عبد الرضا حمد جاسم
تقديم: [ويبقى السؤال المهم هل تطهر الملابس إذا غسلت في غسالة الأوتوماتيك؟ هناك من العلماء من لم يحكم بطهارة الملابس في الغسالة بل أمر بأن تطهر بالماء من النجاسة جيداً قبل غسلها بالغسالة وفريق آخر من العلماء قال بأن الملابس بعد أن تغسل في الغسالة ان خرجت ليس فيها أثر لون أو رائحة للنجاسة فهي طاهرة والا فهي نجسة] انتهى
أليس في وصف الخنزير بالنجس انفصالية/انعزالية تلك التي أشار اليها الرئيس الفرنسي؟
ولنجاسة الخنزير ومعه الكلب كما ورد هي نجاسة مُغلَّظةٌ: وهي النجاسة التي لا يكفي غسلها بالماء وحده بل لابد من تكرار الغُسل سبع مرات إحداهن بالتراب. هذا يعني ان على المسيحي آكل الخنزير ان يغتسل ستة مرات بالماء ومرة بالتراب حتى يصافحه المسلم ويبقى على الوضوء او على المسلم ان يغسل السبعة غسلات بعد مصافحته للمسيحيحتى يتطهر.
ولو اطلع الانسان فقط على موضوع النجاسة وشروحاتها عند السلف الصالح والطالح لوقف يقول ان لا صلاة مقبولة عند المسلمين
وبالذات الذين قصدهم ماكرون أي المقيمين في البلدان التي تبيح محرماتهم فجارك يأكل الخنزير ويربي كلب يحمله ويتنزه معه ويشرب الخمر بكل مسمياته ودرجاته وتصافحه وتأكل معه وتعمل معه وتزور بيته فكيف تتعامل مع هذه الحالات وفق الغسل سبع مرات أحدها بالتراب ونفس الحال في البلدان المتنوعة دينياً ماذا نفعل مع جيراننا واصدقائنا من المسيحيين او الأيزيديين او الصابئة او غيرهم.
لا يخلو جسم الانسان ولباسه وغذاءه وممارساته وفعالياته اليومية اليوم كما أتصور وقبل اليوم حتى 1400 عام من شكل من اشكال النجاسة فالأولين عاشوا مع حيواناتهم او في محيطها فإذا كان ما يكسو جلد الحيوان وجلده وفضلاته واعضاءه ومحيطه كلها نجسه فأكيد ومع عدم توفر الماء للطهارة من تلك النجاسة ومنها (سبع مرات ستة منها بالماء وواحدة التمرغل بالتراب) فأن جميع المحيط نجس حيث عاشوا ويعيشون في مكان/بقعة/محيط لا يتوفر فيه ماء كافي للشرب سواء للإنسان او الحيوان (إذا حضر الماء بطُل التيمم) فهذا يعني ان الجميع على نجاسة وحتى اليوم حيث من الصعوبة الابتعاد عن النجس وفق نفس الحساب بسبب الإضافات للدواء والغذاء والملبس والمواد والاجهزة المنزلية والاحتكاك بشعوب واديان وعادات اخرى. فماذا فعل المفسرون وأصحاب الفتوى ليعالجوا الحال؟
كل ما فعلوه انهم برروا وكَّذَبوا ولووا الكلمات وحَّرفوها فقسموا النجاسة الى ثلاث درجات مغلظة ومتوسطة وخفيفة والى (نَجَسْ ونَجِسْ) ولما وجدوا ان الناس في ذلك الوقت في الغالب تعيش بتماس مع الحيوانات قالوا ان بول وروث الحيوان الذي يؤكل طاهر ووضعوا أحاديث وأفعال تُنسب الى النبي محمد كما التالي: [النبي ﷺ كان يُصلي في مرابض الغنم، ولما استوخم العرنيون في المدينة بعثهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها وألبانها حتى صحوا، فلما أذن لهم بالشرب من أبوالها دل على طهارتها، ولما صلى في مرابض الغنم دل على طهارتها، ولكن نهى عن الصلاة في معاطن الإبل لا للنجاسة بل لأمر آخر، وإلا فبولها وروثها طاهر، وهكذا البقر، وهكذا الغنم، وهكذا الصيد، وهكذا الدجاج، وهكذا الحمام] انتهى
ملاحظة: كما اعتقد ان الطاهر يعني جواز الصلاة به وعليه وجائز استعماله والتعامل به وتواجده حتى في محيط الكعبة
