مغارة علي بابا (مزاد العملة)
الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي
لا يمكن ان اخفي مقدار الخيبة كبيرة التي شعرت بها من الواقع العراقي, وقلق الشديد الذي تملكني على مستقبل البلد, بعد قراءتي لتقرير لقناة الحرة بعنوان (مزاد العملة.. خبراء يحذرون من “فساد” و”تسرب” أموال العراقيين)[1], فحجم الفساد يفوق فعل اي طاغية مر على التاريخ, لم يفعلها احد قبل “الهة” اليوم, والتي وضعت نفسها بحصانة من النقد باعتبارها لا تفعل الا الصواب, حجم الفساد في العراق يحتاج لتدخل اممي والا فانه مستمر ولن تنفع معه اي اجراءات رقابية فالامر معقد جدا في العراق.
سانقل لكم ما جاء في التقرير المخيف لتدرك معي حجم الجريمة التي تحصل يوميا بحق العراق وشعب العراق.
- تناقضات الارقام
يبدأ تقرير “الحرة” بتساؤل يعود لعام 2019 عن مبالغ مفقودة تصل الى 28 مليار دولار, نعم انه رقم مخيف! يقول التقرير: “في العام 2019، باع البنك المركزي العراقي 44 مليار دولار من العملة الصعبة في مزاد البنك المركزي (نافذة بيع العملات)، مخصصة في أغلبها لتغطية استيراد المواد والسلع التي تحتاجها البلاد، وتثبيت سعر الدينار العراقي ومنع التضخم، بحسب بيانات للبنك, لكن، وكما يقول متخصصون اقتصاديون عراقيون فإن حجم الاستيراد العراقي وصل إلى 18 مليار دولار، بحسب الخبير الاقتصادي منار العبيدي”.
فالفارق واضح بين حجم الحوالات وبين قيمة البضائع المستوردة, فاين ذهب الفارق! وهو ليس دنانير او مليون دينار حتى انه مبلغ يصل 28 مليار دولار نعم بالدولار, هنالك خلل لا يمكن تجاهله.
- النائبان الصفار والدراجي ودعوات مهمة
يتضمن التقرير حراك خجول وفردي من نائب ضمن اللجنة المالية النيابية وهو (احمد الصفار) حيث دعا في تصريحات للوكالة الرسمية العراقية: “إعادة النظر بموضوع مزاد العملة”، واضاف “مسألة نافذة العملة للبنك المركزي غير موجودة في كل دول العالم باستثناء العراق”.
فالتصريح النائب ينبه الى معلومة خطيرة ان ما يجري في العراق مخالف لكل دول العالم, فهو باب لهدر المال العام بشكل مقنن.
ثم كانت خطوة اكثر جرئة تضمنها التقرير عن لسان برلماني اخر ضمن اللجنة النيابية الا وهو محمد صاحب الدراجي حيث يقول التقرير في بيان منسوب للنائب الدراجي: أنه “تقدم بشكوى رسمية إلى القضاء العراقي لإيقاف هدر العملة الصعبة وتهريبها إلى الخارج” عبر مزاد العملة.
يتضح ان الامر ملتفت اليه من قبل البرلمان لكن بقي الكلام فيه فردي وليس على شكل قرار كتلة في محاربة الفساد, كانها محاولات للمزايدات السياسية ليس الا مع باق الامر على ما هو عليه.
- مزاد العملة مجرد واجهة
تضمن التقرير حقائق مخيفة عن الحال السيء.. وهي:
1- “مزاد العملة أصبح عائق كبير امام تحرر الاقتصاد العراقي, ومجرد واجهة لتمويل عمليات تهريب العملة, بعد أن تراجعت الإيرادات من النفط الخام بشكل كبير “.
2- “المزاد يقوم ببيع أرقام كبيرة من الدولارات يوميا تفوق حاجة الاقتصاد العراقي ولا يعود منها كبضائع إلا بنسب لا تتجاوز ال٤٠ أو ٥٠ في المئة في أفضل الأحوال والباقي يذهب للمحيط الخارجي”.
3- “البنك المركزي يبيع نحو 200 مليون دولار يوميا من العملة، وهي أكبر بكثير من استهلاك السوق العراقية أو حاجتها إليها”.
الحقيقة كل ما جاء بالتقرير يثير الرعب عن سطوة “الزومبي” على القرار العراقي, والمال الذي يسرق تحت عنوان “مزاد العملة” الى جيوب الحيتان القذرة هو مبالغ كبيرة لا يمكن السكوت عليها, وهذا سبب العجز في الموازنة, وعلة تأخر الاعمار, وسبب استمرار غول الفساد, فمن يريد قطع اذرع الفساد عليه فرض رقابة صارمة على مزاد العملة, وليس عيباً ان نطلب مساعدة الاجهزة الرقابية الاممية في حرب الفساد, وتنظيف مزاد العملة من الحيتان.