عدنان شمخي جابر الجعفري
لقد ترسخت في ذاكرتنا العربية ان كلمة البدون تعني مشكلة بعض العرب ممن يعيشون في الكويت منذ زمن بعيد دون الحصول على الجنسية الكويتية ,غيرعارفين او ناسين او متناسين نفس المشكلة في دول اخرى مثل المانيا
.
ففي المانيا توجد مشكلة مماثلة لمشكلة بدون الكويت انا اسميها (مشكلة بدون المانيا),هذه المشكلة ذات حجم اكبر ومعاناة اكثر,لم يتطرق الاعلام العربي لهذه المشكلة يوما بالتفصيل والتحليل كما هو حاصل في حالة الكويت غيرعارفين بتفاصيل هذه المشكلة او محابين لدولة كبيرة مثل المانيا ,ففي المانيا يعيش ملايين الناس منذ اكثر من عشر سنوات(كلهم تقريبا من المسلمين), بل ان بعضهم وصلت مدة اقامتهم قرابة ال 50 عاما تقريبا دون منحهم الجنسية الالمانية ,بدون ادنى اهتمام لمعاناتهم كبشر,بل ويعيشون تحت تهديد الترحيل بشكل دائم ومستمر لسبب او لاخر.
المعانات النفسية لهؤلاء البشر لايمكن وصفها,فاضافة للمعاناة المعروفة عن من يعيشون في بلد لايحملون جنسيته يمكنني القول ان هؤلاء الناس يعانون من شتى وسائل الاضطهاد الاجتماعي, فابناءهم لايجيدون لغتهم الاصلية بشكل جيد ولايجيدون اللغة الالمانية..لايحملون ثقافتهم الاصلية بشكل كامل ومعزولون عن الثقافة الالمانية تعسفا..معظم هؤلاء الصغار او مايقارب ال 90% منهم لايصلون الى الجامعات بسبب فشلهم او افشالهم المتعمد….الخ.
اما عن الاهل فيصعب عليهم كل شئ هنا,فمن الصعب عليهم جدا العيش مثل الحاصلين على الجنسية الالمانية,مثلا يصعب عليهم الحصول على العمل او التوكيلات او القروض او حتى حرية السفر لدول اخرى….الخ.
مشكلة بدون المانيا ليست في الاندماج كما يدعي الاعلام الرسمي الالماني,فقانون الاندماج تم العمل به منذ سنوات معدودات قليلات فقط ,ولمشكلة بدون المانيا امتدادات لعدة عقود من الزمن,وايضا فان الكثير من الناس قد حققوا كل شروط الاندماج من دورات لغة او دورات اندماج بنجاح و لم تمنح لهم الجنسية الالمانية بسبب مماطلة الموظفين في منحهم الجنسية الالمانية,هذه المماطلة قد تستمر لسنوات عديدة حتى يتمكن الموظف من اجبار المتقدمين بطلبات الحصول على الجنسية الالمانية على سحب طلباتهم.
والادهى من ذلك كله نجد ان بعض مقاطعات مدينة برلين يماطل الموظف فيها لعدة سنوات ومن ثم يخير الناس بشكل علني بين سحب طلباتهم او رفضها باي حجة كانت..فالرفض يعني دخول معمعة المحاكم لسنوات طوال وخسارة مبالغ كبيرة من المال اضافة الى التبعات النفسية والصحية…الخ. مع انواع المعاناة التي سيتلقاها الشخص وعائلته حين لجوئه للقضاء واستعداء حكومة المدينة التي ينتمي اليها..وبهذا يضمن الموظف استسلام مقدمي الطلبات وسحب طلباتهم وانضمامهم لجوقة بدون المانيا ,وكان شيء لم يكن.
طرق المماطلة من اجل عدم منح الجنسية الالمانية للاجنبي كثيرة جدا ,والموظف قادر على تعذيب المتقدم بطلب الحصول على الجنسية الالمانية لسنوات طوال(فهو محمي دائما من مدراء عمله ويقوم بما يملونه عليه) حتى يمل المتقدم ويسحب طلبه من اجل الحفاظ على صحته وعلى على قواه العقلية.
مفهوم الاندماج في المانيا مختلف تماما عن كل دول العالم,فمعظم الالمان يفهمون الاندماج على انه انسلاخ الانسان بالكامل عن ثقافته وماضيه وجنسيته..بل وحتى عن زوجته وعائلته ان امكن ذلك,فالعزاب او المتزوجون من المان لايعانون ما تعانية العوائل الاجنبية في موضوع الحصول على الجنسية,مما جعل الكثيرين يعتمدون الطلاق كحل وقتي من اجل الحصول على الجنسية الالمانية مما سبب انحلال اسري واخلاقي كبيرين في صفوف المسلمات والعربيات المطلقات.
وقبل ان انهي مقالي المختصر هذا اود ان اقول ان اصعب شيء في المانيا هو الحصول على جنسيتها واسهل شيء فيها هو سحب هذه الجنسية.
برلين
29.01.2012