Why we should all read to Destoveske فيودورديستوفيسكي يمثل جيل الواقعية السحرية ، أثرى المكتبة الروسية والعالمية ب 43 منجزا علميا أدبياً ، وهو واحد من أكبر الكتاب الروس ومن أفضل الكتاب العالميين ، وأنجازاته تلك كانت لها الأثر العميق في أدب القرن العشرين ، شخصياتهُ دائماً في أقصى درجات التأهب في أقناع المشاهد بالواقعية السردية وكأنّهم يقفون على حافة الهاوية والأستعداد للغوص عميقاً في النفس البشرية لكي يقدم وصفاً تحليلياً ثاقباً للوضعية السياسية والسوسيولوجية والروحية لروسيا في ذلك الوقت ، العديد من أعماله تعد مصدر ألهام للفكر والأدب المعاصر ، أنه أحد أعضاء جماعة التفكير المتحرر ( جماعة بيترا شيفيسكي )، وفي عالم ديستوفيسكي صراع بين الرحمن والشيطان والخير والشر والحقيقة والزيف وكل هذه الجائحات وفايروساتها المدمرة أستوطنت الذات البشرية .
أصدقائي الأعزاء من أراد منكم قراءة منجزات هذا الروائي العبقري أن يربط حزام الأمان لتغوص معه في رحلة شاقة فيها من الصعوبة لتصل إلى أغوار النفس البشرية ، وأنصح أن تقرأ كتبه بالترتيب لكونها تخضع لسايكولوجية النفس والتسلسل الزمني تتخللها أرهاصات الصراعات الطبقية ، ويريك من اليأس والأحباط وكأنك واقف على حافة الهاوية ، ولأن كل مذكرات أبطاله السابقة يذكرها في أعماله الأخيرة ، مثلاً أنا قبل أن أقرأ الأخوة كارموزوف قرأت : رواياته الأم ، الفقراء ، الأبله ، المراهق، المقامر، والجريمة والعقاب ، حينها تصل لملامسة ومعايشة الذات البشرية وهواجسها المتأججة في تلك الأعماق المظلمة هي ما تسمى النفس البشرية بأسلوب أدبي رفيع ، صاحب قريحة نادراً ما يجود بها الزمن ، وأنه ظاهرة أجتماعية فلسفية واقعية جادة ، أنك عندما تقرأ لهُ تتحوّل دراماتيكياً إلى كتبه الأخرى فترى الأنسان والحياة شيئاً آخر مختلفاً تماماً في نظر الروسي ديستوفيسكي ، وأن كل رواية تقارب الألف صفحة تتطلب التركيز خاصة في أسماء أبطال الرواية فيغيرها تارة بأسمه وأخرى بأسم العائلة ، لا تشعر بلحظة ملل قط بل تنتقل من دهشة لأخرى ومن أنفعال لآخر، هنا يحتاج إلى التمهل والتأمل والصبر لبريق اللحظات كي يستقر المغزى في الذهن ، فهو مفكرٌ وليس واعظاً يقول في روايته ( الأبله ) :
خيرٌ للأنسان أن يكون تعيساً وعارفاً من يكون سعيداً ومخدوعاً ، ويقول في روايته ” الجريمة والعقاب-ربما تبدو للبعض غريبة – { أيكون جريمة قتل قملة قذرة ضارة ، قتل عجوز لا يحتاج أليه أحد ، مرابية تمتص دم الفقراء ، إلا أن قتلها ليمحو أربعين خطيئة ، لا أضن أن هذا الفعل جريمة ، ولا أريد أن أتطهّر منهٌ وأكفر عنهُ } —-
ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية ، تفرّس وتأمّل في نفوس ورغبات البشر أحلامهم طموحاتهم ، وتلك الصراعات الداخلية بين الأنسان ونفسهِ وبينهُ وبين الآخرين كما قدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والأجتماعية والروحية لروسيا في ذلك الوقت ، والعديد من أعمالهُ المعروفة تعد مصدر ألهام للفكر والأدب المعاصر ، فهو كاتب قدير وعالم نفس محترف وفيلسوف فهم سايكولوجية أعماق النفس البشرية في زواياها المظلمة ، ورجل دين لاهوتي ومخابراتي بوليسي كما ظهر في روايته ” الجريمة والعقاب ” ، ففي عالم دوستوفيسكي تتصارع الأضداد الخير مع الشر ، الحقيقة مع الزيف ، الرحمن مع الشيطان الخلود والحرية ، والعدالة السماوية والأنسانية والغريزة ، الجنون والتعقل ، الأضطراب والأعتدال وبين الجن المارد الشرير والجن الملائكي المسالم ، وبين الأنسان السوي والمراهق ، وبين الأهبل والعاقل السوي وكل ذلك في أعماق نفس الأنسان .
وهكذا هو الأمر في الأرض والسماء ، لذا أن قراءة ديستوفيسكي تتطلب الأنصاف والتأمل وذلك من أجل الدخول إلى الروعة الكامنة في أعماق الواقع ، فهو يدفع الأنسان بأن يميّزْ بين الخير والشر ، ويرى أن نهب محبتنا للرب أحراراً دون أن ننصاع لهُ عبيداً .
