الوجود كلمة من الصعب تحديد مدلولها الحقيقي إلا من خلال فهم تفصيلي تجزيئي لمفردات عديدة تتجمع لتشكل صورة تشخيصية له، هذه المفردات تتكاثف فيما بينها من مصادرها الخاصة لتتكون وتشكل وحدة معرفية دقيقة مجردة ومنضبطة تتحكم بالنتيجة ولا تتحكم النتيجة بها، فلو صادف إنسان وكمثال شيء غير محدد له من قبل لا من قبيل الإحساس به ولا من خلال الفطرة ولا من خلال أنتزاع معناه من كليهما، فماذا يمكن أن يكون موقفه منه؟….
فهو أمام مجهول المطلوب تحديده، فلابد من مفردات أسية ضرورية لبيان حقيقته، ولابد من الرجوع إليها لتحديد هذه الشيئية المجهولة، فأول ما نستعين به العقل بمحسوساته الطبيعية والمكتسبة وعلاقة هذه المحسوسات بالزمن والمكان والمادة وكلها جميعا مرتبطة بالنتيجة فيما يقرره التصديق، فلو ثبت لهذه العملية أن الشيء المجهول أمامنا كون حقيقي بالنتائج فهو وجود وهذه الخطوة الأولى والضرورية لفهمه وبالتالي الدخول في تفاصيل أكثر جزئية وأكثر دقة.
هذا الفهم الأولي هو بالنقيض للفهم الكلاسيكي وما كان يُعبِّر القدماء عنه بمبحث التعريف بمبحث التحليل، كما نرى ذلك في تراث أرسطو وتبعاً له الفارابي. ولا بالنظرية التي تبني فهما على سؤال أفتراضي مفاده هل يحتاج مفهوم الوجود إلى التعريف أو هو مستغن عن التعريف؟ فإذا كان محتاجاً للتعريف يكون نظرياً، لأنه تتم معرفته بواسطة غيره، مثلما تتم معرفة الانسان بواسطة الحيوان والناطق.
والحقيقة هذه النتيجة غير صحيحة فلا يمكن أن يكون وصف حيوان ناطق هو واسطة لأن الإنسان حقيقة بالماهية هو حيوان ناطق كمن يفسر الماء بأنه أتحاد عنصري الهيدروجين والأوكسجين وبهذا التعريف ليس بالواسطة ولكن بدلالة أجزاء الماهية فلا نخرج عن حقيقية المراد تعريفه وهو عملية علمية وليست نظرية، وإذا كان مستغنياً عن التعريف أي يكون بديهيا، تتم معرفته ويتم العلم به ويتعقله الإنسان بنفس ذاته من دون حاجة لشيء آخر.
يقول الدكتور عبد الجبار الرفاعي في بحث بداهة مفهوم الوجود ((إذا أردنا تعريف شيء فلابدّ أن نُعرِّفه بما هو أعم وهو الجنس، وبما هو مساو وهو الفصل. والوجود ليس هناك ما هو أعم منه، إذاً فلا جنس له، كما أن الوجود لا فصل ولا خاصة له، ومعلوم أن التعريف إنما يتم بهذه الأمور الثلاثة فالتعريف إما حد أو رسم، والحد والرسم يتألفان من هذه الثلاثة: الجنس، والفصل، والخاصة، كما أن مقسم الجنس والفصل والخاصة الذي يتفرعان عنه هو الماهية، والماهية في مقابل الوجود .إذاً فهذه ماهيات والماهية مقابلة للوجود. وعلى هذا ما دام المعرِّف يتألف من هذه الأمور وهذه الأمور مقابلة للوجود فلا معرَّف حقيقي للوجود، والتعاريف التي تذكر هي عادة تعاريف لفظية)) ، لقد بنى الدكتور الرفاعي نظريته على أفتراض أن الوجود واحد متعال ذو حد لا منتهي وهذا خلاف المسلمات الدينية في الإسلام الحقيقي.
