“إن البشر الذين ينشرون الفوضى ولا ينصاعون للقواعد أصبحوا كذلك بسبب من يقودونهم”
سوفوكليس
في جميع اعتصامات الشباب في ساحة التحرير وساحات المحافظات، كان يسقط عشرات الشهداء وكان الشباب يتهمون بها الاجهزة الامنية والتي كانت تحيط بتلك التظاهرات من اجل حمياتها وفق البيانات الحكومية و المؤسسات الامنية ، وكانت هذه الاجهزة تتهم اطراف اخرى بهذه الجرائم وكانت تطلق عليها بالطرف الثالث اما الحكومة فكانت تعتبر هؤلاء بالمندسين ومدعومين من قوى خارجية تتامر على تجربة العراق”الديمقراطية” والمدعومة من اجندة “امريكية واسرائلية” كما كانت تؤكدها حكومة عادل عبدالمهدي لتبرئة عناصرها من تصفية شباب الانتفاضة التي اندلعت منذ تشرين الاول 2019، واصبح الطرف الثالث مجهولا من وجهة نظر الاعلام الحكومي ولكن اصابع الاتهام كانت موجهة دائما نحو الاحزاب والكيانات الاسلامية ومليشياتها المسلحة التي تمتلك مختلف انواع الاسلحة الخفيفة والثقيلة ومنها مسدسات كاتمة الصوت والتي استخدمت في اغلبية الاغتيالات السياسية والتي نالت عدد كبير من النشطاء وشباب الاعتصام في بغداد او المحافظات ومنهم الباحث و الخبير الامني هاشم الهاشمي الذي قتل على يد مجموعة من المجرمين ومنهم الملازم الاول احمد حمداوي عويد الكناني من منتسبي وزارة الداخلية الذي ظهر على القنوات الفضائية وهو جالس باسترخاء”تام” وهو يروي جزءا يسيرا مما اقترفت يده في تصفية هاشم الهاشمي وامام داره في منطقة زيونة في قلب العاصمة بغداد.
ظهر الملازم احمد الكناني والذي ينتمي وفق الوصف الحكومي الى جهة خارجة عن القانون!! ولم يذكر اسم تلك الجهة ولا الدوافع التي قادته لاغتيال الهاشمي واسم الجهة التي نفذ قرارها في عملية الاغتيال والتصفية الجسدية !!اي ان اعترافاته جاءت منقوصة وتحدث بها كما كتبت له من قبل تلك الجهة”الخارجة عن القانون” وسؤالنا الى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، هل الميلشيات للاحزاب السياسية المهيمنة على الساحة العراقية تعتبر خارجة عن القانون ام قانونية! هل عندما استعرضت بالسلاح كتائب “ربع الله” ويدوسون صورة الكاظمي قانونية!! ام خارجة عن القانون!! وعندما اعتقل قاسم مصلح القائد في الحشد الشعبي، من هي الفصائل التي اقتحمت المنطقة الخضراء! هل كانت فصائل قانونية عندما طوقت منزل القائد للقوات المسلحة ! ام الفصائل المسلحة التي جابت شوارع بغداد بانواع الاسلحة والتي تسمى سرايا السلام “قانونية”! ام خارجة عن القانون !ام هل استعراض احدى الميلشيات وهي تحمل الاسلحة على عجلات مدنية و صور مهينة للقائد العام للقوات المسلحة، ولم تظهر اي جهة امنية تتصدى لها حتى انتهائها من هذا الاستعراض ، هل هي فصائل قانونية ام خارجة عن القانون!! هل اصحاب القبعات الزرق المسلحون بالعصى عندما هاجموا على معقل المتظاهرين في المطعم التركي في ساحة التحرير، كانوا من الفصائل القانونية !!
يظهر البعض عبر منصات التواصل الاجتماعي، ليقول بان الاجهزة الامنية مخترقة!! واننا نقول بانها غيرمخترقة ، ولكن معظم عناصرها تعمل لصالح المليشيات التابعة للاحزاب الاسلامية او الانتماء لاحد فصائلها وتتلقى التعليمات من قادة تلك الاحزاب، وبدلا من ان تقوم بمهمة حماية الناشط السلمي ، تقوم باغتيال هذا الناشط بالنيابة عن تلك الميلشيات، وهذه العناصر تم قبول انتسابها الى الاجهزة الامنية عن طريق قادة تلك الميلشيات وليس بالشروط المتوفرة للقبول في الكليات والاجهزة الامنية، بل وفق نظام المحاصصة التي اقره الدستور الطائفي والمذهبي.
لهذا ان اغتيال النشطاء في العراق اليوم، اغلبه اغتيال سياسي بامتياز، واقصاء صاحب الكلمة الحرة، لان في العراق اليوم، يسمح بنقد رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء او اي وزير ولكن نقد اي قائد لميلشيا او كيان او حزب اسلامي، فهذا يعتبر من الممنوعات وربما من المحرمات، واسهل طريقة لتكميم الأفواه هو القتل والتخلص من هؤلاء، وهذا ما يحدث بين حين واخر.
لهذا لا نشك بان ما تحدث به القاتل احمد الكناني ليس سوى ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة وبين الميليشا التي كلفته باغتيال الهاشمي، في عدم الافصاح عن بقية شركائه في العملية الاجرامية وعن الدوافع او الجهة التي كلفته بتنفيذ المهمة، واشارت اليها كثير من التسريبات التي اطلع عليها اغلب ابناء الشعب العراقي، بان الملازم احمد الكناني ينتمي الى ميلشيا كتائب حزب الله” التابعة لـ”الحشد الشعبي” وان وسائل النقل التي استخدمها الكناني وجماعته انطلقت من مناطق تواجد حزب الله في منطقة البو عيثة لتنفيذ العملية.
سؤالنا الاخير، هل سوف تكشف لنا السلطات العراقية عن عملية الاغتيال بتفاصيلها للراي العام، ام سوف تبقى طي الكتمان، ام تمثيلية، كتبت فصولها السلطات الحكومية بالتعاون مع الجهة “الخارجة عن القانون” وتبقى فرق الموت اقوى من سلطة الدولة ويبقى مصير الشهداء والمختطفين مجهولي المصير بكافة مدن العراق والفاعل”مجهول” و حاميها حراميها ..!!