوى الروحُ..
أيها المضارعُ المسيّجُ بأحرفِ الجزمِ..
أهذا السكونُ هو قدركَ الأبديُّ..
أيها الرمادُ أمازلتَ تروي لمواقدِ التَّاريخِ أنكَ كنتَ جمراً ذاتَ يومٍ..
يدكَ التي نسيتها خارجَ نافذةِ الحذرِ تَلقَّفَ الحاذقونَ منها عصفورَ عمركَ..
وطاردَ الطامعونَ شجرةً آوت العشرةَ الباقية..
وكمشاكسٍ عنيدٍ مازلتَ تطاردُ النواطيرَ وطواحينَ الهواءِ..
ولاحاجةَ لكَ بالعنبِ..
من دهرٍ ونيّف وأنتَ تبني أعشاشَ القناعةِ في سقفٍ لعوبٍ…
من دهرٍ ونيّف ونحنُ معشرُ النيامِ نجوبُ حاراتِ التَّاريخِ سيراً على الأحلامِ
في فجوةٍ بين موتينِ ركبتَ حافلةَ التفاؤل وماتبرأتَ من طاعونِ المحطاتِ.
وفدٌ من الذئابِ زارَ مقبرةَ المدينةِ ..
تبرعوا بأكفانٍ اضافيةٍ..
أعجبتكَ اللعبة..فتظاهرتَ
أنكَ واحدٌ من الموتى..
ومازالَ النحيبُ يؤرقنا..
2- ( كلُ اللحى محضُ شعرٍ إنْ شابتِ القيمُ..)
مابين قوسينِ من وقارٍ وهشيمٍ..
يجثمُ على صدرِ الإيمانِ
شيخٌ عظيم..
على مفترقِ كل جدالٍ شاخصاتٌ تحذرُ من الإقترابِ والتصويرِ والتنقيبِ عن اليقينِ..
ألفُ شرطيٍ لايكفي لقمعِ الشغبِ في دورتي الدمويةِ
حتى عضني الفضولُ وصرختُ:
وأنتَ تلتهمُ ماقدمتهُ الحربُ من أطباقٍ
أرجوك لاتتركني قلقاً هزيلاً كهدنةٍ بلامواثيق..
وأرسمْ لي نهراً على دفترِ عطشي..
أرني تفويضَ الربِّ ليطمئنَ قلبي..
وكغلٍّ قديمٍ تفتحُ القوسَ
تجلدني بسوطِ ابتسامتكَ الصفراءَ ..
وتعدُّ تقريراً إلى اللهِ بأني:
كنتُ وقحاً فأنا لم أقبلْ يدكَ..
وفاجراً بأن جادلتكُ ولم أناديكَ بعدَ كل فاصلةٍ:
ياسيدي….
وأني حرّضتُ جائعاً على الصراخِ..
وحسدتُ ميتاً على نعمةِ الكفنِ..
ولم أَذَرْ* بيعَ ثيابي في يوم المسغبةِ*.
حينَ ترادفَ المكرُ والقهرُ والكفرُ لصلاةِ الإستسقاء..
ونكايةً بي مزقَ الغيمُ كراسهُ ولم ينزلِ المطرُ..
في اليوم الأولِ للقيامةِ
سأفتحُ حقائبَ النوايا أمام اللهِ وسأبصقُ في وجهِ أصحابِ التقاريرِ الكيديةِ.
———-
* أذر: أترك
* المسغبة: الجوع
—
– سليمان أحمد العوجي.