لخلافات الزوجية والعنف الآسري
نهاد الحديثي
تُعدّ الخلافات فاكهة الحياة الزوجيّة، وأمراً طبيعيّاً يحدث في مُختلف العلاقات الاجتماعيّة، ففي هذه الحياة لا يوجد شخص كامل، لكن الحياة الزوجية الناجحة تتطلب وجود الحوار البنّاء بين الزوجين، ورغبتهما في الاستماع والتعاون معاً؛ لتسوية الخلافات وإيجاد حلول جذريّة لها قبل أن تتفاقم، إضافةً لتحوّيلها إلى نقاط إيجابيّة قد تكون سبباً في توطيد العلاقة بين الزوجين، وزيادة الحب والمودّة بينهما، إذ يُحاولا التناغم والانسجام معاً، ويتشاركا السعيّ للرقيّ بأسرتهما، والتجاوز عنها وتصحيح مسار حياتهما، وخلقٍ بيئة منزليّة هادئة وسعيدة لأطفالهم، كما توضح الدراسات بأنّ العلاقات الزوجيّة الناجحة لا تخلو من المشاكل والخلافات، لكن بالمقابل وجد أطرافها طُرق فعّالة لعلاجها، وتخطيها بنجاح؛ ليحافظو على العلاقة الوديّة الطيبة بينهم
اليوم هناك حقيقة يفضل أن نفكر فيها بشكل عقلاني وواقعي، وهي أن جميع الأزواج سيكون لديهم اختلافات وخلافات في زيجاتهم لحقائق عديدة منها أننا جميعنا نشأنا في عائلات مختلفة، وفي ظل أنماط تربية مختلفة وبقيم روحية وأخلاقية مختلفة. ثم هناك اختلافات دراماتيكية بين الرجل والمرأة جسديًا وعاطفيًا وهرمونيًا. بالإضافة إلى ذلك يمكن لخلفياتنا الجغرافية أو الثقافية أن تؤثر علينا، وأغلب هذه الأمور تبقى فردية حتى نتزوج حيث تظهر هذه الفروق واضحة جدًا عندما نعيش معًا، ونتفاعل ضمن الروتين اليومي لعلاقة الزواج وبالتالي، فإن هذه الاختلافات العديدة هي السبب الذي يجعلنا نكافح كثيرًا في رغبتنا في الاتحاد في علاقة جسد واحد ورأي واحد بدون نزاع وقد يتطور هذا الكفاح إلى نزاع, وجهة النظر الأكثر شيوعًا للتوافق اليوم هي أنه إذا كان لديك العديد من الأشياء المشتركة مع شريكك الزوجي فأنت تعتبر متطابقًا ومتوافقًا ومن المتوقع أن تمشي أموركم على أكمل وجه، ولكن من خلال التجارب أعتقد أن التوافق لا يقاس بعدد الأشياء المشتركة بينكما، ولكن يتم قياسه من خلال كيفية حل الأشياء التي لا تشتركون فيها, تفاقم الخلافات ربما تعود للمشاكل المادية والصحية التي تنعكس بالطبع على الحالة النفسية والمزاجية وتؤدي لانعدام العلاقة الزوجية ولضغط نفسي شديد جراء عجز أحدهما عن الوفاء بواجباته نحو الآخر، مما يؤدي إلى الإقدام على العنف والجريمة للهروب من الواقع المؤلم الذي يعيش فيه الزوج أو الزوجة المقصر أحدهما بحق الآخر ـ وهذا ما يحدث غالبًا ويدفع للقتل
اليوم نرجسيتنا أو أنانيتنا قد تكون العامل الفاصل في العلاقة، فمثلاً لو أخذنا ورقة ودوّنا كل الاختلافات الرئيسية التي لدينا مع شريكنا ورتبناها حسب الشدة والتكرار ثم كتبنا بجانب كل اختلاف كيف نتصرف بأنانية في كل خلاف فسنجد من المدهش أننا نميل بشدة إلى تكريس أنانيتنا ونرجسيتنا وندافع عن تلك الأنانية بكل ما نستطيع من قوة وحجج ونتحول إلى وعاظ نستدل بالقيم الدينية والثقافية والعرفية حتى نثبت أننا على حق وأن الآخر مخطئ، ونفجر في الخصومة والعنف المعنوي لدرجة نجعل من الشريك يعاني من الإرهاق العاطفي والاكتئاب الشديد,فماذا يحدث عندما توجه الاتهام والإدانة إلى شريك حياتك في الحياة الزوجية بدلاً من فحص أخطائك؟ أعتقد ومن التجارب المهنية بأن الفروق بينكما ستصبح أكثر وضوحًا، وتتسع فجوة الانفصال وفقدان العلاقة الحميمة،, عليه ماذا يحدث عندما توجه الاتهام والإدانة إلى شريك حياتك في الحياة الزوجية بدلاً من فحص أخطائك؟ أعتقد ومن التجارب المهنية بأن الفروق بينكما ستصبح أكثر وضوحًا، وتتسع فجوة الانفصال وفقدان العلاقة الحميمة، لذا يجب أن نتذكر أن مثل هذا السلوك لن يحل أي شيء، حيث يفضل أن يُنظر إلى التعامل مع الاختلافات بطريقة كتابية على أنه خيارك الوحيد ثم نبدأ في طريق الحل بدلاً من التوجه في الاتجاه نحو المزيد من الغربة؟ مع مرور الوقت تزداد الضعوطات والمسؤوليات الاجتماعيّة والأسريّة للزوجين، فكل منهما لديه العديد من الأعمال، بدءاً من العمل خارجاً وكسب المال، إلى تربية الأطفال والعناية بهم، إضافةً للمسؤوليات الاجتماعيّة التي توجب عليهم التواصل مع العائلة والأقارب،اعمال التنظيف والعناية بالمنزل، وغيرها الكثير، ما قد ينتج عنه بعض الخلافات حول دور كل منهما، وإمكانيّة مساعدته للطرف الآخر، فانعدام التفاهم وغياب الدين،يؤدي لجرائم قتل الأزواج والزوجات , وهو مانشهده حاليًا من حوادث سفك دماء داخل بيوت الزوجية وأمام الأبناء كأن الأمر صار عاديًا، وحلاً سهلاً وسليمًا وعبقريًا لإنهاء أي مشكلة بين الزوجين، رغم أن ما يحدث كارثة ومصيبة داخل المجتمع، وأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام بل يجب على أجهزة الدولة وبالأخص الإعلام دق ناقوس الخطر وتسليط الضوء بشكل كبير وقوي على مسألة تزايد العنف الأسري والجريمة بين المتزوجين لتقديم حلول جذرية يستفيد منها الشباب وغير الشباب حتى لا تتكرر وتتزايد تلك المشكلة ونجد أنفسنا أمام ظاهرة يتناولها الإعلام الغربي لتغافلنا عنها.وشخصيا لا احبذ أن يتدخل أحد بين أي زوجين، فاستعينوا بمن هو قدوة لكم ويمتاز بالحكمة والصدق وعدم التحيز لأحد كالأب أو العم أو الخال أو الجد أو غيرهم من الأهل بشرط أن يكون حكمًا عدلًا حتى تهدأ الأمور ولا يصعدها، ولا يصل بالطرفين في النهاية إلى الشقاق والطلاق، إعمالاً بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا,, ويؤكد علماء النفس ان الحسد هو السبب الخفي هو نوع من النفوس الشريرة التي تتمنى زوال النعمة عن الغير، وهذا هو الحسد؛ فالحسد هو تمني زوال النعمة على المحسود أيًا كانت، سواء في صحته، أو أولاده، أو استقراره، أو مادياته، أو وظيفته وغيرها، وهو شيء حرام، ولكن لولا وجوده في حياتنا ما أنزل الله سورتي المعوذتين لحمايتنا وتحصينا منه، كما أن السنة الشريفة قد ذكرت الكثير من الأذكار التي تقينا عواقبه غير محمودة، ولهذا أجد أن أكثر الناس الذين يصابون بالعين هم الذين لا يتحصنون بتلك الأذكار، فهؤلاء يكون من السهل إصابتهم بالعين من حاسديهم. أن الحسد حق وثابت بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، لقوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}، وقول نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر)، وإن واقعنا قد أيده بدليل أننا قد نجد أشياءً تحدث ليس لها سبب ظاهري بل خفي
اليوم قد نتساءل مع كل هذه الاختلافات كيف يمكن لشخصين أن يكونا متوافقين ويعيشان في وئام؟ وهل من الممكن أن نجد شخصًا متوافقًا معنا على مستوى الواقع؟ وهل من المعقول الاعتقاد بأن شخصين يمكن أن يكونا متشابهين في التفكير؟. بعبارة أخرى، السؤال الحقيقي هو: ما مدى استعدادك للعمل على حل خلافاتك؟ هذا ما سيجعلك متوافقًا مع شريك الحياة, التفاهم يظل قائمًا موجودًا دومًا إذا أرادا ذلك