فليس الوجود إلا نتيجة تسبقها عمومية الخلق وهي أعم من الوجود وأكبر {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}غافر57، ولكون الخلق آية من آيات الله فهناك تدرج في الكبرية حسب قيمة الآية ذاتها {وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}الزخرف48، فالقول بأنتفاء وجود الأعم قول غير ذي مصداقية، هذا من جهة ومن الوجهة الأخرى فأنه يبني على ما تسالم عليه من فهم كون مقسم الجنس والفصل والخاصة كونهم ماهية مقابل ماهية الوجود مستندا على أنتفاء الجنس، وبالتالي فلا وجود للفصل والخاصية وهذا أستخلاص باطل لبطلان المقدمة، فالوجود ماهية جسمية له حد مساو من جهة الكينونة كما سنرى لا حقا وليس مساو فقط بل أعم وأكبر، وبالتالي له خاصية متصلة وخاصية منفصلة، فالمعرف الحقيقي ممكن وحقيقي.
أكتشاف الوجود وتعريفه هنا عملية مشتركة بين العقل والعلم مستندة للحال (مادة، زمن، مكان)أضافة إلى الضرورة التي تسبقهم جمعيا وهي أن يكون العقل والعلم موجودان حقيقة، فنحن أمام مفهوم مركب ومتعدد ومتصل من جهة بغيره بالعرض ومنفصل بذاته كجوهر، فالوجود الجديد لكي يدرك لازما له وحتميا أن تكون دلائل وجوده موجوده فيما قبل وجود الجديد، فنكون والحال هنا أما بوجودين حقيقيين دال ومدلول عليه، وهذا متصل بأكتشاف الوجود أما ما عدا ذلك فلابد له من سلسلة أخرى من أجل أكتشاف السببية والعلية والماهية والعرض والجوهر والخ من العمليات ليكتمل معنى الوجود الثاني، فالوجود ليس الحدوث بحد ذاته وليس الحضور فقط ولكنه متعد عنها وإن كان متصل بهما.
الوجود كحقيقة لابد من تجريد وسائل التعرف عليه من مقدماته المسبقة التي تصوغ فهم قاصر عن أن يبلغ جوهرها وأن نعتمد على عنصر مجمع معرفي قادر على الإحاطة بالمفهوم دون أن يشارك المفهوم بذاتيته، وإلا كنا كمن يفسر الشيء بأنه شيء، علينا أن نقبل اليوم ما سبق للحكمة القديمة أن أكدته من أن كل جسم هو كون مصغَّر وهو وجود حقيقي، وإن كان خاص وجزئي له أرتباط بوجود أخر موازي مماثل أو متعال سابق، وأن الجسم أسير المكان والزمان لا لعلة غيبية ولكن لكونه مادة، فالمادة بأي صورة مكونة وبغض النظر عن جوهرها الحضوري إذا أقترنت بزمن وتحددت بمكان كان ذلك كافيا لأن تنعت بالوجود، وإن لم تقترن بما يستكشفها عقلا أو وحيا أو علما، فهي صارت وجود بالقوة بالمعنى الذي حددناه سابقا.
هذا الفهم حقيقة هو فهم أفتراضي ولكي يكون حقيقيا لابد له من توفر علية وسبب، فليس الوجود مجرد أفتراض ليكون موجود وهو المهم في بحثنا المتعلق بوجودية الوجود لا بالوجود بذاته، فلكي يأخذ مصداق كينوني لابد من توفر العلية وبدونها يكون الوجود عبثيا لا قيمة له، وأن يكون بسبب باعث ليكون محكوما بالقوة، فمعنى الوجود بقيمته الغائية وبسببيته المحدثة تشكل صورة الوجود ومعناه دون الخوض في ماهيته أو التطرق إلى جوهره وعرضه ولكن بكينونيته التي تعلنه موجودا على الحقيقة.
يمكن بناء مفهوم الوجود الموجود ولا نتكلم طبعا في (الوجود المطلق الوجوبي) لأننا ليس في صدد فهمه الآن، فيكون من خلال الموجود النظري بالشكل التالي:.
شروط اوليه + قوانين —–> حالة نهائية، (مادة، زمن، مكان) +قوانين العلة والترتيب = الوجود الموجود.
