لقد تحالف جمال عبدالناصر رمز القومية العربية مع الاخوان سرا كان ام جهرا و وصل الى سدة الحكم عام 1952 و من ثم في عام 1954 الغى عبدالناصر حركة الاخوان ليكونوا في خبر كان, و لكن بدا العداء مستمرا و لم ينقرضو وبقوا لحد اليوم و به تاثرت العلمانية الفطرية التي كانت موجودة و من نتاج التاريخ في المناطق المتسمة بالجضارات نتيجة افرازات تلك الحوادث و المسيرة تلك التي ما سميت بمرحلة تجسيد القومية في ( امة متغيرة نتيجة الغزوات الاسلامية تاريخيا) و هي ايضا لم تتسم بسمات امة حقيقية واحدة, نتيجة مجيئها فرضا و غصبا تاريخية بعد غزوات جياع جزيرة العرب التي نشرت الفوضى في اي مكان وصلت اليه يد الغازين من اصحاب الفكر المجرد من الانسانية و الحاملة لمواصفات الصحراء القاحلة الجرداء فكرا و معيشة و عقيدة.
و عليه تبين ما تم بين عبدالناصر و الاخوان كان مجرد تكتيك لحين تمكن عبدالناصر و سيطر على زمام الامور, و تبدا مرحلة التشعشع القومجيي باسم القومية الناشئة على خراب الحضارة و تسيطر الشعارات و ما سميت بالمباديء القومية التي ساعدت الظروف السياسية و الفكرية و مقتضيات المرحلة على تطور ما بدات, بعد ذلك بدات النضالات السرية من قبل الحركات الاسلاموية السياسية تتحرك ضد ما سميت بالقومية العربية التي برزت على حساب المباديء الانسانية السامية التي جاءت من الحضارة الفرعونية و لقيت تلك الحركات السرية ترحيبا بعد ترسيخ الارضية لها نتيجة ما انبثق من الحركة القومية العربية و ادى الى خراب حياة الشعوب التي سيطرت عليها.
و منه برزت الفكرتين و تعاقبت احدهما الاخر اي القومية و الاسلاموية و مبادئهما السياسية المتشابهة القريبة للبعض قبل العقائد و الافكار و فرضت نفسها على حساب حقوق الاخر و مبادئه و تاريخه و قيمه و حياته بشكل كامل. و كان للقوميات الموجودة في المناطق التي وصلت اليها يد الغزو حصة كبيرة من الغدر و الاجحاف وصولا لابادتهم الجسدية قبل ثقافاتهم و عقائدهم و افكارهم و في مقدمة هؤلاء الكورد و الامازيغ و القبطيين بشكل خاص.
على الرغم من التغييرات التي فرضتها مابعدالحداثة الا ان ترسبات تلك الحركات لازالت مترسخة في عقول الكثيرين من المتشبثين بتلك الافكار المستوردة و اصبحت مندمجة فيما بعد لتكمل احداها الاخرى .
اما اليوم فنحن في مرحلة متنقلة بشكل كامل فكريا و عقيديا, لو دققت فيما يجري تجد طروحات مغايرة و ما يبرز اليوم لم يكن مسموحا من النطق به ابان الحركة الوقمجية و الاسلاموية و منها التحدث عن اصالة الحضارة الفرعونية و وادي الرافدين و كيف سحقتا بقوة و افكار خيالية ناتجة عن مصالح اهل الجزيرة الجرداء الجوعا. فاليوم يعلم جميع المصريين و العراقيين الاصلاء انهم اولاد فرعون و اشوربانيبال و نبوخذنصر و كيخسرو و ضحاك. فينكشف جليا اليوم بان الغزاوت هي احتلال مشرع للاخر و مسخه و تجريف ما لديه من تاريخ و احلال بديل غير ملاءم فرضا عليه. يمكن الاعتقاد بانها مرحلة اعادة المجد لمن كان له الامجاد الراسخة و تاريخا مشرقا و له الحق في امتلاك فكره و عقيدته, فيما غدر به الاخر دون اي مبرر.
ان كانت هذه بداية نقطة وصول ما سميت بالقومية العربية و العقيدة الاسلامية و توضحت ما كان جوهرها للمتابع و بدت واضحة امام عيانه بانه كان يعيش قرونا بما كان مخدوعا فيه و ملتزما به نتيجة الظروف الاجتماعية و النفسية السائدة التي فرضها الخوف من الجبروت الذي اتى به الاتي من ما ظلمته الجغرافيا نتيجة الجوع المسيطر عليه و كان في بقعته جرداء قاحلة و هو آت للبحث عن لقمة عيشه مستندا على افكار زائفة خادعة ناتجة عن احتياجاته و لم يمتلك ما يسد به رمقه مهاجرا جائعا يحتضر جوعا و عوزا, فانقذ نفسه بما حمل و لقي ارضية مناسبة تمكنه من فرض نواياه و ينجو من الموت المحتم. و بقيت الحال هكذا لحين تخالط العقيدة و الدين الجديد بمتطلبات القومية العربية الاتية من الجزيرة و زاحفة جارفة لما كان موجودا و اصيلا و استمرت الحال لحين بروز المصطلحات السياسية و الاجتماعية الجديدة في القرن العشرين و لحين بروز الاسلاموية و القومجية في نهاية الامر
و ان خفف من يؤمن مخدوعا بانه من ابناء كنعان و عدنان من هول ما تركته ايدي اجدادهم الا ان اعادة تصفح التاريخ بجيادية قد كشفت ما كان مخفيا او اخفي عمدا لمنع كشف الحقيقة الساطعة التي غطيت و من ثم انسلخت من عليها غبار الخدع و التضليل العقلي و الفكري و الديني.
و توصلنا الى حال تجلى لدينا بان المزيج الناتج عن القومجية و الاسلاموية وجهان لعلمة واحدة و نتاج ما فعلوه, و قد انكشف و انقشع و سلخ من الغطاء الديني العقيدي الذي منع المظلومين من التطلع عليه لمعرفة ما كانوا هم و كيف و اين وصلوا. و عليه نتاكد من هذا بانه ليس من مصلحة من يعتاش على البقايا من تلك الافكار المسيطرة لحد الان على عقلية الواردين و الاصلاء المخدوعين, و به لا يمكن ان يسمح اي احد من التضرر بنفسه و كشف حقيقة خدعه للتاريخ و الامم, و من خلال اندماج الاسلاموية و القومية العربية تم خدع الاخر المضلَل و هو مصر على تضليل نفسه بنفسه و طمس تاريخه الحقيقي و نفي حقيقة اصله و مكانته, نفسه بنفسه مخدوعا دون ان يعلم, و القومجية و الاسلاموية المندمجان, لهما الهدف ذاته سواء علموا بذلك و متقصدين ام لم يعلمو و هم يتلقون بما يؤمنون من المباديء المشتركة بخطط و برامج سياسية .
هل القومجية العربية و الاسلاموية ضد طموح الامم الاخرى ؟
اترك تعليقا