هل حقاً التاريخ يعيد نفسه؟
كفاح محمود كريم
عبارة لطالما استخدمناها في توصيف الحالات المتشابهة أو المكررة والمظاهر المتطابقة عبر حقب التاريخ، ورغم أن الزمان لا يعيد نفسه كما موجات البحر، حيث لا تتطابق موجتين مع بعضهما تماما، إلا أن كثير من الأحداث والممارسات والسلوكيات تأتي متطابقة مع تغير الأسماء والعناوين وحتى المضمون، لكن يبقى النهج واحدا لا يتغير!
منذ ثورة أيلول الكوردستانية التي قادها الزعيم مصطفى البارزاني وحتى يومنا هذا، لم تختلف القوى المضادة لها قيد أنملة في عدائها وأسلوبها الدعائي وحتى مصطلحاتها التي تستخدمها في توصيف الحركة التحررية الكوردستانية، وليس غريبا أن تتفق أو تتوحد في الطرح كل الأنظمة وان اختلفت إيديولوجيا في نظرتها لقضية شعب كوردستان وحقوقه الإنسانية في حق تقرير مصيره، فتارة هي انفصالية وتارة أخرى انعزالية أو شعوبية أو عميلة للاستعمار والصهيونية، فهذه المصطلحات توحد النهج الدعائي لكل من عادى شعب كوردستان وطموحاته في تحقيق ذاته ونيل حقوقه.
البعثيون والقوميون ومن سبقهم أو حتى من عارضهم من اليساريين وان ابدوا مرونة هنا وهناك لكنهم لم يأبهوا في توصيف الحركة التحررية الكوردستانية بأنها إما انفصالية أو عشائرية رجعية في اضعف الإيمان، أما البعثيون وورثتهم اليوم فقد شنوا حملات دعائية مكثفة في كل من العراق وسوريا وعملائهم في بقية البلدان العربية، بان الثورة الكوردية وقادتها مجرد عملاء للاستعمار والصهيونية، والغريب في هذه الثقافة البائسة إن معارضيهم بعد إسقاطهم وإبادتهم، وصموهم بذات الأوصاف واعتبروهم عملاء وأجراء للصهيونية والاستعمار!
اليوم تكرر بل وتستنسخ أجهزة دعاية حزب الدعوة الحاكم ومن والاها فكرا وعقيدة ذات المنهج في معاداة الكورد وكوردستان وبذات التوصيفات، وقراءة سريعة لوسائل دعايتهم المسموعة والمقروءة والمرئية والالكترونية، يستدل المرء بأنهم فعلا الوجه الثاني لعملة البعث الفاشية العنصرية، لما يقومون به من حملة ملؤها الحقد والكراهية للكورد وكوردستان، مستثنين في ذلك القوى العميلة لهم ممن كان يطلق عليهم شعب كوردستان بـ (الجته) أو الجحوش، وهي ميليشيا من عملاء الأنظمة الدكتاتورية في بغداد وتضم أغوات عشائر وشخصيات كارتونية يتم تصنيعها كبدائل لممثلي شعب كوردستان وفعالياته السياسية ولكن ممن يحمل عبارة صنع في بغداد!
فهل فعلا يعيد التاريخ نفسه، كما حصل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، أو ما يحصل اليوم في العقد الأول والثاني من الألفية الثالثة!
الله كم عظيمة أنت يا كوردستان، كلهم تغيروا وأنت باقية صامدة كشموخ وصمود جبالك الشم!