د. عماد الدين الجبوري
رغم حفاظ المتظاهرين والمعتصمين طيلة الأربعة أشهر على سلمية إنتفاضتهم التي أرادوا بها نيل حقوقهم المشروعة، لكن قوات نوري المالكي الطائفية المدمجة بقطعات الجيش. علاوة على قوات “سوات” التي صنعها المحتل الأمريكي وأطلق عليها أسم “القوات القذرة”؛ حيث لا تعرف الرحمة والشفقة ولا كل ما يتصل بالمعاني والمفاهيم الإنسانية، والتي خضعت لمكتب المالكي منذ العام 2007. ناهيك بعناصر فيلق القدس الإرهابي الإيراني التي تتحكم بمفاصل وأجهزة الجيش والشرطة والأمن، وما تخطط له على المستوى الإقليمي. حيث التغطية على إشتراك حزب الله اللبناني بالقتال داخل الأراضي السورية ضد الثوار.
فقد أقدمت تلك القوات المجرمة على أرتكاب مجزرتها البشعة بحق المعتصمين في ساحة الغيرة والشرف بقضاء الحويجة فجر يوم الثلاثاء الموافق 23-4-2013. فقتلت أكثر من 70 شهيداً، وجرحت نحو 1400 من قرابة الخمسة آلاف معتصم. كما وأجهزت على العديد من الجرحى، ومن بينهم طفلاً بعمر ثلاثة عشر ربيعاً أمام أبيه المقعد على الكرسي المتحرك.
فكان لزاماً على المقاومة العراقية أن تفي بوعدها بحماية أولئك المتظاهرين والمعتصمين، فتصدت لتلك القوات الطائفية. وكذلك أنبرت عشائر العراق الأصيلة بالمساندة في دعم فصائل المقاومة الوطنية المسلحة. وأن الإشتباكات والمواجهات مازالت جارية ولن تتوقف حتى تحقق أهدافها بإسقط العملية السياسية، وإلغاء الدستور والقوانين وكل ما تمخض من المحتل الأمريكي.
وفي اليوم الأول من الإنتفاضة المسلحة قد تحقق أكثر من 500 عملية ميدانية من شن الضربات والهجومات والتفجيرات والقنص المتواصل. حيث ألحقت بقوات المالكي الخسائر المريرة بشرياً ومادياً، وفي عدة مناطق وأماكن بمحافظات كركوك وصلاح الدين ونينوى والأنبار وديالى. أن فصائل المقاومة ومن ورائها الإسناد العشائري لا تقاتل أبناء جيشها، لكنها تضرب تلك القوات الطائفية التي بها يتجبر المالكي ويستبد في طغيانه وظلمه على أبناء العراق الغيارى. ويكفي أن بيانات المقاومة طالبت من أفراد الجيش أن تترك ثكناتها وتسلم أسلحتها لكي تنجو بنفسها ولا تصبح ضحية المخطط الطائفي الذي تقوده إيران في المنطقة، وينفذه المالكي وجلاوزته في العراق. كما وطالب وجهاء وشيوخ العشائر من العسكريين من خارج مناطقهم، أن يعودوا إلى ذويهم أو يلتزموا ثكناتهم دون إطاعة أوامر المالكي بقتل أبناء بلدهم المدنيين المسالمين. وإلا فهم عرضة لهذه المجابهات القتالية.
أن الأيام القليلة القادمة ستثبت فيها إرادة المقاتل الذي يدافع عن وطنه وعرضه وماله، عن المقاتل الدخيل الذي يعتمد على مبدأ طائفي لا وطني. وكذلك ستثبت المواجهات القتالية بين مَنْ هو ضليع بالخبرة والحنكة والممارسة الميدانية الشرسة، وبين مَنْ هو مختبيء خلف سلاحه وعتاده. بين مَنْ جابه أقوى قوة في العالم وألحق بها هزيمة مذلة، وبين مَنْ أتى متعلقاً في بصاطيل تلك القوة المقهورة. وشتان بين مَنْ يؤمن بالله والشرف والوطن، وبين مَنْ حصر إيمانه وشرفه ووطنه بالمال والمنصب والجاه.
أن الإنتفاضة المسلحة تعتبر تطور طبيعي تجاه غطرسة القوة الطائفية المتسلطة على البلاد والعباد، والتي أنهت الإنتفاضة السلمية بمجزرة شنيعة وحقد صفوي دفين. وبذا فإن منطق الأحداث والواقع يشير إلى زمنية الحسم التي تتطلب صبر ساعة ليتم النصر بعون الله تعالى. بيد أن هذه الساعة لا يفقهها إلا مَنْ يؤمن بها. وأن غداً لناظره قريب.