محمد محسن أبو النور
حكاية موسى و الطفل المعجزة
في نقابة الصحفيين بوسط العاصمة المصرية ، وتحديدا على ال Roof Garden ، وفيما كنت أتأهب لتصوير إحدى حلقات مسلسلي التسجيلي الجديد عن العلاقات العربية – الإيرانية ، قابلت الزميل الأستاذ محمد منير الذي فاجأني بسؤاله : لماذا كل هذا الهجوم على عمرو موسى ؟ هل هي مسألة شخصية ؟ أم تصفية حسابات قديمة ؟ أم ماذا ؟ أنا شخصيا سوف أصوت لمصلحة البرادعي في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، وكان قد قرأ المقالات والتعليقات والتفنيدات التي أنشرها على صفحة جروب لا لعمروموسى “المسن ” رئيسا لمصر ” الشابة ” ، وانتظر الرجل حتى أجيب على تساؤلاته التي أوقن أنها بريئة بالفعل.
الجدير بالذكر أن الأستاذ منير كان قد اندهش من كم الهجوم الذي تعرض له عمرو على صفحة الجروب ، لاسيما وأنه يعرف طبيعتي الشخصية ويعرف عني أنني – دائما – ما أجنح للسلم ويوقن في أعماق ضميره أن محمد أبو النور ما كان ليهاجم أحدا بتلك الصورة لولا أن الأمر جلل لا يحتمل الصبر أو حتى المداهنة.
لم يدهشني الأستاذ منير بتساؤلاته السابقه لكنني ادهشته اندهاشا اضافيا بعد ما سمع مني أنني أدين لعمرو موسى بجميل كبير ؛ حيث تبنى الرجل موهبتي كمندوب في الجامعة العربية منذ بضعة أعوام ، واستطاع أن يكرس ثقتي في ذاتي بعد عدة مواقف يعرفها السادة الزملاء خرجت منها نجما فوق العادة وكثيرا ما كانوا ينعتوني ب ” الطفل المعجزة ” بعد حواراتي التي أدعي أنها كانت رصينة ومداخلاتي المسئولة مع ضيوف الجامعة العربية الأمر الذي جعل رجل مثل موراتينوس ، وزير الخارجية الإسبانية ، يعرب لعمرو موسى إعجابه بي كشاب مصري بعد حوار قصير دار بيننا بالإسبانية و التي يعرف موسى أنني أتحدثها بطلاقة.
لقد نجح موسى في استعمالي لمصلحته ونجوميته الشخصية بل نجح – كما لم ينجح رجل قبله – في تكريس طاقاتي و كذلك الموهبين من زملائي ، و ما تعلمته كرصيد إضافي مضاف إلى حساباته المتراكمة لدى ضيوفه من الشرق والغرب.
أتذكر وأنا أكتب تلك الأسطر الجملة التي قالها لي – أقصد موسى بطبيعة الحال – وقت زيارة السيد بارازاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق ” شكلك بتفطر كويس يا محمد ” ، وكان يقصد اندهاشه من غزارة الأسئلة ووجاهة التعليقات والمداخلات ، فضلا عن بانورامية الرؤية و دقة التحليل.
انتظرت حتى استوعب الأستاذ منير اعترافي و أتصور أنه لم يكن مندهشا بقدر كبير لأنه يعرف قدرتي على الاعتراف بالفضل والعرفان بالجميل ؛ وشارع عبد الخالق ثروت بالكامل يعرف مواقفي ويعرف ماذا فعلت وما هي عقيدتي في مثل تلك الأمور.
أعود لكي أسمع السؤال التالي الذي وجهه الأستاذ منير : وإذا كنت تعترف بهذا وإذا كنت تقول إن موسى جعل منك نجما وسط أقرانك و استطاع أن يكشف قدراتك و يحفز طاقاتك فلماذا تنتقده بهذا الشكل ؟.
لم أنتظر حتى أفكر ولم أتريث في الرد فقد كانت بديهتي ماثلة للحدث فخرجت كلماتي مثل الشهادتين من لسان لافظ وقلب حافظ مفعم باليقين بما أقول ، يا أستاذ منير المسألة أكبر مني ومن الشخوص المسألة تتعلق بمصر ومستقبل وطن بحجم مصر وإذا لم يقف الشبان أمثالي الذين شاركوا في صناعة الثورة ويكشفوا للمصريين الشرفاء الطبيعة الأيدلوجية لموسى – خاصة و أنا أعمل بالقرب منه لسنوات – فمن يفعل ؟.
صحيح إن لموسى فضل شخصي ملحوظ علي لكن ؛ هل من الواجب أن أرد لمصر الدين وأشارك في خداع شرفائها بأن أكون ساكت عن الحق الذي أعرفه وأن أكون كاتم لعلم ومعلومات لا يعرفها إلا المقربون من موسى وعلى النقيض مني يقف زميلنا محرر الجامعة بالأهرام العربي بعدما توسط له موسى للتعيين بالأهرام وحوله من صحفي بالقطعة في صحيفة الشعب المناضلة إلى صحفي من أصحاب السيارات الفرنسية والشقق التمليك.
هل تريدني مصر أن أفعل مثل هذا الزميل الذي يدافع عن موسى بالروح والدم في حملته الرئاسية ويقسم بالله أن موسى لا يتعاطى الخمور و أنه ، رضي الله عنه وأرضاه ، لا يترك فرضا لدرجة أنني تصورت وأنا أستمع له وهو يسوق لأفكار موسى و لورعه وتقواه أنني أسمع روايات قديمة – حديثة عن الليث بن سعد العابد ، والفقيه المصري الشهير.
للأستاذ محمد منير مكانة مرموقة في وعيي و لموسى يد أتعهد أمام الله أن أوفيه بها إذا طلب مني شيء في يدي أو في استطاعتي لكني لا أمتلك مصر و هي بطبيعة الحال ليست عزبة والدي كي أهادي بها من أشاء و أحابي بها من أدوا أدوارا في مسيرتي المهنية.
و يشهد الله أن قلمي وقلم زملائي و رفاقي و إخواني على الجروب نظيف لم يلوث بعد و أعهد إلى الله أن يظل كذلك ما حييت و ما دامت مصر حرة مستقلة.
إن مصر أمانة والكلمة أمانة و شهادة الحق أمانة والبوح بالعلم أمانة و مصر ولادة و فيها رجال قادرون على تحمل المسئولية ؛
أبى من أبى و تنحى من تنحى ومات من مات.