هل يستطيع الرجل المُعنِف ان يعتذر للمرأة؟
تضامن عبدالمحسن
تمر المناسبات العالمية على مدار السنة والتي اقرتها الامم المتحدة مر النسيم الهادئ! مالم تتذكرها منظمات المجتمع المدني او القلة من مؤسسات الدولة، اما تلك المتعلقة بحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل، فتأخذ حيزا كبيرا من الأهتمام كونها تؤشر الجرح الذي اصاب الجميع.
فكل العراقيين يعيشون حالة الانتهاك على حقوقهم، حتى اصبح سمة لجميع طبقات المجتمع من اعلاها التي يمثلها السياسيون والاغنياء وطبقة المثقفين احيانا، لتوغل في اعماق الطبقات التي يغيب عنها الوعي والثقافة وينخر الجهل في مفاصلها. فالقوي ينتهك حقوق الضعيف والرجل ينتهك حقوق المرأة وهكذا، الا مارحم ربي.
وكذلك الحال بالنسبة لحملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة التي احيتها هذا العام العديد من منظمات المجتمع المدني المهتمة بقضايا المرأة وكذلك لجنة المرأة في وزارة الثقافة، من خلال المؤتمرات والندوات والوقفات المنددة بالعنف الممارس على المرأة. وكتب العديد من المثقفين المدركين لأهمية دور المرأة في بناء المجتمع وتطويره، والمعترفين بالجميل لأمهاتهم اللواتي ارضعنهم الحنان ولزوجاتهم ولأخواتهم وبناتهم.
فكان مقال للزميل الاعلامي عماد جاسم الذي نشرته جريدة الصباح بمناسبة مناهضة العنف ضد المرأة البلسم على قلوبنا، والتي جاء عنوانها “هل يكفي الاعتذار لهن؟”، من العنوان يبدأ الاحساس بتأنيب الضمير الحي للكاتب الذي يعترف بأخطائه اولا التي مارسها ضد والدته فيكتب “لا أنكر انني بدأت فعلا بعملية التطهير الذاتي لما اقترفته من ذنوب على مر رحلة العمر الطويلة مستذكرا جلسات والدتي على بوابة المدرسة الابتدائية كي تلفني بعباءتها خشية ان تلفحني رياح البرد وانا المتمرد والمشتكي من فعلتها مستنكرا ومعيبا عليها ذلك الحنان المفرط”، ويستمر باستعراض “مسلسل فرض ذكورتينا” حينما يتحدث عن العطايا الباذخة للمجتمع الذكوري الذي يمنحه الحق في “فرض وصايتي الساذجة على تصرفات أخواتي البريئة بحجة معرفتي وحرصي على إتباع التقاليد والأعراف بمنعهن من الخروج من البيت بينما امنح لنفسي مثلما يمنحني المجتمع فرص التباهي بذكورتي” ولم ينس علاقته بزوجته “وقد لا ينتهي المطاف بحماقتنا مع شريكات حياتنا في حرصنا مزاولة نفس الدور التمثيلي اليومي المعروف والمتمثل بالتذكير إننا سادة البيت وان صراخنا وغضبنا المفتعل تجسيد لرجولتنا وان غيابنا عن المنزل واستسلامهن برضوخ بين جدران هذا المنزل هو الواقع الذي لابد أن ترتضيه تلك الزوجة المسكينة”
اعترافٌ جميل من (سي السيد) بل يرتفع الى مستوى الجرأة العلنية لينظم الكاتب الى مصاف الفكر التنويري الواعي، حينما “جلس على كرسي الاعتراف وواجه ذاته امام مرآة الضمير” وقدم اعتذاره ليعد بالمزيد من المشاركة الديمقراطية مع المرأة.
فكم رجل يستطيع ان يجتاز ذكوريته التي منحها له واقعه الكينوني في مجتمع قيّد الرجل قبل المرأة بمفاهيم مغلوطة ليكون اسيرا لها ومجدولا في القلق والتحسب من تجاوز المرأة لحدود مملكته وهيلمانه الى بساتين الحرية المزهرة المصطبغة بألوان الابداع والمشاركة لتفوح منها رائحة الازدهار والتقدم.
فالمجتمع الاعرج الذي يمشي على ساق واحدة لايصل، والمجتمع الذي يرى بعين واحدة لابد ان يخطئ والمجتمع الذي يستخدم يد واحدة لا يبني.
شكرا للزميل عماد جاسم اقولها بأسم لجنة المرأة في وزارة الثقافة حينما قرر “الاعتراف كيف لنا ان نختار كلمات الاعتذار لنصفنا الذي شاركنا همومنا وخيباتنا وحماقاتنا ونحن نقابله بالتجني وتجاهل روعة تضحيته وإنسانيته؟
اعتقد ان أجمل اعتذار هو البدء بتغيير الصورة النمطية بتعاملاتنا اليومية تجاه نسائنا ومواجهة تلك النظرة المجتمعية الساذجة والقاصرة بتنمية وتطوير قابليات المقاومة لكل أساليب التميز التي تعمق حالة التراجع المجتمعي وتعود به إلى حياة الرجعية والاستبداد”
هل يستطيع الرجل المُعنِف ان يعتذر للمرأة؟
اترك تعليقا