ماذا يحدث في كردستان؟
منذ اسابيع واقليم كردستان لا يغادر صفحات العديد من المواقع الاخبارية الغربية والدولية، في ظل عدة “أحداث- أزمات” فرضت نفسها على مشهد الأحداث.
– مأساة المهاجرين الكرد العالقين على حدود بيلاروسيا يتهددهم الموت بردا وجوعا “بحثا عن وطن بديل”!
– تظاهرات السليمانية الطلابية الاحتجاجية بحجمها “الصادم” وبالعنف الذي جوبهت به!
– غرق المركب الذي حمل مهاجرين (يُرجح أن جلهم كرد) كانوا يحاولون العبور من فرنسا الى بريطانيا!
مع تلك الأحداث بات الكتاب والصحفيون الكرد يتلقون سيلا غير مسبوق من الأسئلة من الصحفيين الأجانب والمنظمات الدولية: لم نعد نفهم ما يحصل لديكم؟!.. اشرحوا لنا الصورة الدقيقة فالامور اضطربت وتداخلت عندنا؟!.. لماذا لا تُدفع الرواتب في أوقاتها؟..لماذا تهاجرون؟…. ماذا يحدث لديكم؟!
الواضح ان صورة الاقليم وازماته السياسية والبنيوية والاقتصادية والاجتماعية المركبة، ظلت طوال سنوات غير دقيقة حتى لدى النخب العراقية، وطبعا في الاعلام العراقي والعربي والغربي، في ظل مشهد الأبراج التجارية والسكنية والشوارع النظيفة والأسواق العامرة في مراكز المدن، وتحت أضواء سياحة المؤتمرات والمنتديات والمنظمات المحلية والدولية وعروضها السخية.
قبل تلك “الأحداث- الأزمات” التي أجبرت المهتمين “للتدقيق” في واقع الاقليم، كانت المناطق الكردية قد عاشت ودون اهتمام او انتباه “سلسلة أحداث” أظهرت حالة “عدم رضا” شعبية واسعة أكدتها نتائج الانتخابات التي قاطعها 65% من الناخبين الكرد، بنسبة تعد غير مسبوقة في كردستان، حتى ان الأحزاب الحاكمة خسرت مئات الآلاف من الأصوات التي كانوا يعتبرونها مضمونة كونها اصوات “كوادرهم وموظفيهم”.
فخلال نحو أربعة أشهر، لم تغادر مشاهد وأخبار الاحتجاجات “الصغيرة والمتوسطة” المواقع الأخبارية الكردية، وبسلسلة متوالية:ـ
– احتجاجات “نادرة” على انقطاع المياه في مدينة اربيل والتي استمرت لأسابيع.
– احتجاجات محاضري المدارس ومطالبتهم بتحويلهم الى موظفين او عقود، بعد سنوات من الانتظار. استمرت لأكثر من اسبوعين.
– احتجاجات اصحاب العقود ومطالبتهم بالتحويل الى موظفين دائميين، بعد سنوات من الانتظار. استمرت لأكثر من اسبوعين.
وتلك الاحتجاجات لم تكن صغيرة لكنها كانت متفرقة، فأصحابها يُعدون بعشرات الآلاف، في ظل توقف التعيينات بالقطاع الحكومي منذ 2014، وهي فترة شهدت تخرج نحو 200 الف شاب من الجامعات والمعاهد، غالبيتهم لم يحصلوا على فرص عمل مناسبة.
– احتجاجات خريجي المدارس الثانونية على القبولات في الجامعات، بعد ان حاولت الحكومة تحويل ثلثي المقبولين الى “الدراسة بالمال” تحت مسمى نظام (الباراليل) في ذات الجامعات الحكومية، او اجبارهم للتوجه للدراسة بالجامعات الأهلية.
– احتجاجات متقطعة لمواطنين على ارتفاع اسعار البنزين والنفط الأبيض والغاز، واخرى للسواق على زيادة الرسوم والضرائب في المعابر الحدودية.
– المشاهد المتكرر لعوائل “نشطاء” امام محكمة اربيل، وهم ينتظرون معرفة مصير أبنائهم المعتقلين بتهم مختلفة.
أمام تلك الاحتجاجات التي تشير الى وجود أزمات متراكمة، ظل قادة الاحزاب في عوالمهم الخاصة منقطعين عن الواقع تماما، ووصل الامر الى حد نكران وجود الأزمات وتسويق مبررات مكررة والحديث مجددا عن أيادي خارجية، وليس البحث الجدي لايجاد حلول لها، بعد ان سقطت “موجات مشاريع الاصلاح ومحاربة الفساد” المعلنة في امتحان التطبيق على أرض الواقع.
فالقادة لم ينجحوا في تقليل “التهريب” عبر الحدود وضياع ما بين نصف وثلث العائدات. ولا نجحوا في تقليل نسب المبالغ التي تذهب للشركات (الاستثمارية والحزبية) ولا تصل لميزانية حكومة الاقليم من عائدات النفط والتي ماتزال تفوق الـ50% بحسب التصريحات الرسمية. تقول رئيس برلمان الاقليم ان عائدات النفط تبلغ شهريا 900 مليون دولار، ما يدخل منها الى خزينة حكومة الاقليم هو 350 مليون دولار فقط!.
عراقيا لا يهتم قادة السياسة والادارة بواقع كردستان، فهي بالنسبة لهم مجرد محطة سياحية واستثمارية، واوربيا لم يكن أحد يسأل ماذا يحدث في الاقليم؟..حتى هدد مهاجروه حدود دول الاتحاد، وباتوا يتساقطون على ابوابه او تتقاذفهم قوارب الموت!
سامان نوح