من دفتر الزقاق البعيد
علي السوداني
في زقاقٍ بغداديّ عتيق فقيرٍ بائس ، كانت العائلة الكبيرة تملك جهاز تلفزيون بالأبيض والأسود . ما زال منظر الجيران وهم يتدفقون على حوش الدار ، لابطاً في عميق الذاكرة . كانوا يتفرجون على الحركات الماهرة التي ينتجها المصارع اللطيف عدنان القيسي . كلما قفز عدنان ونزل بكوعهِ على رقبة كوريانكو ، قامت العلوية أم صالح على حيلها وصاحت : الله ينصرك يمّه .
ببيتنا تلفون أرضيّ من صنف أبو الفرارة . إن اتصل إبن الجيران الذي يدرس في الخارج وطلب الحديث مع أهله ، نطّ واحدٌ من شبّان العائلة إلى جارتهِ وجاء بها كي تكلم وليدها البعيد ، وتترس سماعة الهاتف بدمعات الفراق السواخن .
كانت الأيام أقلّ قسوةً وأكثر رحمة وطمأنينة ..
لقد حطّمت حياتي أمريكا والفيسبوك !!