مرافىء ثقافية
نهاد الحديثي
قرأت رسالة لطيف من المثقفين والادباء والصحفيين موجهة للسيد رئيس الوزراء يشكون شظف المعيشة,واشاروا انهم لايمتلكون دار سكن ولا قطعة ارض !!!
هل نقول هنا تنسكب العبرات ؟ وهل دعت الاحوال المعيشية السيئة المثقفين الى اليأس والهجرة؟ يواجه المثقفون في العراق احوالا حياتية صعبة بفعل ضعف الاهتمام الحكومي بهم وندرة فرص العمل وتواضع المردود المالي لما ينشرونه من اعمال, اننا فقدنا الالاف من رموز وقامات الثقافة الذين ارعبهم الوضع الاقتصادي المتردي، وغياب دعم الدولة لهم، فسافروا بحثا عن ارزاقهم في دول الجوار الاقليمي، أو في بلدان اوربية، وتلك خسارة ثقافية لاتعوض, وظاهرة تسيء الى الثقافة العراقية, مواقف الحكومة هزيلة وركيكة وهي تضع هذه الفئة وهمومها في ذيل قائمة اهتماماتها, فالمثقف العراقي لم يحصل سوى على مكتسبات وامتيازات متواضعة لاتتناسب مع متغيرات الحياة وغلاء الاسعار ما جعل الكثيرين منهم تحت خط الفقر ليعانوا الحرمان الانساني والاجتماعي
عندنا في العراق نلاحظ بأسف وألم غياب الاهتمام بالثقافة عند معظم النخب السياسية. وهذا الموقف يعكس من دون شك النقص الجسيم في الوعي بأهمية الثقافة كقيمة إنسانية وغاية بحد ذاتها، وكوسيلة لا غنى عنها لتحقيق أي تقدم حقيقي في المجتمع
وهنا اشير لكلام السيد مفيد الجزائري وزير الثقافة الاسبق 2016 : وقد صدمت وزملائي المثقفين الآخرين، في السنة الفائتة، بالموقف المتجاهل الذي جوبهت به مطالبنا المتعلقة بالثقافة في “مذكرة المثقفين العراقيين حول الدستور” التي قدمناها إلى لجنة إعداد الدستور.في تلك المذكرة طالبنا بتضمين الدستور نصوصا تؤكد العمل على نشر المعرفة وجعلها في متناول فئات المجتمع وأجياله كافة، والعناية بالموروث الثقافي وحمايته وحفظه، ورعاية الثقافة إبداعاً ونشراً وإنتاجاً، وتخصيص نسبة ثابتة (1%) من الدخل الوطني سنويا للأغراض هذه، وأمور أخرى. وعندما طرحت مسودة الدستور في صيغتها النهائية للاستفتاء، وبرغم احتجاجنا على الصيغة الأولى في البيان الذي أصدرناه بتاريخ 18 أيلول 2005 تحت عنوان “في بلد الثقافة.. دستور بلا ثقافة!” لم نجد في تلك المسودة النهائية سوى عبارة عامة (المادة 35) تتحدث عن رعاية الدولة للنشاطات والمؤسسات الثقافية، والحرص على “اعتماد توجهات ثقافية عراقية أصيلة”! ويضيف قائلا / أقول الحق انني اشعر بالقلق ازاء افتقار النخب السياسية، في غالبيتها، إلى الإدراك الكافي لدور الثقافة في إعمار مجتمعنا المدمر، . وهذه الحقيقة هي ما يختفي وراء التقصير في اعتماد التخصيصات الضرورية للثقافة في ميزانية الدولة.واكرر هنا ان الثقافة ليست على الإطلاق ترفا، وان الحاجة إليها اكثر من ماسة، خاصة في مجرى إعادة البناء الشاملة في بلادنا. فهذه العملية لن تتحقق بالنحو المرتجى على يد الإنسان المجهَـل المستنزف، الذي خلـَفه لنا عهد الدكتاتورية، وزادته السنوات الثلاث الأخيرة إنهاكا روحيا أيضاً.
ان المثقفين يشكلون هوية البلد وذاكرته الجمعية ما يحتم على المعنين اغاثتهم وانتشالهم من الضياع، وتعمد بعض السياسيين اهمال الملف الثقافي العراقي الذي يحتاج الى تشريع قانوني ينضم عمل الاتحادت الثقافية، ويضمن مساعدات مالية للمثقفين، فضلا عن وجود حاجة ماسة لتشكيل مجلس اعلى للثقافة، وللاسف ان القائمين على الملف الثقافي حاليا هم شخصيات رسمية ادارية بعيدة عن الهم الثقافي
اننا بحاجة حقيقية الى التفاته حكومية لتحسين الواقع المعيشي لعموم مثقفي العراق , بحاجة الى جهة حكومية مستقله ترعى مراكزالحوار وقياسات الرأي العام، وتتبنى نشر وتعضيد ما يستحق من مؤلفات وبحوث ودراسات وتراجم وروايات ودواوين شعر بإشراف أدباء ومثقفين، كما أنه تسعى إلى إيجاد فرص عمل كريمة لتحسين الأحوال المعيشية للطاقات الإبداعية
اننا مطالبون بالحفاظ على الهوية الثقافية العراقية ذات الأبعاد المختلفة, والتصدى لكل محاولات طمس معالم هذه الهوية سواء من الداخل أو من الخارج ,وخلق دور أكبر للمثقفين فى الحياة العامة عن طريق تعميق مفهوم حرية الابداع وديمقراطية الثقافة واحترام الآخر لتكون أساساً لتعميق مبدأ الديمقراطية فى المجالات السياسية والاجتماعية.. على أن يبدأ تعميق مفهوم ديمقراطية الثقافة من الأجيال الأولى فى المدارس,, وتشجيع المثقفين على خوض الانتخابات العامة حتى يكون للمثقفين دور أكبر فى صياغة القرارات والتشريعات التى تمس المواطن, باعتبار أن المثقف لديه دائماً القدرة على توقع المستجدات, وتتوفر لديه رؤية واسعة من خلال احتكاكه المستمر بالشان العام المشاركة فى المهرجانات والمؤتمرات الثقافية العربية والدولية الكبرى لزيادة فرص الاحتكاك بين المثقف العراقي ومثقفى العالم. ودعوة مثقفى العالم للمشاركة فى المناسبات الثقافية العراقية- الحرص على إقامة المنتديات الثقافية للجمهور العراقي والوصول إليه حتى فى القرى والمدن البعيدة عن طريق قصور الثقافة, مع توفير الدعم اللازم لذلك- ألا يكون هناك أى قيد أو شرط على حرية الابداع والثقافة والفن مادامت داخل الاطار الدينى والأخلاقى والقيمى العراقي.وكل ذلك ممكن في ظل ظروف معيشية جيدة للمثقفين وتوفير متطلباتهم المادية بعيدا عن العوز والفقر