مجرد رأي….مابين العلمانية والتدين .
——————–
خالد العـــزاوي
لنتفق على ان الكثير من المظاهر التي نراها تحتاج الى تفسير,وأقصد هنا المظاهر التي تطغي على سلوكياتنا كأفراد وكمجموعات أيضا.ومن الدارج في توصيفاتنا أن نقول على إنسان ما انه متدين أو غير متدين, وعلى مستوى المجموعات ,فكثيرا مانصف عائلة ما ,يأنها عائلة متدينة أو غير ذلك من التوصيفات الدارجة في المجتمع,وبالتالي فإن هذا التوصيف ,خاطئاً كان أم صحيحا,سيولد إنطباعا في نفس السامع ليس من السهولة تجاهله,وفي المجتمعات الكسولة يعتمد الأفراد على مايسمعونه أو يرونه أكثر من إعتمادهم على شيء آخر,بمعنى إنهم يبحثون عن الحلول السهلة التي لاتكلفهم الكثير من العناء,لذا تجدهم كما في العهد القديم يصنعون أصنامهم بأيديهم وضمن مواصفاتهم ,ثم يمنحونها صفة التقديس لتكون جديرة بالعبادة.وفي حقيقة الأمر هم يقدسون أنفسهم عبر هذا التقديس نفسه.بعد أن يضعوا تحت عنوان الحكمة والغيب كل مايعجزون عن فهمه أو إيجاد الحلول له .
المشكلة في الدين أو العلمانية ليس في أصل التسمية أو في معناها ,المشكلة الحقيقية هي في تفسيرهما,وفي الجانب الذي نراه من هاتين الكلمتين, ومن ثم تحويل هذا التفسير الى سلوك ظاهر يؤمن به الفرد أو تؤمن به الجماعة .
فالكثيرون ممن يطلق عليهم صفة المتدينيين هم ليسوا متدينين إلا في ظاهرهم
والكثير من العلمانيين كذلك .
المتدين لايرى من الله غير ذلك الجانب الذي يحذرة من العواقب والذي يذكره بالعذاب وأهوال جهنم وعذاب القبر وسلخ الجلود وإستبدالها بجلود أخرى وكإن الله لاهم له غير الأستمتاع بتعذيبنا,وهو مايلحون على تكراره في خطبهم الدينية وحتى في سلوكهم اليومي مع الآخر,فهم لايرون منه غير عيوبه وذنوبه ,وهم يباشرون بالموعظة دون الأهتمام بمعرفة الأسباب ومحاولة إيجاد الحلول لها.
السؤال هنا,ماذا لوجربت أن تسأل أحدهم عن سبب الشقاء الذي أنت فيه مع أنك
عابد نموذجي لله, وأنك تعمل كل مافي وسعك لطاعتة كما يجب,ماذا تتوقع أن يكون الجواب,سأقول لك…سيخبرك بعد أن يضع على محياه مكياج الطيبة والملائكية..أنها حكمة الله,ولايعلم الغيب غير الله,طيب السؤال هنا ماحكمة الله في إيذائي وأنا العبد المطيع الصالح..!؟كيف لمحبوب أن يعذب محبيه..؟, الله ليس كذلك بالتأكيد.
ماعلينا هو أن نرى ذلك الجانب الودود المبتسم من الله,الجانب الرحيم,الجانب المقتدر
المتسامح الذي يغفر أكثر مما يعاقب,الجانب الذي يحثك على أن تحب الآخر,الجانب الذي لاتشتق فيه من نفسك إلها آخر ,ثم تنصب نفسك على العباد .فتكفر هذا وذاك
,الجانب الذي يحب الجمال ولايحول حياتنا الى كومة من القبائح.
أما العلماني ,فله عيوبة الكثيرة أيضا,وهي بعيدة بالتأكيد عن مفهوم العلمانية, فالبعض ممن يطلقون على أنفسهم صفة العلمانية ,لاهم لهم غير مهاجمة الدين وهم يطلقون
إتهاماتهم بالجملة وبالعموم وكأن العلمانية هي البديل عن الدين,وهم يفهمون من العلمانية تلك المظاهر التي تتعلق بسلوكيات قد تخرج عن مفهوم الذوق العام لمجتمع
يضم الكثير من الأديان والتقاليد,مجتمع يتراكم في ذاكرتهِ الكثير من الموروث الديني والشعبي,والذي يمثل في بعضه هويته الحقيقية ,وبالتالي فهو كالمتدين الذي لايرى من الله غير الجانب الذي تحدثنا عنه سابقا, والعلمانية ليست كذلك أيضا.
العلمانية سلوك متحضر دون المساس بهويتنا الوطنية,وهي حل مثالي لمجتمع تختلط فية الأعراق والأنساب والأديان,هي الخط الفاصل بين الحريات العامة والحريات الخاصة,هي تنظيم لحياة تحترم الآراء ولاتعممها على الجميع أو تفرضها على الآخر,هي أن تتقبل الآخر,دون أن تضع بينك وبينه حاجزاً من العيوب,هي أن تجد مع الأخر مايقربك منه ,لامايفرقك عنه,هي أن نتشارك في صناعة الحياة لاأن نقتلها,هي أن نجد حلولا علمية وليست غيبية لمشاكلنا.وهي في نهاية المطاف تتيح للجميع أن يعلنوا عن أنفسهم بوضوح دون الأختباء تحت تلك المظاهر المخادعة ,هي أن لانكون مزدوجي الشخصية كما يحصل الآن عند البعض من مروجي العلمانية والتدين.
وللحديث بقية…