من تشكيل الحكومة الجديدة إلى الورقة الاقتصادية البيضاء.. 4 ملفات بارزة ستتصدر عناوين العراق عام 2022
صلاح حسن بابان
طوى العراق صفحات عام 2021 بالعديد من الأحداث الاستثنائية على مختلف الأصعدة، لعل أبرزها إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة واستكمال انسحاب القوات القتالية الأميركية من البلاد، على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم صعوبة التنبؤ بمستقبل الأحداث في العراق عام 2022، فإن محللين يتوقعون أن يكون عاما ساخنا مع اقتراب موعد انعقاد أول جلسة برلمانية وتزايد الجدل حول الاتفاق على الكتلة الكبرى لتشكيل الحكومة الجديدة واختيار رئيس لها.
التوقعات السياسية
سياسيا، يرى المحلل السياسي الدكتور أياد العنبر في خطوات الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة مفتاحا أساسيا لحل كل الأزمات في العراق أو زيادة التعقيد فيها خلال العام الجديد ومنها المتراكمة منذ العام 2021، ولا يستبعد في الوقت ذاته إعادة بعض السيناريوهات السابقة، أبرزها أن الحكومة تكون غير قادرة على مواجهة التحديات وتبقى تدور في دوامة الفساد، عازيا السبب في ذلك إلى معطيات توحي بعدم لجوء القوى السياسية إلى بداية جديدة.
وفي حال حصول أي تغيير سياسي في عام 2022، يتوقع العنبر أن يكون نسبيا، أو قد يكون متوافقا مع طبيعة المعطيات الدولية والإقليمية التي ستكون حاضرة خلال السنوات القادمة.
ويستبعد العنبر استمرار احتفاظ مصطفى الكاظمي وبرهم صالح ومحمد الحلبوسي بالرئاسات الثلاث، وذلك بسبب الخلافات السياسية التي لن تسمح بإعادة الوجوه نفسها لسوء إدارتها، وعدم مراهنة القوى السياسية النافذة على التجديد لها.
تشاؤم اقتصادي
وأمّا على المستوى الاقتصادي، فيرجح مختصون استمرار تطبيق مشروع “الورقة البيضاء” الذي طبّقته حكومة مصطفى الكاظمي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ليكون بمثابة برنامج للإصلاح الاقتصادي.
يطرح الخبير الاقتصادي همام الشماع سيناريوهين لعام 2022، يحصر الأول منه ببقاء حكومة الكاظمي وفريقها الخاص الذي عمل في 2020 و2021 وتحديدا وزير المالية علي علاوي، وهو الأسوء اقتصاديا على مختلف الأصعدة، بسبب ما يصفها بـ”تصريحات سوداوية” أطلقها عن تسريح موظفي الدولة، بعد 10 أعوام، بسبب أفول عصر النفط، في ظل اعتماد العراق عليه، وذلك من أجل تمويل موازناته المالية، مما يعني إعادة سيناريو التهديد الذي بدأه في نهاية 2020 وبداية 2021، وهو يُنذر بقطع الرواتب وعدم وجود أموال لدفعها.
ويتوقع الشماع أن يزداد الضغط على الرواتب والتعيينات من خلال خفض قيمة العملة المحلية أكثر، وهذا ما سيؤدي إلى تردي الحياة الاقتصادية أكثر، بالإضافة إلى تردي الواقع الزراعي بسبب شحّ المياه مع تراجع الوضع الصناعي، ليزيد من حجم السلبيات في 2022 بعدم حدوث أي تغيير في القطاع الكهربائي أيضا.
وأما السيناريو الثاني فيتمثل في مجيء حكومةٍ جديدة تبدأ بخطواتٍ إصلاحية ليس من خلال الضغط على مستويات معيشية مُتدنية للشعب، وإنما الضغط على الطبقات الثرية المستفيدة بغير وجه حق من المحاصصة والانفلات الأمني والإداري، حسب تعبير الشماع للجزيرة نت، وسيكون حال الشعب أفضل حتى لو نجحت في تطبيق ما نسبته 30% منها لتزيد من حركة السوق والوضع الاقتصادي.
