ليس كمثلها أنثى: منمنمات حب شيرين ابو عقلة
نهاد الحديثي
عندما يغيب الشهداء بأجسادهم عنا، فإنهم لا يخسرون؛ بل نحن الذين نُستنزف بحزن قاتل يزيد من بشاعة هذه الحياة ومرارتها. أما هم فإنهم يلتقطون الفرح الموصول بالزمن اللامتناهي.. وتمتد أيامهم في عمر يزيد ويزيد ليعانق الخلود الأبدي في وحدة تصيّرهما معاً: عشقاً وفرحاً طليقاً—هكذا ينظر الفلسطينيون الى شهداء الارض والوطن , مواكب تتقدم، ودماء تتكلم، وأشلاء تتناثر، وأدمغة تتطاير، وأحشاء تُقاء من الصدور، إنها ساعات الكرامة، إنها عصور الرفعة، إنه الدم الذي يدفع ضريبة الفخار، وقسطاً من أقساط النصر، والعدو لا ولن يربح المعركة
بالامس انضمت الصحفية شيرين الى قافلة الشهداء برصاصة قناص اسرائيلي مجرم حقير ليصيبها بمقتل في الراس – فقتلوا امرأة تروي حكايات البطولة والجهاد الفلسطيني , ليس كمثلها انثى هكذا وصفها المشيعون بدموعهم وألامهم , شيرين دفعت مهر الانتماء
فلسطين.. ماذا أقول وقد فداك بنوك بالغالي والنفيس؟ يتدفقون نحو محاريب الشهادة، يتزنرون بالموت والنواسف والرصاص، تتكلم في أيديهم القنابل، ويصوغون من وحي إرادتهم مداد الثورة القاني, إذا تحدث متحدث عن الموت والدمار؛ فتذكر فلسطين، وإن سمعت عن بطولات شامخات؛ فتذكر صغار فلسطين، وإذا دار الحديث عن معجزات خالدات؛ فارفع هتافك ناطقاً: إنهم رجال المسرى وأبطال الأقصى، ورافضو المنفى، وعمالقة العز والدين
إنه ثمن عظيم، وتضحية باهظة قدمتها فلسطين على شرفات كل يوم يبرغ فيه النهار، كانت تنظر إليهم؛ وتودعهم نحو السماء يعرجون بأرواحهم بلا براق، يا هذه الأرواح الطاهرة، أيتها المآثر التي تقمصت ثوب البشر، أنى لنا أن ننسى – تحت أي ذريعة أو مبرر – جهد وعطاء وكفاح خير بني البشر؟ واسأل كل شاعر ومثقف وأديب.. ان لاتجف اقلامهم مع ذكر عناوين البطولة والفداء , كونوا كبارا في تخليد تضحياتهم , وفضح المجازر الصهيونية المتعاقبة من زمن الاحتلال البريطاني وحتى يومنا هذا,