اسباب ————-> ظاهرة، العقل، العلم، الوحي= ظاهرة الوجود وهو العرض.
المعادلة الأولى تتعلق بالجوهر، والثانية تتعلق بالعرض، وبكليهما يكون للوجود معنى وليس معنى الوجود، فالوجود عند صدر الدين الشيرازي مثلا ما هو إلا جوهر وعرض أي ماهية كاملة محدودة ومحددة، أما معنى الجوهر، فيعرفه على أنه (الموجود لا في موضوع) على العكس من العرض المعرف على أنه (الموجود في موضوع)، وتوضيح معنى العرض أولاً ضروري لفهم معنى الجوهر تبعاً، إذن فالعرض (ماهية مستقلة بحسب نفسها، ومفهومها، لا مستقلة بحسب وجودها، إذ هو بحاجة في وجوده إلى الوجود في غيره)، ومثال ذلك اللون الذي يمتلك معنى مستقل بذاته عقلاً، إلا أنه في الخارج لا ينفك عن الحلول في جسم ما، أما الجوهر فهو الماهية المستقلة مفهوماً ووجوداً، وفي مثالنا السابق يكون الجوهر هو الجسم، والجسم ذو معنى مستقل ولا يحتاج في وجوده إلى الحلول في غيره، إذ هو مستقل بذاته، والعرض والجوهر عنوانان عامان أحد مصاديقهما اللون والجسم تبعاً، ولهما مصاديق أخرى كثيرة.
لا معنى للوجود في الموجود إلا باقتران الجوهر بالعرض دون التعرض للأصالة بينهما، فالجوهر أذن مادة جسمية أو أصل مادة جسمية، أي سواء أكانت هذه المادة بصورة طاقة أو بصورة مجسدة ملموسة كجسم، وبالتالي لابد لهذه المادة من زمن يأسرها ومكان يحتويها، وهنا نعود لنفس المعنى الأول الذي أوردناه سابقا، فقد كان الرأي السائد عند الفلاسفة، قبل صدر الدين إن الحركة تقع في الأعراض دون الجواهر وأوردوا إشكالات عديدة على القائل بوجد الحركة في الجوهر، وقد كان القول بالحركة الجوهرية نتيجة مباشرة لنظرية صدر الدين الشيرازي (أصالة الوجود) في مقابل نظرية (أصالة الماهية)السابقة لها.
ويمكن تلخيص معنى الحركة الجوهرية على أنها (قابلية الجوهر واستعداده الآن لأن يكون موجوداً بالفعل فيما بعد الآن) أو (إن الحركة الجوهرية هي في الواقع التجدد المستمر لوجود الجوهر)، إذن لا علاقة بين الحركة الجوهرية وبين حركة الذرات والجزئيات بمعنى علاقة وحدة، ولأن كل هذه الحركات تحدث في أعراض المادة وليس في جوهرها، فالوجود هو الحقيقة وهو الذي يعطي للماهية أعتبار فلا وجود للماهية بدون وجود الوجود الممكن أصلا، إذاً الماهية ليست أصيلة وإنما تثبت الأصالة لأمر أخر هو الوجود، ويكون التفاوت ـ التشكيك ـ للوجود لا للماهية..
هنا نصل إلى فهم معنى الوجود بحركتيه في الجوهر وحركته في الأعراض وكلاهما لابد من أن يحتويها معنى الوجود الكامل للموجود في الوجود الممكن، عليه تكون قوانين الفيزياء والكيمياء مثلا تتعلق بالعرض ولا تتعلق بالحركة الجوهرية التي هي أس الوجود، فلا يمكن لنا أن نطبق قوانين الفيزياء على الحركة الجوهرية في حين يمكن لنا أن نطبق الفيزياء وسائر العلوم المادية على الحركة العرضية، وهو ما يعني أشتراك العلم الإلهي الذي يدور في البحث في فهم وتعليل الحركة الجوهرية مع العلم الوضعي النامي المتطور بالعقل في الجانب الأخر من الوجود في حركته العرضية.
