نتف ثقافية ونقدية
بقلم/ عادل القرين
1/ وجهة نظر
رغم طول الدهر، وقصر العمر، ومتابعة بعض الحوارات الثقافية والأدبية على وجه الخصوص..
أغلب من رأيتهم واستمعت إليهم يستشهدون بآراء وأقوال غيرهم!
حقيقة هذا الأمر استثارني بالتعجب، فهل هذا الأمر من سمات الثقافة المكررة؟
أم الأمر من معالم الخوف وعدم الثقة بالذات؟
فإذا ما كان كذلك، ما فائدة تلك الكتب وأرفف المكتبة التي هي خلف ظهورنا؟
هل للتصوير فقط؟!
أم عدم مراهنة الذات لاستحضار قولنا ورأينا وثقافتنا المتجددة مع الأيام؟
أم أن من متطلبات الثقافة الإلزامية تحشيد الأسماء والمقتطفات بالمقالات والمقابلات ونحوها؟
ولماذا تكثر هذه الظاهرة للكتب الصفراء؛ وللذين قبروا تحت التراب؟
2/ مفارقة
كنا ذات (عصرية) في طريقنا إلى مدينة الدمام، وسألني أحد الأحبة: ماذا أخذت من الكتابة؟
فأجبته دون مواربة أو تهرب: وجدت نفسي على وجه الاختصار..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
ما أخذت من عمرك؛ ووعيك؛ وتجربتك؛ وصدقك؛ وأمانتك؟
أسئلة لم استحضرها من قبل، وما جعلني كتابتها، تلك الوجوه التي أوجدتني منذ طفولتي إلى الآن..
فقد عرفتني المتناقضات سر حضورها ولو لبرهة زمنية من عمري..
فالكاذب يحلف، والملتزم يداهن، والمثقف يراوغ، والقريب بخيل، (واللي فال أمها) شهم وكريم وصاحب نخوة وموقف!
3/ مرآة القلم
ــ لماذا كلما نظرنا للصور وتأملناها أقترنت بأعمارنا ومن رحل منها؟!
ــ بصراحة يزيدني تعجباً ذلك الذي يفرض رأيه أو قناعته بأسلوبٍ مغلفٍ كسكرٍ خالٍ من السعرات الحرارية!
ــ إن لم ينعكس الشعور على المشاعر فلا خير فيما نقول..
على رواية:
لا ندعي الوعي هنا ونقتسم الجهل هناك..
ــ لن ينطوي خلف وسادة التيه هذا، ولم يجنح في مواراة أطراف القدح ذاك؛ سوى الذي خان الحكاية وكذب الرواية!
ــ كلنا يدعي معرفة ماهية الماء وروح الصفاء، فماذا نقول أمام مرايا التملق والمجاملة؟
ــ ما حال من هو مستلقٍ على أريكة (الوصاية والأستذة)؛ والملاعق تحوم حوله؛ فلا جادوا بإطعامه ولا قاموا بإلزامه؟
ــ إذا مات المعوز القليل منا من يحضر جنازته.. بخلاف ذاك الغني الذي تتسابق الأرجل لمدحه والانتساب له رغم عدم معرفتهم به!
ــ الإنسانية الصادقة هي أن نستشعر ذاتنا بكل من يمر بنا بصفاءٍ ونقاءٍ دون مساومة!
ــ ساعة ما كنت من (المشاهير)
اشترط في سائر الأيام (رزمة من المال)، (وفي اليوم الفاضي) أستعطف على جاري بائع أكوب الشاي في الطرقات للإعجاب وزيادة المتابعة لحسابي!
ــ هكذا أوصاني: شاور زودك، وارعى عودك، فالصحة لا تباع وتشترى..
ــ أهدافك كالبساتين المخضرة، فلا تشارك أحداً برعايتها أو تقليمها..
4/ أبواق السراب
دعني أتجرد بحضوري هنا، وأهمس في أُذن وجودي:
تيقن أن لكل علم نتاج، ولكل نتاج معرفة، ولكل معرفة ثقافة، ولكل ثقافة رأي، ولكل رأي قناعة، ولكل قناعة إدراك، ولكل إدراك سلوك..
من هنا أتت هذه المحصلة التي أظهرت سلوك البعض منا، وذلك لاجترار كثرة الأسماء في سلسال سياق كلامه، كالذي يختبئ خلف الأسماء المستعارة للتعقيب على نفسه بوسائل التواصل الاجتماعي..
أو كالذي يُسافر للتعلم خارجاً، وساعة ما يأتي لزيارة أهله وجيرانه يدّعي إضاعة طريق العودة أو قاموسه اللغوي؛ كيما يترنم بحبال الألقاب التي يضعها الآخر أمام اسمه بجهات أُخرى!
فمن هو المثقف الحقيقي؟
أهو ذلك الذي يُدير شؤون يومه بكل اقتدارٍ وتمكنٍ؟
أم هذا الذي يترنح ما بين الوصاية والوشاية؛ والتبعية العمياء ولبس الأقنعة؟