فوزي الشنيور
مَنْ أَيْنَ آتِيْ بِالْورُودِ
تَكَادُ تَنْحَسِرُ الْحَدَائِقُ فيْ دَمِيْ
وَأَنَا هُنَا
مَازَالَ يَثـْقُبُنِيْ صَهيلُ كَلَامُهُ بِنَدى الْحَريْقِ
يَرُشُّنِيْ بِالرَّمْلِ مِنْ أَدْنَى تِلالٍ فيْ الْمَدَى
هُـوَ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ ابْتِسَامٍ للْعَوَاصِفِ
حِنْطةٍ صَفْرَاءَ جَوَّفَهَا السِّقَامُ
ومَوَكِبٍ يَخْطُو بِغَيْرِ ظِلالِهِ
هُـوَ خَائِنٌ
يُخْفِيْ كَثِيْرَاً مِنْهُ بِالأصْبَاغِ
تَجْهَلُهُ الْمَرَايَا
لا يَرَاهُ سِوَايَ
فهْوَ يُحَاوِلُ التَّمْزيْقَ فـِيَّ
يَلِحُّ فيْ تَخْريْبِ ضُوئِيْ
يَدَّعِيْ تَرْكَ الْنَّعيْقِ
؛ وَمَا يَزالُ يَلفُّهُ حَولِيْ ؛ لِتَحْجُبَنِيْ السَّلاسِلُ
لَمْ يَدَعْ مَا أَشْتَهَى ؛لأزَيْحَ عَنْهُ لَعْنَةَ الطَّوفَانِ
أَعْرِفُ أَنَّهُ هُوَ جَارِحِيْ
وَأَقُولُ إِنِّيْ لا أَرَاهُ ؛ لَرُبَّمَا يَجِدُ الضِّيَاءَ
إِلى فَرَاديْسِ الطِّيُوبْ
أنَا لا أَنَامُ عَلَى وِسَادَتِهِ
أَنَا أَخْشَاهُ
هَاهُوَ يَحْبُسُ الألْحَانَ فيْ أكْمَامِهَا
وَهْيَ الَّتيْ كَانتْ مَجَاديْفِيْ
وَكَانَتْ غَابَةً للْحُلْمِ
هَاهُوَ يَخْطُفُ الْبَجَعَ الَّذِيْ لا يَسْتَرِيْحُ بِغَيْرِ أَمْوَاجِيْ
وَهَاهُوَ يَرْجُمُ الْحَبَقَ الَّذيْ وَزَّعْتـَـهُ
كالْفَجْرِ فيْ الْآفَاقِ
والْغَيْمَ الَّذِيْ يَهِبُ الْجَدَاوِلَ رَيْثَمَا تَجْلو أَنَاشِيْدُ الْحُرُوبْ
هوَ لَيْسَ يُشْبِهُنِيْ
فَإِنِّيَ كَالقرنْفلِ لَا يُبدِّلُ عِطْرَهُ
كَحَقَائِبِ الأنْهَارِ ؛ تُفْرِحُ غَيْرَهَا
كَحَمَائِمٍ بَيْضَاءَ تَحْملُ للْحُقولِ غنَاءَهَا
ولكمْ تُزَهِّرُ بالْغنَاءِ
غصونُ أَرْواحٍ مِنَ الأشْجَارِ
أو يُفْنَى بِهَا عُشْبُ النَّحِيبْ
*****
يَا وَرْدُ
أَنْتَ رَسَائِلٌ بَيْنَ الأَحِبَّةِ
دَفْتَرٌ للشِّعِرِ
نَبْعٌ للتَّسَامُحِ
أَنْتَ لَنْ تَنْهَدَّ فيْ رُوحِيْ
سَتَبْقَى فِي الْقُلُوبِ وَفيْ الْبِيُوتِ وَفيْ الْحُقُولِ
وَسَوفَ تَبْقَى مِثْلَ قُبَّرةٍ تُفَرِّخُ فِيْ الْسُّهوبْ
يَا وَرْدُ هِبْنِيْ مَا لَدَيْكَ
لِكَيْ أُسَامِحَهُ
سَأَصْفَحُ مَرَّةً أُخْرَى؟
وَكمْ مِنْ وَرْدةٍ تُعْطَى لِمَنْ لا يَسْتَحِقُّ عَبِيْرَهَا ؟
لا بَئْسَ ؛ هَذِيْ وَرْدةٌ أُخْرَى
لَعَلَّهُ لا يَرَى بعِيُونِ غيْرِهِ ؛ أوْ يُصَدِّقُهَا
لَعَلُّهُ يَسْتَقيْلُ مِنَ النِّفَاقِ
لَعَلُّهُ يَصْحُو ؛ فَيَعْرِفُ بَعْدَهَا
كمْ كَانَ يَكْتُبُ بِالرِّمَالِ عَلَى الدُّرُوبْ