المفاهيم العقلية ومنها معنى الوجود في الموجود له وجهان بسيط ومركب، فتارة يكون المفهوم مفهوماً بسيطاً، غير مركب فبمجرد الالتفات إليه يمكن معرفته وتصوره، وأخرى يكون المفهوم مركباً كمفهوم الإنسان، فمفهوم الوجود ماهية، والماهية تتركب من أمرين ـ عنصرين عقليين هما جنس وفصل، أي مما هو أعم وهو الجنس، ومما هو مساو وهو الفصل، فإذا أردنا معرفة الماهية معرفة دقيقة، فلابدّ أن نحلل ونجزِّئ الماهية، نحللها إلى عناصرها العقلية المكونة لها، وهي الحيوان والناطق في ماهية الإنسان، وحينئذ تتم معرفة الإنسان معرفة صحيحة.
وعلى هذا الأساس نقول إذا كان المفهوم مركباً يُجري الذهن عليه عملية تحليل، وهذا التحليل هو التعريف يحلله إلى عناصره الأساسية إلى جنسه وفصله، وإذا كان المفهوم بسيطاً غير قابل للتحليل والتجزئة فلا يحتاج الذهن إلى تحليله إلى عناصره، لأنه ليس هناك عناصر مؤلفة له، كما أنه غير قابل للتحليل، ولذلك فهذا المفهوم البسيط هو مفهوم بديهي وليس مفهوماً نظرياً، وكون الوجود مفهوم مركب فلابد من تحليله وتجزئته من خلال قوة الذهن وقابليته الذاتية لذلك .
نعود للإجابة على الأسئلة التي وضعناها كمفاتيح للتعرف على معنى الوجود وأولها، هل الوجود الباعث الأول هو نفس كلية الوجود الذي نحن جزء منه؟ بمعنى هل أن هذا الوجود تنطبق عليه نفس المعاني أم يستقبل بمعنى خاص به؟ الإجابة محصورة في الآية الشريفة التالية {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}الشورى11، يخبرنا النص بكلية كاملة تامة تنفي المشاكلة والمماثلة وهذا مسلم به، ولكن يجب لهذا التسليم من فهم حقيقي بعيد عن السذاجة المفرطة وعن التشكيكية القاتلة، فلو كان وجودا مثل الوجود الذي عرفناه بالمعنى السابق كمفهوم مركب، نكون قد أصطدمنا بالتجسيم من خلال فهمنا للجوهر والعرض.
لكي نطبق معاني الوجود الجزئية والتحليلية على الوجود الدافع الأول لا بد أن نفترض أنه جسم له حركة جوهرية تختلف عن العرض الذي له حركة مرتبط فهمها بقوانين العلم الوضعي، ومنها قانون حفظ المادة وتحولها هذأ أولا، وملاحظة ثانية أنه لو سلمنا بهذا الفهم فلابد أن نسلم أيضا بأنه كظاهرة له أسباب ومنها الأين والكيف، والوجود الأول الدافع منزه عن الأسباب الكيفية والآنية وبالتالي لا يمكن قبول ذلك عقلا، لأن الرفض ليس متعلقا بالكيف الإيماني ولكن أيضا تعجر العلم والعقل من تناوله بمباحثه الحسية لعدم وجود النموذج الذي يمكن دراسته ومن ثم تطبيق مؤديات القانون العلمي أو الأدراك والحس العقلي عليه، فهو محال من طرفي العلم الوضعي النامي المتطور ومنتهي بالعلم الكلي الأصلي.
لكن كيف يمكن تفسير وجود الموجود الأول الدافع وما يقع تحت وصفه أذن؟ هنا لابد لنا من أن نقر بأن الوجود الباعث الأول وهو وجود حقيقي، وأن هذا الوجود متعال عن معنى الوجود الممكن لأنه يفترق عنه في معنى الوجود وركنيها الجوهر والعرض، وبما أنه لا يشابهه ولا يماثله فلابد أن يكون في حال وصفي أخر يبتدأ من كونه نقيض إلى حال كوني مقابل عرضي أو مقابل طولي، فكون الإنسان إنسان بحصر الماهية فأن كل ما لا يماثله في الماهية بالضرورة ليس إنسانا، وهذا يعني أن نفترض أما أن يكون مضاد لا إنسان، فقد يكون حيوان أو قد يكون شيطان أو يكون ملاكا أو قد يكون عجماء كل ذلك حسب نوعية الماهية، أما طولا بالمقابلة فيمكن أن يكون خالق الإنسان ولا يشترط أن يكونا نقيضين، أو عرضا فيكون جن مثلا فلا يمكن بالعرض بينهما أن يكونا نقيضيين.