تدوير الوجوه أمنيا
أمنيا، يتوقع الخبير في هذا الشأن عقيل الطائي بقاء السيناريوهات الأمنية دون تغيير عام 2022 التي تعتمد على الإستراتيجيات التقليدية بانتشار القوات الأمنية واستثمارها لأغراض استعراضية في بغداد وباقي المناطق، في ظل غياب الضوابط والإدارة الحقيقية وعدم الاعتماد على الجهد الاستخباري في معالجة الكثير من الفراغات الأمنية.
أكثر ما ينتقده الطائي، في حديثه للجزيرة نت، هو وضع بعض القادة الأمنيين في مهام وواجبات عسكرية بتأثيرات سياسية دون أن يكون لهم أي مؤهلات كافية، محمّلاً في الوقت ذاته المناكفات والصراعات السياسية مسؤولية الإخفاقات الأمنية في البلد التي تكون فرصة جيدة لتنظيم الدولة الإسلامية لاستغلالها وزيادة عملياته ضد المواقع الأمنية.
ولا يخفي الطائي خشيته من استمرار الخروق الأمنية بل وزيادتها عام 2022 بنسبة كبرى مما حدث العام الماضي، وإذا تشكلت حكومة توافقية سيواجه الملف الأمني فيها الكثير من المشاكل، إلا أن الأمر قد ينعكس لو تشكّلت حكومة وطنية تتحمل مسؤولية حماية الشعب على مختلف الأصعدة، بعيدا عن اتخاذ أسلوب تدوير الوجوه الأمنية والعسكرية.
وفي رده على سؤالٍ عن احتمال استمرار الهجمات على المصالح الأميركية بعد إعلان الكاظمي عن انسحاب القوات القتالية وانحصار المدربين والمستشارين منهم في قاعدتي عين الأسد بمحافظة الأنبار غربي البلاد وحرير بكردستان العراق، يميل الطائي إلى احتمال تراجع هجمات الفصائل الشيعية، لكنّه لا يستبعد وجود أيادٍ تعمل على نشر الفوضى وقلب الأوراق بتنفيذ هجمات على القوات الأميركية لتزيد من وجود الأطراف المتناحرة في الساحة.
الواقع الثقافي
وعن الجانب الثقافي، شهد العراق عام 2021 العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية سواء على مستوى الفنون أو الشعر، باستضافته الكثير من الوجوه الفنية المحلية والعربية وإقامة فعاليات فنية وثقافية متعدّدة حضرها نجوم عرب بارزون مثل النجم المصري أحمد عبد العزيز والمطرب علي الحجار والممثل السوري أيمن زيدان، وكذلك تنظيم مهرجان بابل الدولي مجددا بمشاركة مطربين بارزين في مقدمتهم هاني شاكر، ومعرض بغداد الدولي للكتاب.
وتحرص وزارة الثقافة العراقية على أن يكون العام الحالي مشابها أو يفوق العام الماضي في إقامة وتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية وعلى مختلف الأصعدة، حسب وكيلها عماد جاسم، لكنه يربط ذلك بالموافقة على بعض المعطيات في موازنة هذا العام التي تُطالب بها وزارته من خلال منحها فرصة لتجدّد العطاء بتخصيصات مالية كافية وتناسب حجم الطموح.
وأعدّت الوزارة منهاجا متكاملا للعام الحالي للانفتاح على منظمات دولية، وبمخاطبتها الجاليات العراقية المقيمة في المهجر مع سعيها لعقد مؤتمر للمسرحيين المُغتربين لتكون فرصة ثمينة لهم لتقديم أعمالهم المسرحية الكبيرة والرائدة، بالإضافة إلى إعداد خطط لاستقبال العديد من المثقفين ليأتوا إلى بلدهم من الخارج والاحتفاء بهم.
ومن أبرز الفعاليات التي تحرص الوزارة على إقامتها عام 2022، وكانت قد نظمتها العام الماضي، وتكرارها بثوبٍ يليق بالثقافة والفنون العراقية: مؤتمرات خاصّة بالحقول الاجتماعية والنفسية مثل مؤتمر عالم الاجتماع الراحل علي الوردي للعلوم الاجتماعية، حسب تأكيد جاسم للجزيرة نت، الذي أشار إلى وجود مساع لتنظيم مهرجانين سينمائي ومسرحي مع العديد من المهرجانات الدورية.