الشيء الملفت ان الله في (الآية 5/المائدة/ مدنية) التي تلت (آية 3/ سورة المائدة/مدنية التي حرم فيها لحم الخنزير) اُحِلَتْ للمسلم طعام الكتابي ومنهم آكلي لحم الخنزير وفيه ما يمكن ان يستنتجه البعض من ان لحم الخنزير الذي يطَّيبه/ يطبخه الكتابي حلال حيث ورد التالي: [الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ]. وهذه الآية نزلت بعد [الآية 145/الانعام /مكية] التي ورد فيها موضوع الرجس
اما في أسباب تحريم الخنزير وفق السلف وتفسيرهم للنصوص القرآنية التي ورد فيها التحريم هي:
[ان الخنزير حيوان معروف بالقذارة والدناءة حرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة، وما يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم] انتهى
انتبهوا لطفاً الى: [ان الله لا يحرم على عباده إلا ما فيه من مضرة عليهم] التي يمكن ان تُفسر بأن الله يقبل ان يأكل المسلم لحم الخنزير عندما يكون هناك تقرير او تأكيد صحي/طبي رسمي من أن هذا اللحم غير مضر بصحة العبد/ الشخص.
هذا الجواب: [ان الخنزير حيوان معروف بالقذارة والدناءة حرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة، وما يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم]
بحد ذاته يدل على ضيق المجال امام المفسرين وقتها وهذا حقهم لكن على من يتبعهم اليوم البحث عن غير هذه الامور فخنزير اليوم يُعامل معاملات في الرعاية الطبية والتغذية أحسن بكثير مما يحصل عليه أغلب المسلمين في بلدانهم وربما العناية التي تقدم في حضائر تربية الخنازير تفوق العناية والاهتمام التي تحصل عليها شعوب في بلدان إسلامية او ربما افضل مما يحصل عليه اكثر من 80% من المسلمين في العالم وان من اكتشف تلك الامراض والديدان هم أكلت الخنازير وربما لا يوجد من بين من درس الخنازير مسلم… علماً ان هذا الموضوع الذي يعود للدودة الشريطية التي تصيب الشعوب الإسلامية اكثر بما لا يقاس من الشعوب آكِلَة الخنازير وموضوع اصبح قديماً والذنب ليس في الخنزير انما بالإنسان الذي لا تقدم له الفرصة في الرعاية الطبية وتعوده على أهمية النظافة.
لوكف رجال الدين ومنهم اصحاب الاختصاص بالفتوى عن البحث عن مبررات يتصورون انها علمية من قبيل الامراض التي ينقلها الخنزير وتركيب لحم الخنزير وما ”يسببه” من مشاكل على الصحة العامة والغيرة والرجولة لنفعوا وانتفعوا لأن مثل هذه الأمور تنم عن جهل ولا يتقبلها الا مضطرب هذه الأيام حيث إن لحم الخنزير هو أكثر اللحوم التي تستهلك يومياً وسنوياً في العالم وان أكَلَتْ لحوم الخنازير ينعمون في الأغلب بنظام صحي عالي ويتمتعون بصحة جيدة… وانهم يقودون العالم في كل مجال وانهم استعمروا بلاد المسلمين سابقاً واليوم يحلبون أموالهم وكرامتهم وقيمهم وسيصلون الى معتقداتهم ودينهم ان لم يكف المسلم عن اتباع السلف الذي اوصل امة اعظم ثوار الإنسانية/ البشرية النبي محمد بن عبد الله الى الحظيظ وهو الذي تسير على مسيرته كل البشرية اليوم في الزكاة وبيت المال (الضريبة والضمان الاجتماعي) وفي التعليم ومحو الامية (اقرأ) والعمل والمساواة (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم…) وفي أمور كثيرة منها اعظم قول في تاريخ البشرية وهو (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر).
