حانة قديمة ومنضدة منزوية يجلس عندها رجل متوسط العمر نحيف ينظر بِحيرة إلى كأس شراب وُضِع أمامه وقد احتضن وجنتاه بكفيه. تقدم منه النادل يسأله : سيدي هل أنت بحاحة إلى شيء؟
أجابه بنفس السؤال : هل أنا بحاجة إلى شيئ؟ ثم أكمل : لا أدري ، إنما أريد أن أشرب كأسي وهذا الرجل الجالس في الكأس يمنعني.
فقال النادل: سأُغيره لك؟
وتقدم النادل لرفعه من أمامه لكن امتدت يد الرجل ليمنعه من اخذه.
وقال : لآ ..اتركه سنتفاهم !
انصرف النادل وهو يحدث نفسه : أنا بحاجة إلى شراب وعذاب من نوع آخر.
أخذ الرجل يحرك يداه حول حافة الكأس يلاطفه قائلا : مَن أنت اليوم لتمنعني من الشراب أم أنني أهذي قبل أن أشرب ورأسي يتأرجح . أرجوك دعني . أتوسل اليك . لقد استأجرت قدمان لأصل إلى هنا .. رغبتي بالتسامي تتوسد عقلي لإني هناك في الأعلى ، أنا فوق الجميع لكن لا أحد يراني أريد الانطلاق كصاروخ ربما سيتبعثر بعض الرماد في مكاني لكن لابأس فلم أُخلق من طين . سأنطلق نحو أعلى نقطة ومن هناك سأعلن سطوتي على العالم . أين سيهربون؟ إني سأكون بدل الرب ولن يفلت مني أحد ولن أسامح أي أحد سأحرق الجميع بسيل من النجوم وسأضحك حتى الثمالة فربما هناك لن أحتاج للشراب فكل الأمور ستُقام وتُعد وتُحتسب كما أريد .
يمد يده ليتناول كأسه فيسقط رأسه فوق الكأس ويسيل الدم والخمر على المنضدة و الأرض وحين تقدموا ليساعدوه كان قد فارق الحياة .
.
ابتهال خلف الخياط
من مجموعة كوابيس بغداد .
وجهي في الكأس.
اترك تعليقا