نيسان سليم رأفت
”أشياء كثيرة يجب أن تبتعد عنها كي تراها بوضوح.. البعد ليس مؤذٍ دائماً
على المرء أن يتدبر أمر نفسه بينما العالم يتهاوى
الأنبياء لا يمكن أن يكتبوا أدباً جيداً
الأنبياء يبوحون لله مباشرةً
عن أوجاعهم وكسران خواطرهم، أما نحن لمن نخبر ولمن نبوح؟
الأدب هو البوحُ خاصتنا تارةً نقرأ وتارةً نكتب
وتارةً نبكي
نلقي أنفسنا في هذه العوالم اللذيذة الساحرة
ملايين الشخصيات والوجوه والثقافات الأخرى تجدها في كتابٍ أو فيلم
تجد مكامن خوفك في معزوفة موسيقية،
تجد أصدقاء افتراضيين في عالمٍ موازٍ تعرف أنك لن تقدر على مصافحتهم في الواقع مهما فعلت
تجبرك مشاهد قاسية لوحشية العالم وحقيقة
كذبة حقوق الأنسان
لفيلم من أفريقيا وعند المتابعة تشعر بأن معدتك تؤلمك لمشهد أطفال يتجمهرون حول بركة ملوثة، يشربون الماء و أعينهم تتوهم سمكة صغيرة تسبح، تقلب القناة هذه المرة لتكون في ايران والموسيقى الفارسية تشعرك بأن حزنًا خفيًا وراء هذه البلاد، هذا الحزن يتسرب إلى غرفتك تقف حائرًا في منتصفها
ما الذي يختبئ بعد هناك ٠٠٠
يمزق رئتيك غربة وحزن اللاجئين السوريين والموت المحيط بهم كيفما توجهوا ٠٠٠
لتعود وتلعن العالم وتأخذ آخر سيجارة لتهيم بذكريات حب لم تلتقيه يوما ، تغرق برائحةٍ قداح شجر النارنج الجميلة
ونور يضيء قلبك من كل جهة ، تبتسم كلما نطق فرونسكي بأسم آنا كارنينا
أتمنى لو كنت أجيد تلك اللغات التي تحول كل كلمة إلى لحن. أريد أن أمتلك رواية أقوم بتحويلها إلى مجرة، أراكم الحوارات والأشياء فوق بعضها،
ولا أحد يطرق علي الباب فقط ليقول لي كوني عاقلة
كما الآخرين.
أكتب عن السعادة حتى أصل شوارع البرازيل، والارجنتين، وتلك البلاد السمراء
وهي ترقص في حي
ممتلئٍ بالسكارى
ثم أعود إلى سريري إلى غرفتي الهادئة، لأحظى بالموت الأصغر وعلى وجهي كل آثار التعب
هكذا هو العالم في روح كاتبة مجنونة
تلف المدن وهي تجلس في شرفة بمساحة
مترين مربعين