في البدء
كنتُ الكلمة
حروف صمت أذنيها
حين تعالى ضجيج آلات الخلق
انتبذتُ ركناً منسياً
عن سماء كانوا يجمعون دخانها
عن أرض ابتلعت في جوفها العدم
عن أعمدة ازدانت بمشانق الحُجب
كنت
بذرة الصمت الأول على أحبال الكلام
في البدء
كنت أول خلايا انزاح ضوؤها
في زوايا الشمس المنفرجة على دفء يرتجف
عن
فتنة اللمعان على سطح المعاني
كنت
جذر المجاز الأول في عين اللغة
وحاصل تربيع المسافة المتأرجحة
بين الإيجاب والسلب
في البدء
كنت
اشتعال قدر استكان ظله على صور مضببة
وزوايا رؤيا أشاحت بصيرتها
عن البقعة الحساسة لأرض تعرى فيها الخراب
منذ البدء
قيل لي
كوني
ورقة توت
يبحث عنك حاصدوا الذنوب
كوني
ريشة غراب
يتعلمون منك أبجدية التراب
كوني
وجبة مطر
تنتظرها مناجل صدأ حرثها
بل
كوني
المرأة
كوّناً خالياً من مضادات الفرح
وأد البكاء تلعثمه في صدرها
فهشت عنه قطعان الحزن بسياط الريح
غنى لها المطر
“عيناك غابتا نخيل
ومطر”
كلما
أينع نخيلها بالدمع
سوّرت الغابات حوله بكحل عنيد
كلما
دوّت طبول الحرب أسفل شرفتها
أو
رقص الخراب على جثة الوقت
جمعت أشلاء الكلمة
واعتلت عرش الماء
شريط وراثتها تخلى عن أحقاد الطين
لا تعرف معنى النهايات الفاترة
كوني
الكلمة
كوني
المرأة
كوني
أنتِ
المطر
1-12-2021