مرثيـَــة أمِّـــي
(في عامِـها الثَّانِـي)
ظَهيـرة الخَامس من يوليـوز…
كَـان حدْسِـي…
قاسيا علـى قلْبِـي،
كأنَّنـي شمْعـة بِـلا شُعـاع.
جلستُ في آخِـر الجِـدار
أحجُـبُ شمْـس الخميِـس الأسْـود
أمْشِـي علَـى هامِـش الرَّصيـف
أخْشَـى أن أقَـعَ …
علَـى حافَـةِ الطَّريـق.
أغْلقْـتُ جمِيـع أبْـواب الدُّروب
وَانْزَوَيْـتُ فِـي آخِـرِ غيْمَـةٍ
عَـلَّني أرَى ظلِّـي
يُطِـلُّ مِـن آخِـر شُرفَـةٍ …
هِـيَ رُوحُ أمِّـي…
* * *
اليَـوم الخامِـس…
مِن خَمِـيس الصَّيْـف
رأيْـتُ في المَنَـام
طائِـراً ابْيـض…
يَلـفُّ أمِّـي بِسِلْهَـام مِـنْ نُـورٍ.
انْصَـرَفَ الظَّـلامُ مِـن مِحْـراب البيْـتِ
وأسْـقَى الضَّيْـفُ آخِـر قَطرات المَـاء
علَـى جبِبـنِ أمِّـي…
هِـي الآن مَمْـدودةٌ …
مِثْـلَ مَـلاكٍ،
تنـام علـى سَجـادةٍ كأنَّها كوكبٌ
فِـي آخِـرِ الفنَـاء.
هِـي الآن تُرتِّـبُ رحِيلَـها
بِهَمساتٍ هادئـةٍ،
تَقْـرأ السّلام بعينَيْـها
علَـى أرجوحَـةِ الهَـواء.
هِـيَ الآن تُـودِّع الأسَـى،
وتَركَبُ مَوْكِبـاً نُورانِـياً
سيَصعَـدُ إلى الأعْلَـى
رأيْـتُ شمْسَـها…
تُحيطُـنِي مِـن كُـلِّ مكَـان.
رأيتُـها تغْـرِسُ أشْجَـار الرّيْحَـانِ
فَـوق أسِرَّتِـي…
هِـي الآن تقْـرأُ آخِـرَ قصيدتِـي
-شفيق الإدريسي- المغرب