مكيافيلي والعرافة البلغارية فانغا, معاً بلسان واحد !
احسان جواد كاظم
كتبت, قبل أيام, مقالاً عن النظرية المالثوسية وتوقعات وحلول واضعها لمعالجة الانفجار السكاني الذي يعاني منه كوكبنا, حيث أشار توماس مالثوس ( 1766- 1834 ) في معادلته الأُسيّة ان الحروب ستكون المعادل المطلوب بين زيادة السكان وانخفاض الموارد الغذائية.
وقعت, أخيراً, على رأي لنيكولو مكيافيلي ( 1469 -1527 ), لا يختلف في فحواه عن جوهر ما قاله زميله, اللاحق زمنياً, بالحل المأساوي للمشكلة ولكن ليس بالحرب, ربما بسبب عدم ضراوة الحروب في زمانه كما في زمن مالثوس, بحكم التطور, بينما شهدت أوروبا, في حينه, انتشار الطاعون : ” عندما تعج كل مقاطعة في العالم بسكان لا يستطيعون البقاء حيث هم, ولا الانتقال إلى مكان آخر… فإن العالم سيطهر نفسه “.
وهو بذلك يختلف عن مالثوس فليس الحروب ستكون ( المنقذ ) من الانفجار السكاني وما يأتي به من مجاعات بل ” الأمراض هي التي ستشكل الطريقة الطبيعية للتطهير الذاتي للعالم “.
يشير المتخصصون أن عدد السكان المثالي لكوكب بحجم كوكبنا هو 4 مليارات, بحسب ما يمكن توفره من موارد غذائية, بينما عدد سكان الأرض تعدى, اليوم , أكثر من 7 مليارات.
كما أن زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكاربون في الجو واتساع ثقب الأوزون والتلوث البيئي والتصحر واجتثاث الغابات وحرائقها وذوبان الثلوج في قطبي الأرض وانقراض أنواع من الكائنات من السلسلة الغذائية للمزيد من الحيوانات والحشرات والنباتات, وحتى تضرر الأحياء المائية بسبب التلوث البيئي. كلها تهدد الوجود البشري على كوكب الأرض, لذا فإن الاوبئة والأمراض ستكون حلاً طبيعياً حسب مكيافيلي لإعادة التوازن البيئي.
ومن يتابع اليوم الأخبار, سيتيقن بأننا نتوفر على بؤر حروب عديدة, مع انتشار واسع لفيروس كورونا وتحولاته الخطيرة.
ورغم محاولات إطفاء بؤر الحروب والسباق اللاهث وراء جهود اكتشاف لقاح او علاج ناجع يلجم كورونا, إلا أن احتمالات اندلاع حروب قد تكون نووية او تطور الأوبئة تبقى مفتوحة.
وبينما تقف البشرية عاجزة عن التحكم بالزيادة السكانية, عليها أن تبتكر الطرق والوسائل الناجعة لتلبية وتوفير حاجات ومتطلبات ذلك.
قرأت منذ سنين طويلة في ” سلسلة المعرفة ” التي كانت تصدرها وزارة المعارف الكويتية عن أبحاث عن ” الكائن البشري الأخضر ” ذي ” الكلوروفيل ” الذي يعيش ويحيا كما النباتات في الطبيعة أو عن الاستفادة من الحشرات كمصدر رئيسي للبروتين الغذائي بسبب سرعة تكاثرها وحجم المساحة الصغيرة المطلوبة لاكثارها..
وفي دراسة أخرى الاستفادة من النفط في توفير اللحم بالتدخل الكيمياوي لتحوير الأواصر العضوية للبترول وتحويلها إلى بروتينية.
تعارض أوساط واسعة الدراسات المتعلقة بالهندسة الوراثية للسيطرة على الأمراض وتتحدث عن خطورتها على الجنس البشري, لأنها تعطي مناعة دائمة وتمنع الكونترول الطبيعي لأعداد السكان, بينما العلاجات لأمراض مثل الكوليرا وشلل الأطفال والتدرن تجعل الأنسان أكثر مناعة فحسب, وتعطي لعملية تطور المناعة البشرية الطبيعية من المرض دورها, وهي قد تستغرق مئات أو آلاف السنين لأكتساب مناعة تامة.
فالتطور عملية بطيئة, والتدخل جينياً في ذلك بهدف إحراز قفزات طبية, قد تؤدي إلى نتائج غير محسوبة العواقب, لأن إزالة سمة بشرية واحدة قد تؤدي إلى تغيير في مئات السمات الأخرى, محدثة نتائج كارثية.
وبين حديث الخيال والواقع وتعزيزاً لهذه المخاوف, تأتي توقعات العرافة البلغارية فانغا لتغذي هذه المخاوف, مضيفة عليها بهاراتها التخمينية. فقد تنبأت قبل وفاتها للعام ٢٠٢٢ بأنه بنتيجة الاحتباس الحراري ستتحرر أنواع قديمة من الفايروسات بعد ذوبان الثلوج عن أنهار جليدية في سيبيريا ستشكل خطراً جديداً على البشرية.
نأمل, بالطبع, عدم تحقق ذلك وأن تكون من ضمن توقعاتها التي لم تتحقق في الأعوام السابقة.
يذكر أنه, عندما تبجح الحجاج بن يوسف الثقفي امام أهل العراق, بعدم انتشار الطاعون في فترة حكمه, قال الناس : ” الله أرحم من أن يجمع علينا مصيبتين في آنٍ واحد, أنت والطاعون !”
فكيف بنا, اليوم, وقد تجمعت علينا احتمالات حرب, لا ناقة لنا فيها ولا جمل, وفيروس متغطرس ومتسلطين بغاة ؟ !