مفاجئات انتخابات 10 تشرين – ما حصل وما سيحصل
أ.د.قاسم حسين صالح
المفاجأة الأولى: ان المقاطعين كانوا على خطأ في تقديرهم ان اجواء الانتخابات ستكون مهددة لحرية الناخب ،فيما استطاعت القوى الأمنية التابعة للحكومة تحقيق الأمن الأنتخابي وتأمين حرية المواطن في التصويت،وتأكيد رئيسة بعثة المراقبين الأوربيين.
الثانية:ان المقاطعين والعازفين كانوا على يقين ان الانتخابات ستكون مزورة،واثبت الواقع انها المرة الأولى التي كان التزوير فيها يكاد يكون معدوما.
الثالثة: كانت الغالبية من العراقيين ترى ان النتائج محسومة سلفا، واللعبة مكشوفة ..فصدمتهم بعكس ما كانوا يرون.
الرابعة:فوز:التيار الصدري بفارق كبير عن الآخرين (73) مقعدا، تقدم (43) ،دولة القانون (37)،الحزب الديمقرطي الكردستاني (32)،والجيل الجديد( 9) ، وفوز 97 امرأة ،وخسارة: الفتح التي تضم بدر والعصائب واخرى(16)، و قوى الدولة الحكمة زائد النصر(4)مقعدا.
الخامسة:خسارة غير متوقعة لسياسيين كانوا يحتلون مراكز متقدمة في العملية السياسية.
السادسة:فوز مستقلين(20) وتشرينيين (15)
وتتعد الآراء بخصوص ما حصل، فهناك من يرى ان نجاح الانتخابات كان شكليا،وانها ليست مفاجئة ان يفوز عدد باصابع اليد وحتى عشرين او ثلاثين،فلن يحصل تغيير ما دام نصف الفائزين او اكثر هم من سراق المال العام،فيما يرى آخرون بأنه كان لابد من تطعيم نظام بريمر ببعض الوجوه الجديدة من اجل اطالة عمر العملية السياسية الفاسدة مع بقاء الكتل والحيتان،واشاد آخرون بما حصل،فيما علق آخرون بسخرية عراقية:
*بالمشمس…حتى الهواء راح يسرقونة..من ١٨ سنة لم يثبت ان احدا من تلك الزمرة نزيه..كلهم فاسدون للنخاع
*ماكو هجرة لليونان للكعبه بلكت نخلص
*بزازين هل وكت ماترضى بالشحم ادور حبال ظهر
*يعمي لا تروحون زايد كل واحد حجه كلمتين بالوطنيه انبطحتوا وسويتوا كاسترو العراق..لا تترجا خيرا من تيار ديني.
وما حصل تلخصه حقيقتان: حصول تغيير محدود يفترض ان يفتح الباب نحو تغيير ينقل العملية السياسية من سكة المحاصصة الى سكة الدولة المدنية الحديثة،
والثانية:ان نسبة المقاطعين والعازفين عن المشاركة في الانتخابات كانت بحدود (60%) ما يعني في التحليل السيكولوجي ان توالي الخيبات اشاع الأحباط والقهر بين العراقيين ،واوصل غالبية الستين بالمئة الى ان يبقوا في بيوتهم قاعدين.
وسياسيا، كانت قراءة قوى تقدمية مقاطعة لما سيحصل..غير دقيقة ،في مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي. وكنا دعونا الحزب الى المشاركة في مقالة موثقة بعنوان (الحزب الشيوعي العراقي مع التحية ) نشرت في14 ايلول 2021، وقلنا بالنص( ما لم يكن هناك موقف يوحد قوى التغيير ويحظى بتأييد شعبي، فاننا نقترح دعوة الحزب الى كوادره بالتصويت لمرشحين مستقلين يضعف من نفوذ احزاب السلطة في البرلمان ويسهم في التغيير لصالح القوى التقدمية والوطنية، اذ ليس من المعقول ان لا يكون بين اكثر من ثلاثة آلاف مرشحا من هو كفوء وضد الفاسدين ،و بينهم مرشحون من الحزب الشيوعي الكردستاني).
الأهم..هل سيحصل تغيير في العملية السياسية؟وما الذي سيحصل؟
ان تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان هي التي ستحدد شكل التحالفات..وما سيحصل هو ان الخصمين اللدودين (التيار الصدري ودولة القانون) سيتنافسان،وسيكون الحزب الديمقراطي الكردستاني.. بيضة القبان. فاذا استطاع التيار الصدري التحالف مع (تقدم) والتفاهم مع الكتلة الكردية ،فانه سينجح في تشكيل الكتلة الأكبر، وسيكون للسيد مصطفى الكاظمي الحظ الأوفر في تشكيل الحكومة الجديدة،غير ان هذه الايام ستشهد مساومات،كثير منها سيكون على حساب الوطن والمواطن،وستعمد الكتل الموالية لأيران الى الطعن بنتائج الأنتخابات وقد تكون الفوضى والسلاح سيد الموقف في عدد من المحافظات الشيعية.
ومع ان اهم مكسب برلماني تحقق هو انه ستكون فيه جبهتان: جبهة مع الحكومة وجبهة معارضة ،تراقب وتعارض لتخلق توازنا سياسيا لم تشهده البرلمانات السابقة. وبافتراض ان التيار الصدري استطاع تشكيل الكتلة الأكبر بصيغة تنويعية ، فان اهم المعايير في حصول تغيير هي:
*ان تعمل الحكومة على اقامة دولة مدنية حديثة تمتلك مقومات حضارية تنقل العراق من حالة التخلف الى حالة التقدم ، وان تدرك ان العراق هو احد اغنى عشرة بلدان في العالم ما يعني ،انه يمتلك كل المقومات التي تجعل اهله يعيشون بسعادة وكرامة هدرت وافقرت حكوماته 13 مليون عراقيا باعتراف وزارة التخطيط.
* انهاء حالة الخوف والقلق من المجهول والشعور بالأغتراب التي عاشها العراقيون عبر 18 سنة،واضطرت الملايين الى الهجرة ،وضاعفت حالات الادمان على المخدرات والطلاق.
* الاستعانة بعلماء وحكماء البلد وتخليص الحاكم العراقي من سيكولجيا احاطة نفسه باشخاص يقولون له ما يحب ان يسمعه ،وآخرين مصابين بالحول العقلي .
*تشكيل محكمة من قضاة مستقلين لمحاكمة حيتان الفساد باعتماد قانون من اين لك هذا،والاستفادة من تجربة سنغافورة التي اعتمدت عشرة مباديء في مكافحة الفساد يتصدرها مبدأ( عدم السماح للمفسدين بالتمتع بما حصلوا عليه من مكاسب غير مشروعة وفضحهم بجعل الناس تنظر لهم بوصفهم عارا على المجتمع).
تلك المعايير التي على الحكومة القادمة اعتمادها ليكون التغيير،وبدونها..ستكون افجع الخيبات!
*