لا مفر من العدم
دائما نلعن الحاضر نشتمه نصفه بأبشع الصفات ، ،متحسرين على الماضِي المجيد , حالمين بالآتي المحمل بالمسرات و النجاحات … إنها مجرد ميكانيزمات من مخلوق ضعيف ينتهج النواح والبكاء على الأطلال أسلوب حياة ، فلمْ يكن واقع الإنسان يوما بأحسن حال , كل عصوره حروب و مذابح ،دماء و جماجم ، كوارث بيئية أوبئة و أمراض مستعصية … ، محن إيعاقات جسدية و ذهنية عاهات تشوهات خلقية … ،
إن الإنسان ابن الألم و المعاناة يولد من رحم الأسى و يستميت في التشبث بادعذه الحياة بحلوها ومرها محاولا البقاء إلى أجل أطول من المسمى ،و بالمقابل وبكل أنانية يتفنن في إهلاك غيره من نبات وحيوان و حتى ابن جلدته الانسان ، وراح بكل الطرق المتاحة واللامتاحة يحلم بالخلود ويبحث عن إكسير الأبد ية ولو بعد موته .. لكن في الحقيقة حتى الخلود معناة كبرى ، والغرق في الملذات الحسية أو حتى الروحية إلى المالانهاية سيجعلها أمرا غير ممتع بل مجرد روتين خال من أي إيثارة ، كما أن الغرق في الحرمان و تعذيب الذات يحوله إلى وحش ضار شرس بلا قلب … قنبلة موقوتة لو انفجرت لأشعت أثارها السامة إلى بضعة قرون … فلا مفر لك من العدم أيها المخلوق المسكين …وكل ما يجب عليك فعله هو أن تجعل حياتك الآنية أجمل بقدر ما استطاعت … وذلك بنشر الحب والرحمة والتعاضد … ويوم ترحل تترك هذا العالم أكثرأمانا للأجيال اللاحقة … فلا البكاء على الأطلال يحيي الموتى ولا انتظار الخوارق يجدى نفعا …حسيبة طاهر