الأفتراق الوجودي بين الموجدات يبنى على أما التناقض أو التقابل ولكل أسبابه، منها مثلا تناقض بالجوهر مثل التناقض بين الإنسان والملائكة، فهنا التناقض متعلق بالشروط الأولية والقوانين العلية بين الموجودين، وقد يكون هناك تطابق بين الشروط والقوانين ولكن أختلاف بالعرض يؤدي إلى التناقض مثل الإنسان والجماد.
نعود إلى أفتراض تناقض الوجود الموجود الممكن بركنيه الجوهر والعرض مع الوجود الباعث الأول، هل هو تناقض حقيقي بالجوهر والعرض أم تناقض مفترض؟ لو قلنا أنه حقيقي فلا بد أن نبحث في وقوعية التناقض، هل هي في الجوهر أم في العرض؟، نحن نعرف تفصيلات أو بالأقل لدينا تصور أولي قادر على أعطاء نموذج للوجود الموجود الممكن، وهو ما حددناه في (الشروط +القوانين)، ولكن ليس لدينا أي تصور عن الوجود الثاني إلا في حدود الأخبار النافي لها(ليس كمثله شيء)، هذا يعني أن عدم المماثلة يتصل أيضا إلى حدود الجوهر، وبالتالي لا يمكن تصور تناقض بين الوجودين ولا مماثلة ولكن لا ينفي إلا التناقض أحتمالا، أما أفتراض التناقض في العرض أي (الموجود في الموضوع) فيمكن أن نثبته كما يمكن أن ننفيه، أما أثباته فيكفي أن الوجود الممكن ثابت لنا أنه مسبب بسبب وهذا من عرضه أصلا.
أما الوجود الأول الباعث فلا يمكن أن نعرف له سبب لا تصورا ولا أحتمالا وبالتالي فلا يوجد سبب حقيقي يمكن أن نجعله مقابل السبب في الموجود الممكن، فينشأ التناقض في العرض هنا، وكذلك يمكن نفيه لو جزأنا السبب إلى قوانين موضوع الوجود في الممكن نجد أن الفيزياء والكيمياء تفسر العرض ولو جزئيا، وهذا محال في الوجود الأول الباعث لعدم أمكانية تحقق وجود العينة أو النموذج الذي يمكن أن يكون محل للعمل، أو لنقل أنتفاء الموضوع بشكله الذي يصلح محلا للتطبيقات الفيزيائية والكيميائية وهنا نشهد نفي التناقض بالعرض بينهما.
إن أثبات التناقض بين الوجودين لا يعني أبدا المماثلة، كما لا يعني القطع بعدم المماثلة أثبات للتناقض، ولكن يثبت كون الوجود الممكن له صفة حالية تقابل الوجود الأول الباعث ولا تخرج أن تكون المقابلة أما طولية وأما بالعرض وكلاهما ممكن، فالأب ليس نقيضا للأبن ولكن في الحال المقابل، ولكن الجد نقيض للأبن لتوسط حال مادي بينهما أي أختلاف في الجهة فالجد من الأب فصاعدا، والحفيد من الأب فنازلا، فيكون الأتجاه المادي المرتكز على نقطة مفصلية سبب للتناقض وحيث أن الوجود الممكن والباعث لا مفصل أرتكازي بينهما فهو بوضع المقابلة، أي أن الوجودان مختلفان حقيقة ولا يشكلان معنى واحد أن أجتمعا ولكن بالتفريق يكونان وجدين متقابلين لكل منهما جوهر خاص وعرض خاص.
هل يحتاج مفهوم الوجود إلى التعريف
اترك تعليقا