ان هذا التفسير يثير الشكوك بحكمة التحريم لأنها عكس الواقع اليوم…ان رجال الدين يطرحون هذه الأمور التي عفا عليها الزمن ظناً منهم انها تقربهم من العلوم /العلم ولا يعرفون انه الجهل بعينه…
يجب ان يعرفوا ان الله الذي يؤمنون به يعرف وهم لا يعرفون كما هم يعتقدون ويؤمنون وهناك الكثير في الدين الذي يعرفه الله ولا يعرفه من يظنون أنفسهم متبحرين في الدين…
الجواب الوحيد والذي يجب ان يغلق كل (عنعنات وقلقلات وحدحدات) السلف والخلف هو:
ان الله الذي يؤمن به أصحاب الفتاوى حَرَّم َلحم الخنزير وكفى… وهو اعلم بالأسباب التي ربما فوق قدرات (علماء) الدين…
الله قال عن الجنة والنار فهل عرفها أحد من المؤمنين بالله او زارها؟ هل شاهدها أحد؟
المسلم يؤمن بالملائكة فهل يعرفهم أحد او شاهدهم؟
المسلم يؤمن بالإسراء والمعراج هل يعقلها أحد من علماء هذا الزمان؟
المسلم يقول (…شُبِهَ لهم) هل هناك من يؤيده في ذلك او هل هو معقول عند غير المسلم؟
عليه فأن تحريم لحم الخنزير كما هذه الحالات ويجب ان يُنظف الأرشيف من (عنعنات وقلقلات وحدحدات) السلف والخلف طالحه وصالحه حول هذا الموضوع.
لو كان المسلم قد ترك رأي السلف أو حتى لو استفاد من ال (الاستحالة) لأصبح ربما اليوم من أكبر العلماء في دراسة الخنزير وكذلك الاستفادة مما في غير لحم الخنزير من الخنزير من فوائد والدليل هو لو اطلع أحد على كل البحوث عن الخنزير (فوائد واضرار) فلن تجد ربما بحثاً لمسلم وليس لرجل دين مسلم وان كان هنا او هناك دراسة أو مقالة أو حكاية بهذا الخصوص/الجانب تجدها لا تختلف عن (عنعنات وقلقلات وحدحدات) السلف حيث ستكون قال العالم الفلاني عن العالم الفلاني وحدثنا العالم الفلاني عن العالم الفلاني ما استنتجه العالم الفلان وليس في هذه الأسماء اسم مسلم. واليوم كما قرأت ان بعض ما يخص مرض السكري يستخلص من الخنزير وان صمامات القلب تُبدل او قطع غيارها من قلب الخنزير هذه الفوائد ان كانت هي التي يعلمها من خصص التحريم بلحم الخنزير وكان يجب على المسلمين البحث فيها وان يكونوا هم القدوة في بحوثهم وتجاربهم ويكفوا عن البحث في العتيقات واعتمادها.
على المسلمين طرح سؤال هو: لماذا خص الله الذي يعبدون لحم الخنزير من الخنزير في تحريمه وترك بقية جسم الخنزير؟
هل عصي على الله ان يقول:(حرمنا /حُرِمَتً/ حُرِمَ عليكم الميتة والدم والخنزير ..الخ). هل عصي على الله ان يقول: (الخنزير نجس) بدل من (الخنزير رجس) وجوابي انا هو: انه أمر الله بالنسبة للمؤمنين وليس لاحد ان يتدخل فيه…ان في ذلك لحكمة…. حكمة كبيرة لا يعرفها حتى الراسخون في العلم من المسلمين او عرفها الراسخون في العلم من غير المسلمين.
