مُتقاعدونْ :
مُتقاعدونَ يحتسونَ العُزلةَ في المقهى
يترقَّبونَ أُذونَ صرفِ الرَّواتبِ
كي يطمئنُّوا بأَنَّهم ما زالوا على ذمَّةِ الحياةِ
مُتقاعدونَ صامِتونَ يستدرجونَ الحياةَ
إِلى جلْساتِهمْ بشيءٍ مِنَ الحُزنِ والخُفوتِ
يغوصونَ في الحكاياتِ القديمةِ والمرايا
يضحكونَ تارةً كالأَطفالِ المُندهِشينَ بالأَلْغازِ
وفي أَغلبِ المرَّاتِ تأخُذهُمْ غفوةٌ طارئةٌ
من الأَحلاَمِ دونَ ضجيجٍ إِلى الشَّوارعِ
فيتناقصونَ في الحضورِ إلى الذِّكرياتِ
وتشُحُّ بهواجسِهمْ أَرائكُ المقهى والأَقداحُ
يبرُدُ شايهُمْ سريعاً في الغيابِ وفي الانتظارِ
وتخبو دهاليزُ نشيجهم الأَخيرِ
قبلَ توديعِ المسافاتِ
مُتقاعدونَ يذهبونَ مِراراً وتكراراً
إلى الحياةِ ولا يعودونَ
والمقهى لمْ تزلْ تفتتِحُ نهارَها العجيبَ
بأُغنياتهمْ الجماعيَّةِ التي كانوا يردِّدونَها
على استحياءٍ منَ النِّسيانِ.!
مُتقاعدونَ كالأَيَّامِ في حِقبةِ المطرِ والغُيومِ
والمقهى بعدَ غيابهمْ مُزدحمةٌ برائحتِهمْ
مُتقاعدون والمقهى أَمستْ فارغة.!