يقول فيه ( فرويد ) تعلمتُ سلوك النفس البشرية من روايات ديستوفيسكي ، وقال فيه الفيلسوف هيغل 🙁 يمكن أن يكون في موقع النبي المصلح) ، وأمتدحهُ الفيلسوف الوجودي ” مارتن هديجر ” وعالم الرياضيات الحديثة ” لودويك ، وعالم الفيزياء ” أنشتاين ” أذاً فهو أستاذ كل الأزمنة ، دوستوفيسكي ذلك الروائي الروسي عليم بميتافيزيقيا الكينونة البشرية وبنهايات ممزوجة بالبراكماتية مطابقة للواقع ، تمكن من فك شفرة الأنسان والغوص في أعماقه ، تمكن من أن يلخص البشرية بأكملها ضمن صفحة واحدة فقط ، أي عقلٍ أي روحٍ أية أمكانياتٍ وأي أيمانٍ وأية طاقة وووأي فكرٍ يحملهُ هذا الرجل ؟؟؟ في صراعات البشرية جميعها تتجسد بعوالم يصنعها على الورق لشخوص خيالية بقدر ما هي واقعية ، من أعماله الثرة { المساكين ، الشبيه ، بيت الموتى ، الجريمة والعقاب ، المقامر ، الأبله ، الشياطين ، الزوج الأبدي ، مراهق ، حلم رجل مضحك ، مذكرات كاتب ، زوجة رجل آخر وزوج تحت السرير} وتعتبر رواية ” الأخوة كارامازوف” قمة أعماله وواحدة من الأنجازات العليا في الأدب العالمي بشهادة عظماء الفلاسفة والباحثين والمفكرين من أعلى القمة الهرمية للأدب العالمي ، ولد في موسكو عام 1821 – وتوفي عام 1881م .
ببراعة سحريةحول بعض من رواياته إلى روايات بوليسية جعل القاريء لا يهتم بالقاتل أكثر مما يهتم بالأسباب والدوافع بالوجود الأنساني وتعريتها من جلبابها المزيف بتحليل وثيق لكل شخصية فأوصى بنظرية سايكولوجية { أن مقياس درجات الرذيلة هو مقياس واحد بالنسبة للجميع وحتى أن أختلفت بالدرجات لأن لطخة السوء تبقى }.
فديستوفيسكي – حسب قناعتي – في روايته المتألقة ” الأخوة كارمازوف ” أسس لنظام طبقي طوباوي شبيه بالمدينة الفاضلة الفنتازية الخيالية ، الذي لا يقوم على عرق أو دين بل على الأخلاق ، وكان محور البناء الفني للرواية هو الخير والشر في نزاع شرس وقتال دموي بكافة الأسلحة المحرمة لينتصر أحدهما ، فأوهم الشر نفسه أنهُ المنتصر في الرواية بقتل الأب وسجن الأبن مؤبد في سيبيريا ، وموت الأبن الغير شرعي القاتل الحقيقي بمرض الصرع ، وضياع الأسرة ، لكن بقاء الأبن الصغير ( أليوشا ) البراءة والطيبة والجمال فهوالأخ الورع النقي والمسالم الشمعة التي تضيء دروب الأسرة المظلمة وهذا يعني بقاء الخير والسلام والوئام وقبول الأخر هو المنتصر في النهاية .
كلمة أخيرة /أن الصراع بين الخير والشر أزلي تأريخي بين قابيل وهابيل ، أنتصر الجلاد قابيل بقتله أخيه هابيل ولكن الضحية هابيل أنتصر بحصوله على رضا الرب ووسام الذكر الحسن ، كذلك الشخوص القيادية الدكتاتورية قد تحكموا برقاب العباد لفترة من الزمن مثل نيرون هتلر جاوجيسكو صدام لأرتفاع نسبة الشر في دمائهم حد البلازما فلطخوا بدرجات من الرذيلة التي تنبأ بها مؤلف الرواية العبقري ديستوفيسكي ، وقد يزول الظالم الشرير كما زال في العراق بيد أن الظلم بقي بعد 2003 لسيطرة بعض أصحاب القرار الأشرار الذين مزقوا الشعب وباعوا الوطن وفتحوا أبوابه أمام عصابات الكراهية والموت وبرابرة خارج الزمن العصابات الداعشية وتحكمها في رقاب العراقيين والسوريين وتكفير جميع من في الأرض ولكن سرعان ما أن يزولوا كأشرار وقتلة أمام المحررين الأخيار ، والحوارالفكري في حب الخير ونبذ الشر وتكريس السلام وقبول الأخرين—–
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
آب2020
مراجع وهوامش
كتاب الأخوة كارمازوف / ترجمة سامي البارودي2010
دوستوفيسكي – ميخائيل باختين – ترجمة جميل نصيف التكريتي- 1986م