وهذا الموضوع اثار عندي سؤال وهو: لماذا يتخوف المتعلم المسلم حتى من غير رجال الدين من الولوج او البحث في كل الممنوعات التي وردت في القرآن ويخضعها للبحث العلمي في مراكز بحوث ومختبرات في محاولة للوصول الى الاسباب ولا يُترك ذلك الى اقل شريحة علماً وصدقاً وايماناً واقصد رجال الدين فجلهم كما أتصور ما كانوا متفوقين في الدراسة ولا يفهمون في البحوث العلمية ولم يدخل منهم أحد مختبر بحث علمي ولم يَّطّلِعْ منهم أحد على دراسات رصينة من متخصصين، فاستداروا الى المدارس الدينية ليكملوا فيها تعليمهم ليكون اكثرهم او اكثر المعلومين منهم وعاظ للسلاطين ومنافقين يتركون امر الله وينفذون امر السلطان ليتلذذوا بالسحت وليهربوا ربما من استحقاقات وطنية مثل الخدمة العسكرية او دخول معارك العمل والابداع.
حال المسلمين في هذه الجزئية نفس حالهم في موضوع (السواك) تلك الإشارة العبقرية التي وضعها النبي محمد والتي كانت ولا زالت تعني أهمية الاهتمام بنظافة الفم والاسنان والعناية بها لما لذلك من أهمية للشخص والمجتمع…لو كان من بين المسلمين ذو عقل لأصبح المسلمين اليوم رواد في الصناعات المتعلقة بالعناية بالأسنان والفم ولصاروا رواد في طب الفم والاسنان وليس اكثرهم (هُلْم) أي مشوهي الاسنان.
ملاحظة:
وهنا تحضرني حالة حصلت عام 2010 حيث استقبلت احد الجراحين العراقيين زائراً لفرنسا لعدة أيام زيارة خاصة..بعد الترحيب به في مطار شارل ديغول ونحن في الطريق الى موقف السيارات سألني عن الحمامات/تواليت فأشرتُ الى مكان الأقرب لنا فقال هل فيها شرقي فقلت له كلا …ترك الموضوع تصورت انه بحكم كونه طبيب فهناك احتمال ان يكون الموضوع باتجاه امراض جلدية او غيرها… في اليوم التالي وهو ضيفي في بيتي ذهبنا الى مجمع تجاري قريب للتسوق وقضاء بعض الوقت جلسنا في كافتيريا احدى الأسواق الكبرى طلبنا بيبسي كولا وصلت (المطلوب) وصاحبي ذهب للحمامات لغسل يدية وعاد وجدني قد ادرت له بعض البيبسي في القدح فقلت له تفضل اشرب فرفض وشرب من الزجاجة مباشرةً استغربت وتركت الموضوع فعقب صاحبي ليبين لي السبب حيث قال ان القدح عليه علامة احدى شركات البيرة (دعاية) والشرب به حرام شرعاً فقلت له انه مغسول ومعقم فقال الشرع يقول بائعها وحاملها وشاريها وشاربها فقلت له أي من الاربعة انت …فقال ليس منهم لكنه التحوط…وفي اليوم التالي ونحن في جولة في المدينة احتاج التواليت فأشِرْتُ له الى تواليت عامة قريبة سألني نفس سؤاله في مطار شارل ديغول فقلت له نعم هناك شرقي وغربي عرفت ان السبب هو التحوط من نجاسة المقعد الغربي في هذا الموضوع وهي نجاسة (مخففة) يمكن التصرف معها في مكانها او مكان اخر او في البيت… هناك بعض قبول في موضوع التواليت لكن موضوع القدح لم اجد له تفسير…المهم قلت له وفق ما تتصور فانك النجاسة مستكَ وتَمِسُكَ من ساعة صعودك الطائرة باتجاه باريس الى ان تنزل من الطائرة التي ستعود بك الى مطار بغداد.
عبد الرضا حمد جاسم